|
تحولات المكان المسرحي .. وسوء الفهم !!
صميم حسب الله
(Samem Hassaballa)
الحوار المتمدن-العدد: 2914 - 2010 / 2 / 11 - 21:42
المحور:
الادب والفن
صميم حسب الله كلية الفنون الجميلة –بغداد
العرض المسرحي ساحة واسعة من المعرفة ، الا انه معرفة قائمة أساساً على الافتراض بدءاً من كاتب النص وإنتهاءاً بالمتلقي ومابينهما فسحة كبيرة من الافتراضات القائمة على مجموعة من العناصر أهمها المخرج.. الذي يعد صانع الافتراضات الاول. ذلك أن القراءة الاولى لأي نص مسرحي..إن لم تخلق إفتراضاً (مكانياً وزمانياً) لدى المخرج ؛فإن ذلك يشير الى عدم وجود انسجام بين فكرة النص بالاساس ، واسلوب المخرج وتوجهه الفكري. وقد تمر هذه الافتراضات بتحولات عدة قبل مرحلة الانجاز النهائي، لأن الخيال هو اللاعب الاساسي في ساحة الافتراض ، ويشكل عنصراً لاحدود لأبعاده في قراءة النص المسرحي والابحار عبره الى عوالم جديدة. وقد يتأسس على ذلك تغيير في المكان الذي اقترحه المؤلف إبتداءاً، وهذا مايحصل في معظم الاحيان، ذلك ان المخرج القارئ والباحث في النص المسرحي عن المنطلقات الجمالية والفكرية والتي هي بطبيعة الحال تختلف في الكثير من الاحيان عن منطلقات المؤلف الفكرية والجمالية ،الافي حالات خاصة تتمثل في قراءة مشتركة بين (مخرج ومؤلف) لفكرة معينة بهدف الوصول الى رؤى متقاربة في صناعة العرض المسرحي، وهذه بدورها حالات لاتتكرر كثيراً لسبب قد يبدو منطقيا من الناحية العميلة ،الاوهو ان المؤلف من جهته يبحث وبشكل دائم عن صياغات "حوارية" يكشف عبرها عن قدراته في صنع الصورة المتخيلة والناتجة عن النسيج اللغوي المحكم في التفكيروالبناء ، ومن جهة اخرى فإن (المخرج المعاصر) يحث الخطى سعياً وراء افتراضات ورؤى اخراجية تختزل النص المسرحي وتكثف اللغة فيه وتحولها ، الى اشارات وعلامات ذات مدلولات مختلفة ، او الى همسات وصرخات، تختزل ذلك المتن السردي الذي يمسك المؤلف المسرحي من خلاله بالطرف الآخر للعملية الابداعية، والتي يحولها المخرج بدوره الى صور بصرية تعبر عن الفكرة بأشكال جمالية متعددة ، ومحولاًً في الوقت نفسه البناء الدرامي بإعتباره متن نصي ثابت ،الى متن صوري متغير ومتعدد الرؤى والقراءات. ان للتحولات المكانية اثرها على جميع عناصر العرض المسرحي والتي يتاثر قسم منها بشكل مباشر كما هو عند (المخرج - الممثل) ويتاثر البعض الآخر بشكل غير مباشر كما هو الحال مع (المؤلف المسرحي) اما العناصر التي تساهم في تشكل العرض المسرحي (الموسيقى والاضاءة والديكور والازياء) فهي تعود في النهاية الى قدرة المخرج في كيفية تكييفها في المكان الآخر (المتحول) وحسب فرضياته الاخراجية التي تتحول في أغلب الاحيان تبعاً لمكان العرض، وقد يقع المخرج فريسة لتصوراته ولأصراره على رؤيته الاخراجية التي سبق له وأن ابتكرها في مكان معين، كأن يكون (مسرح العلبة) ، ويرفض ان يغير تلك الرؤيا ليقدمها في مكان آخر يختلف تماماً عن مكانه السابق الذي أسس عليه افتراضه ، فإذا ماتحول مكان العرض من (مسرح العلبة) الى (فضاء مفتوح) على سبيل المثال، وجب على المخرج القيام بتحويل افكاره وايجاد فرضيات جديدة تتجانس مع بنية المكان ، والذي قد يمنح للمخرج فرصة من نوع اخر لأكتشاف قدراته الاخراجية وتحفيز خيالاته نحو عرض مسرحي يحمل معه بصمات التجربة المكانية الجديدة. من جهة اخرى قد لاتأتي التحولات في صالح العرض المسرحي وذلك لأسباب أخر اهمها، عدم قدرة المخرج على ايجاد البدائل سواء بهدف خلق بيئة جديدة تتلائم مع المكان (الآخر) او عدم قدرته على تكييف الممثل وتفاعله في التعامل مع الفضاء الجديد بروح افتراضية فاعلة، تقترب من تحولات المكان. وكثيراً ما يقع المخرج في هذا المأزق وخصوصاً تلك التحولات التي تحصل اثناء المشاركة في المهرجانات المسرحية ، ويعود السبب في ذلك على ان تأسيس المخرج للعرض المسرحي قبل المهرجان يكون قائماً على أفكار ورؤى بصرية وأداء ممثل يتناسب مع مكان له مواصفات معينة ، يعده المخرج أهم مستلزمات نجاح العرض المسرحي ، وقد يتغير الحال عندما يتغير مكان العرض ، ومع شحة في الزمن والتي لاتعطي فرصة للمخرج او لفريق عمله من اجل التكيف مع المكان البديل ، ممايؤدي الى وقوع العرض المسرحي في اشكالات كثيرة سواء على مستوى الفرضية الاخراجية او اداء الممثل وثقته بنفسه ، والتحول الحاصل في سينوغرافيا العرض والتي تغير من وظيفتها الاساسية في مساندة المخرج لصناعة المشهد البصري، وتتحول الى بهرجة لونية وديكورية لاتقترب من العرض المسرحي ولا من الافكار التي كان المفروض ان تساهم السينوغرافيا في صنعها. ليتحول العرض الى فوضى ويفقد فيه المخرج والممثل القدرة على ايصال أبسط الافكار التي كانوا قد نجحوا في ايصالها الى المتلقي في مكان كان المخرج قد أسس فيه فرضياته الاخراجية والفكرية والجمالية.
#صميم_حسب_الله (هاشتاغ)
Samem_Hassaballa#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
المزيد.....
-
-ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
-
-قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
-
مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
-
فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة
...
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|