محسن صابط الجيلاوي
الحوار المتمدن-العدد: 886 - 2004 / 7 / 6 - 04:37
المحور:
الادب والفن
مَنْ يحفظ الوردة، ويشعل الحكمة، فالاثنان بينهما ذلك الذي يوقد الجمال، لقد تكاثر هذا العسس في ظلمة أيامنا، وأصبحت مطارح الأمل تتوزع على أحقاد مشفرة، الكترونية، لقد توزعت أجسادنا، قلوبنا، وضاع ذلك المتوهج، الجميل، من رحابة التلقائي..لكي تتحول حياتنا إلى مجزرة للعفونة، للكره، وللتسلح بأنياب الوحش...
أنياب تحدها السكاكين، وتطليها أديم من ذلك السم الزعاف...
نحن نكثف الأشياء، لكي ندور في فراغها الموحش...
شيء يعوي في دواخلنا، كلاب، ذئاب وحشية، وصراخ يجعل الظلام أكثر تمكنا وغدرا...
لقد تحولنا إلى متحول يمزق الذاكرة، والحنين، والبساطة وتلك الدعة التي كانت كلَّ تاريخا المدهش على مضارب أهلنا الملونة بالعطش الأكيد للفرح، للصهيل، لحرارة المواقد، ولرائحة الخبز المعجون بملح الأرض...
كان لي قلب أعيش به
فاكتوى بالنار فاحترقا *
أي نار يا روحي؟
الحرائق تطوقنا، ونحن ننثر بقايا ماء عليل على عقول مغادرة، قتلها العطش، ونار تشبه الموت...نحن ننسج قصص فيها خيال المأزوم بالهزيمة، فيها ذلك القلق الغير مبالي، فيها حتفنا جميعا..، القبر يتعايش مع القبر، لكي تمتد مسلات موتانا حتى القيامة.
هذا هو الفزع، وذلك هو طعن الحراب على مائدة الجبن، نحن نهشم مرايانا سويا، لا نعطي فرصة لحكيم يتجرأ على مغادرة الذات، لكي يقول ذلك المحظور، ذلك المليء بالحقيقة الجارحة، ووجع الجرح...!
وإذا تُصِبك من الحوادث نكبةٌ
فاصبِر فكلُّ غَيابةٍ سَتَكَشَّفُ **
هل يعرف شاعرنا ان غيابا يبدو أزليا تظلله غيوم سوداء، جدباء، بور، لا تمطر أبدا
نحن نهذي يوميا لكي نتحارب بكل تلك البدائية، حتى روح القبيلة البدائية احتجت على عقولنا الخاوية لكي نغادر إلى الذي قبلها من فجاجة الإنسان البدائي..
الشاعر يتحول إلى بضاعة سياسية فاسدة، يكشر أسنان صفراء على حق اجتهاد الآخر..
والاخر يعتقد بالعظمة طريقا، لهذا يصبح الشعب صوملات صغيرة أمام ذلك الغرور الفاقع...
لا خير للاخر طالما هو من ارض السواد...، وتخضع المعادلات لتبدلات ممكنة في هذا الزمن العجيب، بحيث يصبح القاتل بطلا، والشهيد جسرا لعبور العصابات، ويضع المجرم تفاصيل الوطن القادم، تتداخل الأشياء وترتج، ليخرج هذا العجيب من حطام المزابل..
عندما نعرف لماذا الدم غال، ولماذا الإنسان ثمين، ولماذا يربي الأوربي القطط أو الكلاب، وعندما نقرأ احدنا الآخر بزهو الفضيلة، عندما ننظر للناجح على انه نجاح وطن، عندما نكف عن التفكير من القول الشديد الألم ( هل يكرهُ العراقي نفسة ؟) كما يتساءل شاعرنا الجميل حميد العقابي،...عندها تبدأ الأرض بالدوران، ومعها نحن نسير وبثقة إلى عالم اخر غير هذا السافل الذي نحياه...!!!!
*من غناء إسحاق الموصلي
** أَعشَى هَمْدان
#محسن_صابط_الجيلاوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟