أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق - عادل امين - العراق المتوسط















المزيد.....

العراق المتوسط


عادل امين

الحوار المتمدن-العدد: 2913 - 2010 / 2 / 10 - 20:48
المحور: ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق
    


المجتمع العراقي، مجتمع ذو تركيبة متنوعة، دينياً ومذهبياً وعرقياً، و لأغلب مكوناته الكبيرة إمتداد إقليمي، سواء على شكل دول أو شعوب، وشائج العلاقة بين هذه المكونات وإمتداداتها الإقليمية متينة ، وهذه المتانة فرضها واقع الصراعات بين القوى الإقليمية ، وتزداد عرى هذه العلاقة كلما شعر أي مكون بالضغوطات أو التهديدات من الآخر الذي يستقوي بعمقه الإقليمي ...الخ، وقدرُ العراق أن يتوسط ثلاثة عمالقة، وهم يتصارعون فيما بينهم، منذ قرون عديدة صراعاً مستميتاً، على العراق، ألا وهم، العرب والفرس(الصفوي) والترك(العثماني)، الذين حولوا أرض العراق إلى مسرح لتحقيق مطامعهم ومطامحهم و لتصفية حساباتهم ، وخلال تلك الحقب الزمنية الطويلة، كان أبناء الرافــدين بكلِ مكوناتهم وقوداً لهم ولمعاركهم، فأثناء الغزو العثماني تُذبح شيعة العراق، وفي الغزو الفارسي تُذبح سنة العراق، وأثناء السيطرة العربية تُرمى شيعة العراق إلى خارج الحدود وتشن حملات الإبادة بحق الأكراد والأعراق الأخرى ، لقد حاولت وتحاول تلك القوى الإقليمية على جرف العراق، وزجه عندما يكون قوياً كطرف في تلك الصراعات فيما بينها، مثلما حدث في الحرب العراقية ـ الإيرانية أو تحويل ساحته عندما يكون ضعيفاً مسرحاً لحسم تلك الصراعات كما هو الآن، أو استخدامه كمعادلة في الصراعات الدولية، كما هو الحال في الصراع الأمريكي ـ الإيراني، وفي نهاية المطاف العراق هو الخاسر الوحيد وطناً وشعباً، ومن هذا المنظور، فأن سيطرة أي مكون عراقي بمفرده على زمام الوضع السياسي فيه والإستقواء بعمقه الإقليمي، تتولد منه مخاطر إذابة الشخصية المعنوية للكيان السياسي العراقي وربط قضاياه، بالقضايا والصراعات الإقليمية ، ولنا أمثلة كثيرة ، في خمسينيات القرن الماضي عندما شعرت الحركة القومية العربية بخطر التيار اليساري، حاولت إذابة العراق في مشروع الوحدة العربية الفورية، وعندما زالت تلك المخاطر، أدارت ظهرها على مشروعها الوحدوي، واستقدمت في مراحل معينة من حروبها الداخلية (عام 1963) قوات عربية لمحاربة شركائه في الوطن، وبالمقابل لم يتوان التيار السياسي الشيعي ولا لحظة واحدة من اللجوء إلى ولاية الفقيه وربط العراق بها عندما يداهمه الخطر الداخلي، وزجه في أن يكون طرفاً مباشراً في الصراعات الإقليمية، وربما أكثر من ذلك .
من هنا أريد الدخول في موضوع إقصاء صالح المطلك، وأقول، لم تحظَ شخصية سياسية معارضة داخل العملية السياسية، مثلما حظي به صالح المطلك من الدعم والإسناد والتضامن من الكثير من الأحزاب والشخصيات السياسية العراقية والعربية والاجنبية ، أثناء صراعه مع هيئة المساءلة والعدالة، عندما أصدرت الهيئة المذكورة قرارها بمنعه هو وكيانه من المشاركة في الإنتخابات البرلمانية، ومردّ ذلك التضامن ليست لميزات شخصية يمتاز بها المطلك، دون غيره ، عندما هبت تلك المجاميع للدفاع عنه، حتى بمن فيهم من الوطنيين والديمقراطيين الذين لا يستسيغون لا أفكاره ولا ماضيه ولا ... وإنما لأمرين، مهمين في إعتقادي :
الأمر الأول، هو الحرص على استمرار العملية السياسية بشكلها السليم كي تُفضي في النهاية إلى نظام دستوري ديمقراطي، الذي ما زال يحبو خطواته الأولى وترسيخه فكراً وممارسةً ، والحيلولة دون إقصاء الآخر، بمعزل عن نظام قضائي شفاف يسري مفعوله على الجميع، وبعيد عن روح الإنتقام السياسي، فالذي يحدث اليوم مع المطلك والمجاميع التي شملها القرار، سيحدث غداً مع الآخرين، فاذا لم يتم تداركه ووأده منذ البدء، ستجد الأحزاب و القوى السياسية نفسها وفي منتصف مسار العملية السياسية وجهاً لوجه، أمام برلمان مشوه أشبه ببرلمانات بعض دول الجوار، بقيودها وصبغتها الأحادية وحاكم واحد وصيّ عليه، والتجربة الايرانية وغيرها ماثلة أمامنا، من هذا المنطلق، ولتفادي هكذا مخاطر وإحتمالات، هبت أغلبية الشخصيات العراقية،( التي تختلف منطلقاتها عن المنطلقات المشبوهة لبعض الشخصيات العربية) في وجه هكذا ممارسات والتي ستقود في حالة التهاون إتجاهها إلى نظام ثيوقراطي ودكتاتوري يعود بالعراق إلى القرون الوسطى .
الأمرالثاني، النظام السياسي في العراق لا يمكن له الإستقرار ما لم يسبقه التوازن والتوافق بين أطيافه ومكوناته والإبتعاد عن سياسة الإقصاء ، وأن يعكس هذا التوازن على النظام السياسي ، وخاصة السلطتين التشريعية والتنفيذية، ويعني ذلك البرلمان والحكومة، وذلك للحيلولة دون إنفراد مكون معين ذو إمتداد إقليمي قوي بالسلطة ، وصالح المطلك ومن يمثلهم، بغض النظر عن تركيبتهم، الذي يصعب أحياناً على المرء إجتراع أفكارهم ومواقفهم، هم في النهاية طيف عراقي في هذا التوازن، صحيح أنه ليس كل التوازن، لكنه جزء منه لا يمكن تجاهله ، وفي حال فقدان توازن التركيبة السياسية العراقية، سيُجنح بالبلاد نحو ضفة من دون اُخرى ، آنذاك يتم إمرارها بأنفاق مظلمة وإعادتها لتراجيديا الماضي ومأساته وبأبشع صوره، وتجربة المرحلة من عام 1963 عندما جنح العراق بشكلٍ مطلق نحو الضفة العربية إلى يوم الإحتلال عام2003 ما تزال طرية ، وكان لنا ما كان خلال تلك العقود الأربعة، من الحروب الداخلية ذات الطابع الشوفيني والطائفي والفئوي، والخارجية بإسم الأمة العربية والحفاظ على حياضها والدفاع عن البوابة الشرقية ...إلخ، تلك الإدعاءات التي لم تخلو من التخيلات والأحلام النرجسية لقيادة الأمة العربية، حتى وأن كان على جثة العراق وطناً وشعباً، ومن عام2003 يبتعد العراق عملياً عن محيطه العربي و يجنح نحو الضفة الإيرانية ، و لنا ما لنا لحد اليوم، والحبل ما زال على الجرّار .
لذلك في إعتقادي، الديمقراطية المطلقة في العراق، كالتي في الدول ذات النظم الديمقراطية، بأن يقوم الحزب الفائز أو الحاصل على الأغلبية بتشكيل الحكومة بمفرده، لا يمكن لها النجاح، مالم ترافقها وبموازاتها التوافقات السياسية بين مكوناته، على الأقل في الظرف الراهن ، ولحين تخلص الفرد العراقي من هواجسه المذهبية والطائفية والعرقية، ولحين وصول القوى السياسية العراقية لمستوى النضج والوعي السياسي، بضرورة فرز الأجندة العراقية وجعلها مستقلة، وعدم إخضاعها لأجندة صراعات محيطه، والاستيعاب والقبول بأن العراق لجميع مكوناته، والإيمان بالعيش المشترك ونبذ الإستقواء بالعمق الإقليمي، و بأن لا بديل لإستقرار الوضع السياسي والديمقراطي إلا بالمشروع الوطني الديمقراطي، ولحين الوصول إلى تلك المرحلة، لابدّ لجميع الأطراف، من ذوي الإحساس الوطني الصادق والغيورين على مصير بلادهم، من توسيع صدورهم لقبول الآخر بالرغم من كل شوائبه ورذائله، والضغط لإجبار الآخرين على هذا القبول ، والعراق ليس الحالة الغريبة، هناك دول عديدة مرت بهكذا مراحل بعد إستقلالها، والظرف العراقي هو ظرف إنتقالي مهما أطلقت عليه من المسميات، وهي مرحلة الإنتقال من الدكتاتورية بأبشع صورها إلى ولادة نظام ديمقراطي، يخطو خطواته الأولى وتحيط به مجموعة من الإحتمالات التي لا تخلوا من مخاطر الإنزلاق نحو الهاوية، وتحمل المرحلة في داخلها إضافة إلى المهام المتشابكة والمعقدة وتركة الماضي الثقيلة وتداعيات الحرب الأخيرة، أقول إضافة الى كل ذلك، تنوع قوى المرحلة السياسية والإجتماعية والفكرية، وهي الأخرى في حالة التشابك والتصارع والإرباك، منها، بقايا النظام القديم(بأنواعها...) والقوى المذهبية والطائفية التي فرضها الواقع الإجتماعي والممارسات الإستبدادية للأنظمة السابقة، كلاعب شبه رئيسي في الساحة، وحركات وأصحاب المطالب والحقوق القومية المشروعة، وقوى أخرى تتطلع نحو المستقبل وتحاول شق طريقها في وسط هذه الأوضاع المتلخبطة لفرض واقع يتعايش في إطاره الجميع، هذا هو موقع العراق الجغرافي وهذه هي مكوناته الإجتماعية، وهذه هي طبيعة صراعاته، وتترك العوامل الإقليمية والعالمية بثقلها على طبيعة تلك الصراعات وأساليب حسمها، وهي مرحلة معقدة وبحاجة إلى الصبر والتأني والسرعة البطيئة لإجتيازها، ولا يمكن للعراق أن يستقر وأن يجتاز المرحلة مالم ترافقها التوافقات والتوازنات بين مكوناته السياسية والمذهبية والطائفية والعرقية ، وضمان مصالحها من دون منتصر ومهزوم ، ومن دون إقصاءات خارج النظام القضائي الشفاف والبعيد عن الضغوطات السياسية.



#عادل_امين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نعم لاتحاد الشعب...لكن‏
- الحزب الشيوعي العراقي والتحالفات المجدية


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق - عادل امين - العراق المتوسط