|
الأمن العالمي.. لا يتجزأ
عصام عبدالله
الحوار المتمدن-العدد: 2913 - 2010 / 2 / 10 - 09:39
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
خارج أوروبا، لا توجد منظمة للأمن، وما تراه من أشكال متباينة للقوة في هذه القارة أو تلك الدولة، هو أشبه بمناورات لاعبي الشطرنج، والمثال الأبرز علي ذلك: الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي السابق. ونظام الأمن هو نتاج لعلاقة قوي متحركة دومًا، ففي أعقاب الحرب العالمية الثانية، حاول المنتصرون إقامة نظام للأمن لما بعد الحرب، وإجراء حوار دائم بينهم، إلا أن هذا النظام (الحلم) لم ير النور بسبب التناقضات والخلافات بين الغرب والاتحاد السوفيتي.
انعكس ذلك علي أوروبا تحديدا التي قسمت بين الجيوش الغربية والسوفيتية، حيث توازنت الكتلتان المتعاديتان علي أراضيهما، إحداهما تحت قيادة واشنطن (حلف الأطلسي) والأخري في قبضة موسكو (حلف وارسو)، لكن الصدام (المباشر) بينهما لم يحدث قط ، رغم سباق التسلط المحموم وتنافسهما الجيو سياسي، خشية أن يدمرا بعضهما البعض بفعل التصعيد النووي. في رحم هذا الخوف من المواجهة الحاسمة ولد نظام أوروبي للأمن واستمر حتي انهيار الكتلة الشيوعية والاتحاد السوفيتي عام 1989. لكن ذلك لم يمنع من قيام قنوات للتفاوض والتعاون بين الكتلتين، اتسم معظمه بالطابع الرسمي خاصة فيما بين 1973 - 1975 (مؤتمر الأمن والتعاون في أوروبا، أو ما يعرف بإتفاقية هلسنكي).
ومنذ نهاية سنوات الأربعينيات إلي نهاية سنوات الثمانينيات من القرن الماضي، لم يخرج الأمن العالمي عن هذا التناقض، لكن انهيار المعسكر الشيوعي وتفكك الاتحاد السوفيتي، أنهي في الواقع التوازن بين الشرق والغرب، حيث أصبح النظام العالمي في قبضة دولة عظمي واحدة هي الولايات المتحدة، أما روسيا التي خلفت الاتحاد السوفيتي السابق علي المسرح العالمي، فكانت في حاجة حيوية إلي المعونة الغربية لإعادة تعميرها ومن ثم كان يتعين عليها أن تقبل علي مضض صدارة الولايات المتحدة مؤقتا.. الشيء نفسه بالنسبة للصين التي ظلت قوة إقليمية في آسيا، وفي ظل هذا المناخ، أصبح مجلس الأمن هو شرطي العالم، مهمته التأديب والتهديد والإصلاح.
هذه المقدمة مهمة لفهم التحول الذي حدث الأسبوع الماضي، في مؤتمر ميونيخ للسياسات الأمنية السادس والأربعين، التي جرت فعالياته وسط احتياطات أمنية غير مسبوقة، لم تصمد أمام تجمعات المتظاهرين المناهضين لتدخلات الناتو الخارجية وللحرب في أفغانستان، من التجمع والتظاهر وإيصال صوتهم إلي المؤتمرين.
حضر هذا المؤتمر خبراء أمنيون وسياسيون واقتصاديون ومراقبون دوليون، وصل عددهم إلي 300 مدعو من أكثر من أربعين دولة إضافة إلي سبعين مسئولا رفيعا من رؤساء جمهوريات ووزراء دفاع وخارجية.
علي طاولة الجلسات الساخنة طرحت عناوين بارزة لقضايا كانت ومازالت شائكة مثل أفغانستان وطالبان والشرق الأوسط وملف إيران النووي، إضافة إلي قضية تأمين إمدادات الطاقة وقضايا المناخ. أهمية المؤتمر تستمد من إمكانية توسيع الشراكة الأوروبية مع دول العالم المختلفة التي لم تعد مقصورة علي ضفتي الأطلنطي وإنما تعدتها إلي ماهو أبعد من ذلك. إذ إن حضور وزير خارجية الصين "يانج" إلي المؤتمر - لأول مرة - إضافة إلي وفد صيني اقتصادي كبير يدل علي أهمية الشراكة مع أوروبا، ورغبة الصين في رؤية أوروبا كبيرة ومتقدمة ومؤثرة، حسب تعبير الوزير الصيني الذي فند في كلمته أمام المؤتمر سياسة الصين الخارجية التي تحترم الدول ولا تتدخل في شئونها الداخلية وتعامل الدول علي قدم المساواة ولا تقسمها علي أساس دول ضعيفة أو قوية ، مؤكدا رغبة الصين الصادقة في تحقيق السلام العالمي.
هذا من جهة، من جهة أخري فقد تزامن انعقاد مؤتمر ميونيخ هذا العام 2010 مع انفراج في العلاقات الأمريكية الروسية، بعد قرار إدارة الرئيس أوباما التخلي عن نشر منظومة الدرع الصاروخية في بولندا وجمهورية التشيك، وهو الأمر الذي حدا بالروس إلي التخلي عن نشر صورايخ اسكندر في كالينجراد الروسية.
وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف صرح بأن: توقيع معاهدة جديدة للأمن في أوروبا "سيسمح بإلغاء الغرائز السياسة الحربية القديمة من السياسة الأورو - أطلسية الحالية"، مشيرا الي ان تسوية مشكلة عدم تجزئة الأمن ستخلق أساسا للعمل المشترك بين الولايات المتحدة وأوروبا وروسيا، وهو ما يحقق حلم "الأمن العالمي" الذي لم ير النور منذ الأربعينيات من القرن العشرين.
قضية الشرق الأوسط طرحت علي أجندة المؤتمر تحت شعار "لا يوجد في السياسة شيء يستعصي علي الحل"، فرغم أن الراعي الأول للسلام دخل في عام 2003 في حرب في العراق عقدت الأمور كثيرا، فإنه بات علي الرئيس أوباما بعد العام الأول علي ولايته، أن يضع خطة جديدة من أجل السلام في الشرق الأوسط، الذي هو "مركز" السلام في العالم.
#عصام_عبدالله (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
السبيل إلي إنصاف المحرومين
-
هل يمكن حماية الدين دون الحد من حرية التعبير؟
-
تغير المناخ والسلام العالمي
-
تفكيك أفلاطون
-
المسكوت عنه في تغير المناخ
-
كيف نمنع أحداث نجع حمادي في المستقبل ؟
-
الحوار المتمدن والحكمة الذهبية
-
الكرامة
-
كراهية الغرب
-
التسامح في الأديان ، وبينها
-
خان الخليلي
-
وجها لوجه وليس كتفا بكتف
-
أطياف دريدا بالبحرين
-
حتي لا نخسر - ذاتنا - السياسية
-
يا أصدقائي ، لم يعد هناك صديق !
-
النووي ، إلي أين يتجه بالمنطقة ؟
-
جريمة إبراهيم عيسي !
-
تحديات الليبرالية في العالم العربي
-
هل بدأت الألفية الثالثة عام 1968 ؟
-
تديين الشرق الأوسط .. إلي أين ؟
المزيد.....
-
اضطر لاختصارها.. تامر حسني يعلق على التدافع في حفله الأخير ب
...
-
-أيقونية لحظة الختام- ليحيى السنوار.. متحدث الجيش الإسرائيلي
...
-
كاميرا RT ترصد آثار الدمار الذي خلفه القصف الإسرائيلي في جنو
...
-
عشرات القتلى والجرحى في مجزرة مروعة في بيت لاهيا.. إسرائيل ت
...
-
لابيد عن محاولة استهداف نتنياهو: أمر شديد الخطورة وإيران ستد
...
-
مراسلنا: إطلاق رشقة صاروخية كبيرة من جنوب لبنان باتجاه شمال
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن القضاء على 3 عناصر -بارزين في حزب الله
...
-
لافروف يؤكد ضرورة منح البرازيل والهند وإفريقيا عضوية دائمة ب
...
-
تحذير إسرائيلي على الرابعة صباحا سبق الغارات الكثيفة التي طا
...
-
إندبندنت: تفاعل واسع مع أميركية تصوت لأول مرة وعمرها 81
المزيد.....
-
النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف
...
/ زهير الخويلدي
-
قضايا جيوستراتيجية
/ مرزوق الحلالي
-
ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال
...
/ حسين عجيب
-
الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر )
/ حسين عجيب
-
التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي
...
/ محمود الصباغ
-
هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل
/ حسين عجيب
-
الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر
/ أيمن زهري
-
المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع
/ عادل عبدالله
-
الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية
/ زهير الخويلدي
-
ما المقصود بفلسفة الذهن؟
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|