|
كفاءات خارج الوطن* فاطمة الفلاحي
صفاء فاخر
الحوار المتمدن-العدد: 2912 - 2010 / 2 / 9 - 22:28
المحور:
مقابلات و حوارات
اجرى اللقاء : صفاء فاخر
فاطمة الفلاحي، كفاءة عراقية فتية، تتلمس طريقها بتان ٍ كبير، جذورها الثقافية المتينة، غوص عميق في بحيرات الادب، والفن، والفلك، والفلسفة، حيث يشع هذا في دراساتها التي تسابق الشمس في الشروق اليومي، لتدعو الذاكرة الى عمل اضافي في خزن الجميل من الحرف والكلم. فاطمة، الشاعرة الواعدة، المجيدة للغات، المتبحرة في المعلوماتية، الماهرة باستخدام الحاسوب، وبناء المواقع، مثال ناصع لمعاناة المراة العراقية ذات الفكر الحر في عراق يحاول كسب المناعة من اعراف العشيرة ، ليتعفى من فقدان القانون.
استاذة فاطمة ان من يقرا لك يلمس بك شخصية موسوعية كبيرة، ويخرج من كتاباتك بحصيلة معرفية واسعة، فهل لك ان تحدثين القارىء عن كيفية حدوث هذا؟ - سأقول لك ، حين تجد نفسك غارق ببحور الثقافة ، وترتع من مناهلها الى ان يصلب عودك ، ماذا ستكون حصيلتك؟ من المؤكد ستكون الثقافة والمعرفة وبما انهما صنوان ، موروثة ومكتسبة ، لااقصد الموروث من ثقافتنا المعاصرة بل كموروث وماحصده فكري بعقلانية من محيط عائلتي من تذوق للفنون في شتى صنوفها ،والعلوم الانسانية والأدبية والسياسية والتي أضفت لعالمي المعرفي، التهذيب السلوكي والنفسي ، وسبري اغوار بعض الاتجاهات الفكرية ، والتعرف على قيمها واهدافها وممارساتها المادية والمعنوية. فقد علمني موروثي كيفية الاعتماد على سلوك رسمته بثقافتي المعرفية بالقدرة على استخدام الرمزيات وان ترتدي مفرداتي نكهة السوريالية للوصول الى ارقى مستويات التعلم الفكري والاجتماعي . وهذا مااحاول ترجمته في كتاباتي التي احب ان اضيفها مع كتابات المثقفين من حولي ، والذين يمثلون المجتمع المثقف . اما ثقافتي المكتسبة ، جاءت من امتلاكنا لمكتبة تعج بما لذ وطاب من الادب العربي والادب الروسي والاميركي والادب الصيني والايطالي والفارسي والادب الفرنسي والادب اللاتيني ، واجملها الادب الاغريقي اليوناني القديم واساطيره . كنت اجهد ان اخالف - مع نفسي على الاقل- مقولة الفيلسوف الالماني والمفكر السياسي كارل ماركس حين قال "قد يوجد العقل لدى الانسان، ولكن ليس دائماً بشكل عقلاني." انت تعدين تجربة شعرية واعدة في عالم الشعر النسوي العراقي- ان صحت التسمية- فهل من اضاءة عن تجربتك الشعرية؟ - تجربتي الشعرية، بدأت بانتظاري لآخر خميس من كل شهر ،بشوق عارم من اجل كتابة مقطوعة نثرية عن موضوع تختاره مُدرسة اللغة العربية ، فأحظى بتشجيع من نوع خاص استلمه تكريما من مديرة المدرسة لأجادتي فن الخطابة . كنت ألقى عناية من اخوتي من حيث تهذيب المفردة او الابتعاد عن المباشرة بالحدث ، وأنبه دائما من قبلهم ، بان تكون صوري الشعرية ذات استعارات وتشبيهات و تحوي الجمال اللفظي والسمو في المعنى . بعدها اخذت اكتب لمن حولي وانا في الرابع اعدادي ، وفي السنة الجامعية الاولى ، صارت كلماتي انقى واكثر شفافية ، حيث أقع تحت سيطرة الحدث فيستغرقني وانصهر فيه وجدانيا ، لأنسجه حسب مخيلتي معبرة عنه برؤية رمزية ،مكثفة بالصور الشعرية المموسقة ، حيث عمق الفكرة والدلالات الايحائية ، فأشاغب فيها الكلمات سورياليا لأمنح المفردة جمالا ثريا وباذخا ، واسبغه بصدق المشاعر الذي يجدل قصائدي ،كلوحات فنية متألقة . فكانت حصيلتي الشعرية سبعة دواوين ومازالت قيد انتظاراتي اشياء لي من الماضي تزرعنا وردا او قصائد لبنية في مشاتل الحرف ،فأسقمها الخبو .وتعيش الصمت معي . هل لازلت قصيدة النثر شكلا شعريا يحافظ على جدته في الطرح الشعري العربي؟ ، ام تعتقدين انه صار قديما ؟ وهناك ضرورة لولادة اشكال جديدة في الطرح؟ - القصيدة النثرية ليست حديثة بل هي من القدم تراها في ملحمة كلكامش – مزامير داود - العهد القديم جميعها تحوي على قصائد نثرية . قصيدة النثر جنس أدبي مستقل وحقيقي سردي ونثري ، يكتنزها التكثيف والشفافية ،يمثلها الايجاز ، لاتلتزم بقواعد الاوزان الشعرية فهي كما قال Edmond Jaloux الشاعر الفرنسي " إنها قطعة نثر موجزة ، موحدة ومضغوطة كقطعة من بلور ، تلمس فيها خلق حر للعديد من الانعكاسات المختلفة " حضرتك تجيدين لغات عديدة، فهل طرقتي باب الترجمة؟ وكيف تقيمين هذا الفن في العالم العربي؟ - نعم اجيد لغتين لكن ليس من السهل ان تقوم بالترجمة ،يجب على المترجم ان يكون اديبا وملماً بثقافة اللغة المنقول عنها ، لان ترجمة النص تبنى على اساس فهم المعنى ، تعويض الكلمات والعبارات والتعبير عنها بلغة اخرى بأمانة،فأن كانت الترجمة رديئة او ترجمة حرفية ( آلية ) سيصعب على المتلقي اكتشاف التأويل في سياق الترجمة التحريرية ، لانها كامنة في شعور المترجم ولن تاتي كما اراد المؤلف ان يعبر عنه في نصه. لذلك بنظري ان النصوص المترجمة تكون اقل وضوحا ،وضبابية المعالم، وسيبحث المتلقي كما فعلت انا لاطابق النص والترجمة عندها اكتشف اختلاف في ترجمة بعض المرادفات العميقة ،والتي لايتمكن المترجم من ترجمتها للغة اخرى اي نقلها من العربية الى لغة اخرى . لذا أجد ان جمالية النص وعمق مفرداته في الترجمة للغة اخرى ،تضعفه وتغتال روحه التي يحملها كاتب النص.فقد قمت بترجمة 3 نصوص من العربية الى الفرنسية واثنان الى الانجليزية. .. لكن لاانوي القيام بالترجمة . مقالاتك تفصح عن ذهنية باحثة ممتازة، فهل لك بحوث تذكر؟ - نعم انا اعمل عليها ، ستأخذ طريقها للنشر هي بمختلف الاتجاهات الفكرية ، وهذه المرة سأخص المرأة في ملفات تحت عنوان إمرأة من الشرق ، وأما إمرأة من الغرب فهو قيد الدراسة . هل ضاقت القصيدة بما تريدين قوله، فلجاتي للقصة باحثة عن مجالات اوسع في التعبير؟ - القصيدة النثرية لم تضق فضاءاتها معي ، لاني ادجن الكلمات وأصوغها بشكل مكثف ،وموجز. القصيدة النثرية ملاذي اتمكن من البوح بما اريد .فهي عالمي العميق ،لها والصمت في اركاني نشوة الفجر ولذة القهوة، فتمنحني للمرايا حرفاً. كان النقد عبر العصور مقوما للعملية الابداعية، راصدا وراعيا للمواهب الجديدة، ولكن هذا الدور ضعيف في وقتنا الحاضر، بماذا تعللين ذلك؟ - النقد في وقتنا الحاضر يعيش أزمة فعلية ،بسبب قلة تواجد النقاد المتخصصين والموسوعيين في الساحات الادبية . لقد غاب القانون في العراق وحلت محله اعراف العشيرة لتحمي الفرد، فما مدى أثر ذلك على المراة التي تفكر بشكل حر؟ نعم سيحد من قدرة المرأة ، لكنه لن يمنع من ظهور اصوات نسائية ، ومن يقرأ تاريخ العراق القديم والحديث سيجد ادلة كثيرة على ذلك . قرأت لك مؤخرا في الحوار المتمدن مقالا عن تأثيرات الكواكب، فهل ان حركة الافلاك في الفضاء، واوضاع القمر لها تاثير على سلوك الانسان، ومزاجه، ومستقبله كما يشاع؟ لست فلكية لكني مهتمة بهذا العلم ، أقرا عنه كثيرا وبعمق ، فلا أدع الملل يتسربني . اود لو كان اليوم 30 ساعة او اكثر ، لآكمل قراءة مابدأته او ترجمته لاطلع على معلومات خافية عني ، أستطيع بها ان انفذ لعالم الفلك الذي يستهويني . والى معرفة حركة الافلاكوتاثيراتها وتبعاتها على الانسان وتاثيرات القمر على المد والجزر. حتى ابن سينا لا ينفي وجود تأثيرات فلكية في عالم المتغيرات، ويؤمن بأهمية تلك التأثيرات على الأحداث التي تجري على الأرض. وباستور يقول: إن جميع أشكال الحياة هي في بنيتها وشكلها واستعداداتها وأنسجتها على علاقة صميمية بحركة الكون. ولو قرات لإخوان الصفا ستجدهم يعطون مكانة خاصة للشمس : فهي من العالم بمنزلة القلب من الجسد، وبقية الكواكب بمنزلة بقية الأعضاء. كما شرحوا بشكل مفصل أثر الشمس في أثناء سيرها. وتاثيراتها على صحة الحيوان ومرضه، وأحوال الجبال والوديان على الأرض، وحسن حالة الناس وشقاؤهم، وأمور الممالك السياسية. مفسرين ذلك الترابط بين اعتلال مختلف أجزاء الجسد وبين الكواكب: مثلا تجد ان العينان يقابلهما المشتري والأذنان – يقابلهما عطارد وهذا يعني انها ستتاثر بحركة عطارد والمنخران والثديان – تقابلهما الزهرة السبيلان يتأثران بحركة زحل الفم يأخذ نصيبه ايضا من الشمس السرَّة يقابلها القمر رغم هذا وذاك سيبقى هواية جميلة بالنسبة لي، واود ان أشير ان علم الفلك غير علم التنجيم، هو كالفرق بين الثرى والثريا. كيف تقيمين المواقع الالكترونية العراقية والعربية كوسيلة اعلام في ايصال صوت المبدع الى الناس؟ المواقع الالكترونية عامة لها اهميتها الكبيرة الان ، وخصوصاً بعد ثورة الاتصالات التي حدثت في العقدين الاخيرين ، فهذه المواقع استطاعت ان تسمو على الوسائل التقليدية التي كنا نتعاطى معها في السابق ،ولذلك اجد ان هذه المواقع قد احتلت حيزا كبيرا من اهتمامات كل المثقفين والقراء بخاصة وان الوصول اليها يتم بيسر وبتكلفة تكاد تكون معدومة او قليلة نسبياً.
*" كفاءات خارج الوطن" سلسلة لقاءات تسلط الضوء على طاقات وكفاءات عراقية خارج الوطن، محاولين من خلالها الوقوف عند الرؤى والطموحات العراقية المختلفة من اجل المساهمة ببناء عراق جديد على اساس ديمقراطي حر.
#صفاء_فاخر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كارت أصفر قبل شوط الانتخابات العراقية الثاني
-
كفاءات خارج الوطن* د. سالمة صالح
-
كفاءات خارج الوطن* د. روخوش غريب
-
كفاءات خارج الوطن سلام الشيخ الجزء الثاني
-
كفاءات خارج الوطن علي بداي الجزء الثاني
-
كفاءات خارج الوطن علي بداي الجزء الاول
-
كفاءات خارج الوطن داود امين
-
كفاءات خارج الوطن سلام الشيخ الجزء الاول
-
كفاءات خارج الوطن خلدون جاويد
-
كفاءات خارج الوطن* , ماجد الخطيب
-
كفاءات خارج الوطن
-
درع الأكاديمية للشاعرة بلقيس حميد حسن
المزيد.....
-
ماذا يعني إصدار مذكرات توقيف من الجنائية الدولية بحق نتانياه
...
-
هولندا: سنعتقل نتنياهو وغالانت
-
مصدر: مرتزقة فرنسيون أطلقوا النار على المدنيين في مدينة سيلي
...
-
مكتب نتنياهو يعلق على مذكرتي اعتقاله وغالانت
-
متى يكون الصداع علامة على مشكلة صحية خطيرة؟
-
الأسباب الأكثر شيوعا لعقم الرجال
-
-القسام- تعلن الإجهاز على 15 جنديا إسرائيليا في بيت لاهيا من
...
-
كأس -بيلي جين كينغ- للتنس: سيدات إيطاليا يحرزن اللقب
-
شاهد.. متهم يحطم جدار غرفة التحقيق ويحاول الهرب من الشرطة
-
-أصبح من التاريخ-.. مغردون يتفاعلون مع مقتل مؤرخ إسرائيلي بج
...
المزيد.....
-
قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي
/ محمد الأزرقي
-
حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش.
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ
...
/ رزكار عقراوي
-
ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث
...
/ فاطمة الفلاحي
-
كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
حوار مع ميشال سير
/ الحسن علاج
-
حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع
...
/ حسقيل قوجمان
-
المقدس متولي : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
«صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية
...
/ نايف حواتمة
-
الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي
/ جلبير الأشقر
المزيد.....
|