أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يوسف ابو الفوز - ضحك مبحوح !














المزيد.....

ضحك مبحوح !


يوسف ابو الفوز

الحوار المتمدن-العدد: 2912 - 2010 / 2 / 9 - 12:36
المحور: الادب والفن
    


قصة قصيرة

هل شعر بحركة من حوله ؟! لا ، كان ذلك صوتا . نعم ، وكان صوتا غريبا ، جعله يتقلب في فراشه بشيء من الخوف . كان يوما طويلا ومرهقا في العمل الروتيني . كان برنامجه مكتظا فلم يملك حتى الوقت لاكل لقمة في أي مكان . حين وصل البيت ، لم يطلب شيئا سوى النوم . النوم ولو ساعة . فتركوا له الصالة . زوجته تعرف انه يحب نوم القيلولة في الصالة قريبا من شاشة التلفزيون . يتسمع قليلا ما يدور ثم يغط في النوم . وضعت له مثل كل مرة فراشا في زاوية الصالة الصغيرة ، وابعدت الاولاد عن مكان نومه . كل مرة تجد عذرا ما لابعادهم عن دخول الصالة . أي عذر وأي حيلة فعلت هذه المرة ؟ تشقى هذه المرأة اكثر منه لرعاية اولاده وضبط ميزانية البيت المخرومة دائما . هكذا وهو يقضي نوم القيلولة في تلك الظهيرة التعسة ، سمع صوتا . لم يكن صوتا بشريا. كان ثمة شيء غريب في ذلك الصوت . شيء ما مزعج فيه، شيء أشبه بالضحك المبحوح ففتح عينيه ببطء !
هاله ما رأى . جعله يتخشب في مكانه ويتصبب عرقا. يعرف هذا الشيء جيدا. حفظ اوصافه عن ظهر قلب ، من يوم دخوله مع جاره في سجالات نهته زوجته مرارا عن مواصلتها :
ـ يا رجل كل هذا مضيعة للوقت ، ان الاستمرار فيها سيخرب علاقتنا مع جارنا ، وربما مع عائلته ، اذ لم اركما يوما تتفقان معا على رأي ما حول أي موضوع !
كان جاره في كل مرة ، واذ لا يجد في نفسه المقدرة لمواصلة النقاش ، ينفض يديه ويقول بتجهم :
ـ استغفر الله العلي العظيم ، يا جاري العزيز ، انت تكفر بكلامك هذا ، اتعتقد أني واياك نعرف اكثر من سيادته وهو المتبصر المتبحر، المجاهد ضد الطغيان من اجلي واجلك ؟
كان الضحك المبحوح يتواصل من هذا الشيء الذي يدور حوله ، وينظر بعيون منحرفة وببريق مخيف . يعرف هذا الشيء ، فقد قرأ عنه كثيرا ليكون مستعدا لنقاشاته مع جاره . تقول الكتب عنه :
ـ ( يتميز بجسم ممتلىء ورأس كبير وعنق غليظ وخطم قوي ، وقائميه الأماميين أعلى من ساقيه الخلفيتين ، لذلك يتخذ جسمه شكلاً مائلاً.)
وتضيف الكتب :
ـ ( الظهر عنده محدب والأقدام ذات أربعة أصابع ، والأذن مستعرضة فوق القاعدة ومدببة الطرف يكسوها شعر خفيف ، والعيون منحرفة ... ! )
لم يكن بحاجة لعد اصابع قدم هذا الشيء المنفر، فمنظر وجهه الكريه، وشعره الداكن وأنيابه الغليظة كانت كافية له ليعرف ما الذي يقابله ويدور حوله . ولكن من جاء به الى بيته؟ كيف دخل ووصل مكان نومه؟ والأهم ماذا عله ان يفعل لمواجهته ؟ كيف يتصرف الان ؟ الكتب تقول ايضا :
ـ ( أنيابه غليظة قوية وكذلك الأضراس الأمامية لتصلح لطحن العظام ، وفي تكوين أسنانه ما يمكنه من أكل بقايا الغذاء التي تتخلف عن حيوانات أخرى كالعظام وغيرها ، وكذلك له من قوة عضلات الفكين ما يجعلها أقوى فكوك الحيوانات طراً.)
ما الذي جاء به تحديدا في هذه الظهيرة اللعينة الى بيته ، وهو الذي تقول عنه الكتب :
ـ ( هو حيوان ليلي لا يخرج من جحره إلا بعد المغرب ولا يبارحه نهاراً إلا مرغما وتحت ستار الظلام !)
حاول ان لا يتحرك حتى لا يثيره ، فربما يهاجمه ويفترسه ؟ ألم يوصف بالغدر وشهوته للحوم بني آدم ؟
ـ ( ومتى رأى إنساناً نائماً حفر تحت رأسه وأخذ بحلقه فقتله وشرب دمه ... )
وأليس ما كان يكرره جده علينا من حكايا في ليالي الشتاء تعني هذا الشيء بالذات ؟
ـ ( روى البيهقي ، عن أبي عبيدة أنه سأل يونس ابن حبيب عن المثل المشهور"كمجير أم عامر " ، فقال : كان من حديثه أن قوماً خرجوا إلى الصيد في يوم حار فبينما هم كذلك إذ عرضت لهم " أم عامر" فطردوها فاتبعتهم حتى ألجأوها إلى خباء أعرابي فقال : ما شأنكم؟ قالوا: صيدنا وطريدتنا. قال: كلا والذي نفسي بيده لا تصلون إليها ما ثبت قائم سيفي بيدي ، لأنها استجارت بي . قال: فرجعوا وتركوه ، فقام إلى لقحة فحلبها وقرب إليها ذلك، وقرب إليها ماء فأقبلت مرة تلغ من هذا ومرة تلغ من هذا حتى عاشت واستراحت فبينما الأعرابي نائم في جوف بيته ، إذ وثبت عليه ، فبقرت بطنه ، وشربت دمه ، وأكلت حشوته ، وتركته . )
كان عليه ان يتصرف بسرعة قبل ان يبقر هذا الشيء الكريه بطنه ويشرب دمه ويأكل حشوته. على الاقل ليحاول طرده من بيته ان لم يتمكن من قتله ، فسرعان ما سيعود الاولاد وامهم ، فهل يتركه يفترسهم بسهولة ؟ أيعقل انه وجاره دخلا نقاشا لا نهاية له حول امكانية أكل لحم هذا الشيء الكريه المنفر؟ كان جاره يستشهد بالآيات القرآنية وكونها لم تحرم من لحوم الحيوانات الا لحم الخنزير، وكان يتمسك بالرواية عن النبي محمد الذي نهى‏ ‏عن أكل لحم كل ذي ‏ ‏ناب من ‏ ‏السباع ‏. لكن الان وهو يرى هذه الكتلة العجيبة المنفرة تدور حوله وتحاول ان تنقض عليه ادرك حجم خطأ جاره الذي طالما اغضبه بشروحاته العويصة . ايعقل ان يكون لحم هكذا مسخ حلالا ؟ راح يتحسس بيده مكان نومه بحثا عن شئ ما . اي اداة قريبة تساعده للانقضاض عليه . واصدمت اصابعه بطرف الحائط . اصدمت بقوة جعلته يفيق من نومه. كانت الصالة الصغيرة فارغة الا منه . كان جسده يتصبب عرقا . على شاشة التلفزيون كان ثمة من ينظر باتجاه الكاميرا بعيون منحرفة ، بجسم ممتلىء ورأس كبير وعنق غليظ يقف بشكل مائل محدودب الظهر بأتجاه الميكرفون :
ـ نرجو من ابناء شعبنا الكريم ، الوثوق بنا وببرنامجنا الانتخابي ، فأن وصولنا الى البرلمان ...

هلسنكي 4/10/2009



#يوسف_ابو_الفوز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثقافة التواضع !
- سلة الثقافة وفاكهة الأعتذار !
- ليفرد طائر الثقافة جناحيه !
- في أنتظار المثقف -السيادي- !
- ماذا يعني في بلد أوربي أن يكون أسم المجرم : إبراهيم ؟!
- أصنع مستقبلك أيها النمر العراقي !
- من أجل أن يشج رأسك كتاب !!
- مثقف راهن !
- الكاتب عبد المنعم الاعسم : لو امتدحوك فهذا يعني أنك على خطأ ...
- من أجل الحوار والتمدن … تحية !
- عَمود بالعرض !!
- السينما تخلد قصة وفاء كلب ياباني !
- ديمقراطية الخورمژ !
- خذ بالك من أنف الديمقراطية ؟!
- الكلاب المسعورة !!
- صورة -العدو- البشع في الدراما التلفزيونية العربية -رجال الح ...
- هل سيشهد العراق فترة حكم الديكتاتورية الطائفية ؟
- النكات الطائفية !
- التراث العراقي تراث تعاضدي أنساني
- لقاء مع المناضل الشيوعي والاستاذ الجامعي الفرنسي باتريك ريبو


المزيد.....




- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...
- انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
- -سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يوسف ابو الفوز - ضحك مبحوح !