عبدالله الداخل
الحوار المتمدن-العدد: 2912 - 2010 / 2 / 9 - 20:20
المحور:
الادب والفن
أزورُ عينيكَ كلّ َيوم ٍ، كعادتي،
مُذ ْ وُلِدْتُ بقريتي
كفيفاً، متلمِّساً دربي، كالسؤالْ
بين أركان الحجار المائلاتِ صغيرة ً وكبيرة:
وأنتَ أدرى بالذاكراتِ وبالأنقاض وأسرار ِالرمدْ؛
ولم يكنْ فيَّ من حنين ِالصحارى سوى إلى أفـْقِها في الفجر
في ربيع بحور العشب، أو عند اكتمال الغلالْ
فإن ذاكرتي الآنَ كالأرض التي تحتل مائي وظلي
فأمشي مسافة َعُمْر الرمال إليكَ من حبةٍ إلى كـُثبة
على هدْي ِ بدركَ الريّان
فهو يدُلـّـُني
وقدْ أضلّ الطريق بنجم ٍ، سواكَ، يـُفـْزِعُني كقعر بئر ٍ ؛
يجمّدني الليلُ، تخيفني كوابيسُ الوصول إلى الحدود،
وهل من وصول ٍأو حدودٍ لبيداءَ لا تـُفضي سوى
إلى البيداءْ؟
أطوفُ بنور ٍكاذبٍ
من نجمةٍ تخبو على قدميَّ إلى نجمة
وبالقـَصص الطوال ،
فمَن سواكَ يعينُ على انتضاء رداء الخوف؟
فخوفي الذي يُحيط ُبي كالله يمتصّ ُأنفاسي
فلستُ إذن شاكراً مرتين*، لا بشهقتي الأولى
ولن أكونَ في الزفير الأخير، ولا بينهما؛
وليس تـُغري في أيّ زيارة ٍ للأرض طيّاتـُها الداكنة
ولا أكداسٌ من نـُثارةِ البُنْ؛
وإني بحثتُ فيما قـُبَيل النور في الفجر الذي يأتي بالكلام الجميل
فلم يكنْ بين كرات السحاب هنا من كلام ٍ، ولا نور ٍٍ
يصلُ الفجرَ بنا
وبالآصالْ،
كنتَ تـُشيرُ للقوافل أن تلحق َبالغروب
فتـُمسي المضاربُ في ضيافةٍ للشمس
عند انحنائها خجَلا ً
من دمانا
فقد صار من عادة الأزمان هذي أن تـُكرّرَنا
أنحنُ صداها الذي لن يعود؟
نفرّ ُمن المكان إلى جبل ٍأو جدارْ؟
لكنـَّك الأدرى بما جرى،
وقد كنتَ أدرى بما كان سيجري لنا
لذا كان صمتـُكَ الذي من معاني الوَداع ِ،على البُعدِ،
صيحة ً للبقاءِ وللقتالْ ،
ولم يكن من وداع ٍ فقد صارَالصمتُ ذاكرتي
أبلغ َمن كل نداءٍ
ذاكرة َالنخل ِوالماء
كلاهما يُشـَمُّ، يُرى من بعيدٍ، كلاهما كثيفٌ كالدماء،
هما يدُلان على بعضهما، وعلينا، كالجبالْ؛
لذا فالليالي التي تلد الليالي هي مِثـْلنا بوفائها
ونحنُ الذين مثلما نحنُ، ظلالٌ للرياح
صورٌ لأوهام الزمان ِوأشباحٌ مجسّدة ٌ،
لكنّ البقاءَ حليفٌ للمحبةِ والجَمالْ؛
وإن أتى الحُبّ ُبالحنين الصادق ِالصافي بعمق العيون،
فالعيونُُ التي تعلـِّمُنا التذكـّرَ تبقى، ويبقى ما تقولُ لنا،
لأن ما تـُعلـِّمُنا عيونُ قتلانا بتلك الجبال ِوفاءُ الظلالْ.
ـــــــــــــــــــــــ
*، ** إشارتان إلى سعدي شيرازي
#عبدالله_الداخل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟