أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حيدر السلامي - لأجل عين القمر














المزيد.....

لأجل عين القمر


حيدر السلامي

الحوار المتمدن-العدد: 2914 - 2010 / 2 / 11 - 01:12
المحور: الادب والفن
    


كانت الغاية ـ بكل المقاييس ـ بعيدة جداً، لكن أقدامنا جرت غيرَ آبهةٍ بالآلام، وكذا جميع السابلة الذين جاءوا دون سابق موعد ومن كل جهة ليكوّنوا مسرب نمل واحد.
لم يمرّ ببالنا شيء سوى الوصول، أما العود فلا أهمية له على الإطلاق.
الوجوه كلها ورغم أمارات التعب البادية عليها بوضوح وأشعة الشمس التي وسمتها، لم تغرب عنها سحنة الأمل البعيد القريب.
جعل صاحبي يتأوه بصوت خافت لكي لا يثير انتباه السابلة. حاولت مساعدته على تخطي الأمر فلم أفلح كثيراً. كانت الذئاب قد أكلت نصف رجله اليمنى خلال الرحلة الماضية وهو عازم هذه المرة على ملاقاتها مهما كلف الثمن. فإما أن يبلغ غايته وإلا يلقمها النصف الآخر أو الرجل الأخرى، وإن شاءت فلتلتهمه كلياً.
لأجل هذا وغيره، بالغ في رفع رايته الحمراء التي بدت كأنها تسعى لتعلق على جبين الشمس قبلة وداع أخيرة.
أخذ الطريق يكتسي ألواناً وألواناً ويموج براكبيه، وعلى الجانبين أعدت موائد المستطعمين وأترعت مناهل الظماء.. عيد كبير وجمع غفير تداخلت فيه الأصوات وارتفعت الصلوات كدوي النحل.
ثمة ترنيمة ملائكية تسللت إلى إذني برفق وراحت تعللني، بينما داعبت الريح نشوتي.. كدت أغفو وأنا أمشي لولا أن سانحة غمرتني دون سابق إخطار، فتحتْ عينيّ على واقع آخر جرني لمواصلة المسير بيقظة وترقب.
كانت أمي صاغت لأذني كلمة أسمتها (ترجية) قالت: إذا نمت فدع قلبك صاحياً لئلا ينكرك محبوك.
اخترعت سباقاً بين قدمي وأنفاسي ووعدت أن أمنح الفائز وساماً رفيعاً. وبهذه الطريقة تغلبت على نوم ثقيل ظل يحوم فوق رأسي لساعات.
جعلت ألهث وقدماي تئنان من التعب، لكن قلبي ما يزال جامحاً.
قال صاحبي: هلم نستريح. خطفته بنظرة ومضيت. ولم أكد أحول نظري عنه إذا به أمامي يكدح برجل ونصف رجل عضدها بسارية رايته الحمراء. تبعته مُجداً وبكل ما أوتيت من قوة، لكنني كلما اقتربت من رايته نأى بعيداً عني وهكذا بقيت.. أبلغه تارة وأفارقه أخرى، حتى لاح لي المزار من بعيد وأخذت أتأمله بشغف العاشقين وغمرتني سورة الانبهار ونشوة الانتصار ولعلع الذهب في طوفان الضوء اللامتناهي.
وبعد لحظة حلم طويل وجدتني وحيدا ملقى على الثرى.. أين السابلة؟ بل أين السبيل؟ تذكرت صاحبي فأشخصت ناظري إليه لعلي أقص أثره ولا من أثر.. إذا برايته الحمراء تلوح وما تزال تنأى وتعرج حتى بلغت غايتها البعيدة واستحالت نقطة حمراء.
في الرحلة التالية، علمت أن صاحبي سمم النصف الثاني من رجله الأكيلة مع الرجل الأخرى ويديه كلتيهما وقدمها جميعاً بسخاء إلى الذئاب.. فكان أن أمطرت السماء دماً واحتفظت بقطرة واحدة لأجل عين القمر.



#حيدر_السلامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وجه الحسين
- وردة قانية
- ثلاث قصار
- موجة البحر
- سيدة الجنون
- هراء
- الصيف والكهرباء .. نأسف لانقطاع التيار إلى الأبد
- يا ليتها حاولت..
- سامراء.. وريثة كربلاء وشاهدة التاريخ
- نحن هنا..
- أنا وأنت والوطن
- تماهي
- الطائر الناري
- الغاضبة
- يُجيبكم موتي..
- صهوة الفرْش
- لستُ.. لستُ
- أربعٌ قصار
- لوافت
- الأول الأخير..


المزيد.....




- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...
- بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
- تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حيدر السلامي - لأجل عين القمر