صالح الشقباوي
الحوار المتمدن-العدد: 2914 - 2010 / 2 / 11 - 14:19
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
ولدت الحركة الصهيونية من رحم الفكر الغربي الليبرالي وواكب وجودها التحولات الاجتماعي والسياسي التي جرت فوق مساحات الخارطة الاجتماعية والسياسية الأوروبية
بعد تحولها من النظام الإقطاعي إلى النظام الرأسمالي, فقد اعتقد البعض من قادة الحركة الصهيونية أن اليهود في أوروبا يعيشون حياة غير طبيعة وسط مجتمعات طبيعية, وان هناك مسألة يهودية ولدت في ظل هذه التحولات الضخمة التي مست البنية الأوروبية بكل أبعادها؟؟ لذا فقد نادوا بحلها من خلال إقامة دولة وظيفية يهودية في فلسطين تجمع شتات اليهود المنفيين.. وتحقق طموحاتهم القومية وتصون لهم ذاتهم وتحفظ هويتهم وكينونتهم ألمبعثره.
علما أن هناك فوارق بنيوية وفكرية كبيرة بين الحركة القومية الأوروبية التي تعتبرانها امتدادا طبيعيا لتطور النظام الرأسمالي, وامتدادا لمصالح البرجوازية الأوروبية الصاعدة صاحبة الوجود القومي الطبيعي ذات الأرض المشتركة...وهذه العوامل والمقومات تفتقدها عمليا ومنطقيا الحركة الصهيونية وهنا تبرز المفارقة بين الوجودين,
فالدولة الأوروبية القومية قامت تحت تأثير وإلحاح الحاجة الوطنية الأوروبية.. أما الدولة اليهودية فقد قامت تحت رغبة وحاجة دولية امبريالية لها علما أن قادة الوجود الصهيوني السياسي أرادوا أن يقيموا دولتهم على مكان خال من السكان وهذا المكان لم يوجد إلا على القمر؟؟ لذا فقد مارسوا الاستعمار الأحلالي.. الذي يحتل المكان ويمارس الإفراغ ألسكوني التام وهي الخاصة المميزة للاستعمار الصهيوني في فلسطين..خاصة الإحلالي
فالإحلال والطرد هما خاصتان تنفرد فيهما الصهيونية وهما مصدر صهيونيتهما؟؟
فقد اقترح بن غور يون على ديغول أن يتبنى الشكل الاحلالي من الاستعمار الاستيطاني حلا للمشكلة الجزائرية... بعد أن تمارس فرنسا سياسة إفراغ المنطقة الساحلية من سكانها الأصليون العرب ويوطن فيها الأوروبيون لوحدهم ويقيمون المستوطنات ثم تعلن دولة مستقلة يتمتع سكانها بحق تقرير المصير...وقد رد علية ديغول :قائلا"أتريدني خلق إسرائيل أخرى"؟؟؟ فالاستعمار الاستيطاني الفرنسي للجزائر اختلف عن الاستعمار الاحلالي الصهيوني والغربي خاصة في جنوب إفريقيا وأمريكا..فلاستعمار الفرنسي في الجزائر تقليدي نشأ في دولة كاثوليكية بينما الاحلالي نشأ في دول بروتستانتية عقيدتها تسهل من عملية نقل السكان لأنها تتم تنفيذا لأوامر السماء المقدسة .
خاصة وان هناك كنيسة قومية التي تخص مجموعة من البشر لها نفس الانتماء العرقي او الطائفي كما هو الحال عند الكنيسة الهولندية الإصلاحية والتي لا تسمح للسود بالانضمام إليها(اعتمادا على الطابع الإنجيلي) الذي يعتبر أن من يطردون يقعون خارج دائرة الخلاص والغفران والتوبة..أما الكنيسة العالمية فهي التي تحضن أي إنسان يعتنق تعاليمها.. وهذا المنطق وهذه الرؤية الكنسية تصعب من مهمة أصحاب النمط الاحلالي من الاستعمار.
#صالح_الشقباوي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.