ئاشتي
الحوار المتمدن-العدد: 2911 - 2010 / 2 / 8 - 11:41
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
التاريخ جرح من دماء وحروف،مثلما هو معيار لبعضهم في الخسة والدناءة،فالجرح يرسم عالمه بحروف دمه كي تكون شاهدة على أصالته،والخسة ترسم عالمها من رداءة الخيانة كي تكون شاهدة على الدناءة،وما بين الأصالة والدناءة برزخ،فالأصالة تعني فيما تعني الإخلاص لقيم الإنسان واحترام كينونته،والدناءة ترمي بكل أدرانها على امتداد حياة الإنسان البهية كي تشوهها.
والتاريخ أرجوحة من الحب والتفاؤل،مثلما هو معيار لبعضهم في الكراهية والقبح،فأرجوحة الحب تحلق في فضاءات لازوردية من التفاؤل،وتبعث الدفء في أوصال الكون المتجمدة خوفا،والكراهية تندثر في مستنقعات الحقد كي تتملى كينونتها القبيحة حين يعلو مد انحطاط القيم،وتطغى على وجه الكون تباشير التشاؤم من غد متفحم.وما بين أرجوحة الحب والكراهية والقبح برزخ،أرجوحة الحب ارتقاء للسماء،والكراهية والقبح اندثار متحقق في البؤس.
وتاريخ جريمة 8 شباط،هو تاريخ معايير الخسة والدناءة والكراهية والقبح استو رثه القائمون عليها من صفحات الحقد الأسود،فتجسد في القتل والاغتصاب والسجن وهدر الكرامة وإهانة الروح الإنسانية والسرقة والتنكيل والتمثيل بالشهداء والتعذيب المتوحش والاستهتار بكل القيم وانتزاع الاعترافات ودفن الأحياء ورمي الجثث في الأنهار ومقابر سرية مثل أقبيتهم،وقد أورثوه للخلف الطالح منهم بكل قباحته،كي يتواصل تاريخهم الذي ينتمون إليه بكل سعادتهم فيه.
وتاريخ 8 شباط الجريمة،ذاكرة من أسفلت،تنفستها مدن وشوارع وأنهار وجداول العراق،ولفظتها قبحا ودما وموتا يوميا،مثلما اعشوشبت بروح مرتكبيها خسة ونذالة،وتبارى القائمون عليها في كيفية إيغالهم بمسالك صنع الموت،فكان الكي،وقلع الأظافر،والتعليق بمروحة السقف،والكهرباء،وبتر الأطراف،وسمل العيون،والتجويع،وعربات الموت،وتناسخ السجون والمعتقلات،والخوازيق،والتعطيش،وكل مسببات الموت المجاني هذه،هي جوهر 8 شباط الجريمة،تلك الجريمة التي يحتاج الوطن إلى عقود من سنوات الحب،والحب فقط،كي يبرأ من سقمها.وتندثر أثارها في بحار من النسيان.
____________________________________________________________
*نشرت في جريدة طريق الشعب يوم 8 شباط
#ئاشتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟