رامي مراد
باحث مهتم بقضايا التنمية - فلسطين
الحوار المتمدن-العدد: 2911 - 2010 / 2 / 8 - 13:07
المحور:
الادب والفن
امتشقت قلمي لأخط بمداده مشوار عمري، من أين أبدا يا أبي....بنيتي لا تصري على استشراف ما وراء الباب العالي، فحكام الدولة العثمانية قد أعلنوا الخلافة ليومين آخرين، و ما ذنبي يا أبت فقد قررت أن أقرر مصيري بيدي، فمن غيري له الحق في رسم ملامح مستقبلي؟.
انتظريني يا حلوتي فقد احتاج لما تبقى من مداد قلمك لتخطي به طرية موتي و من ثم تكتبي أيامك الخوالي اقصد أيامي، لا تستعجلي فقد اجلوه لأسابيع فقط حتى تبرد بقلوب أبناء حزبهم المرارة و ينسون أن من سيحاورونه قد اجل البث في تقرير غولدستون لأشهر معدودة، فكيف سيحاورون من اتهموه بالخيانة ليعلنوا معه إمارة الخسارة، ياويلك غزة يا ويل بنيتي أسطورة الحب في زمن التعصب و الكراهيه.
أبي و ما دخلي؟، لا دخل لنا إلا أننا نخضع بصمتنا لجبابرة الإمارة، في غزة و في رام الله وفي كل حارة، سيجلس ملازم بسيارة شرطة يعلن توقيفك عند كل مفترق ستمرين فيه نحو المستقبل الذي تأملي رسمه، فهل تعتقدي انك حرة باختيار الألوان التي ستلونين فيها أيامك.
نعم يا أبي أنا من سيقرر كيف يعيش كما ستقرر أنت متى و أين و كيف تموت، لست بصاحب قراري يا بنيتي، لكني سأختزل زمني بأيام حبي و سعادتي، ترى حبيبتي كم سيكون عمرك بعد ما يزيد عن الخمسين سنة من ربيع عمرك القادم، ربما سيكون أسبوع حلم تحلمين فيه بأنك تمسكين بيد حبيبك و تسيري معه على شاطئ بحر غزة، تعلنون فيه حبكم للجميع دون أن يوقفكم مندوب امن يكره الحب لأنه اعتقد أن الحب من الشيطان و القتل و الترهيب جوهر الإيمان، و ربما أيام احدد فيها من سيحكمني و يرسم بقوانينه مستقبلي، تقصدين الانتخابات، نعم أبي، ترى هل سأعيش حتى اخط بإصبعي رقم من سيجلس بتربيعه على كرسي المجلس الذي يرزخ تحت الاحتلال، قالوا أن الانتخابات قد اقترب موعدها، لا بنيتي بل ابتعد فقد علمت أنهم يذهبون هناك حيث يلتقون على قارعة رصيف الجياع في مصر الآبية لينتزعوا الموافقة على تأجيل الانتخابات ليوم واحد فقط ثم ستؤجل بعد ذلك بضرورات الواقع إلى حيث مالا نهاية، أبي هناك من يفهم مقصدهم فلن يعطوهم مآربهم، لا حبيبتي بالمصالح تأخذ عقولنا إجازة حتى نوقع على بيع ما تبقى من حرية و حق المواطن المسلوب أصلا.
أبي إذا لن أكمل رسم ملامح مستقبلي فقط أريد أن أنام لأحلم أنني أعيش على قارعة الجنة، يا ويلي نسيت رحيقها، أو كما يخبرون صاحبي في شارع بيتنا أننا يجب أن نعيش حياة البؤس في الدنيا لننعم برحيق الجنة بالآخرة، لا بنيتي فقد علمت أن الله يحبنا فلا يحب لنا الآهات ترتسم على شفاه أطفالنا، لكن مختار حارتنا يركب سياراته و ينعم في حياته على حساب صاحبك فاخبريه أن الجنة في دنياه فلينتزعها ممن يحرمه إياها، أبي قد عرفت الآن أن رسم ملامح مستقبلي لا يكون بمداد قلم يئن، بل بعبارات تجمع المطحونين حولي لنسقط بأقلامنا قلاع البؤس و الإذلال و مصادرة الحريات و نعلن جمهورية حريتنا رغم انف مشايخنا....صدقت بنيتي، و ما أروعك أبي.
#رامي_مراد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟