|
تركيا كمأذق للاستراتيجية الغربية الجديدة (1)
محمد محمد - ألمانيا
الحوار المتمدن-العدد: 2910 - 2010 / 2 / 7 - 23:00
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تركيا كمأذق للاستراتيجية الغربية الجديدة (1)
- دون أن تصبح سوريا بديلة عن تركيا... ودون ابعاد تركيا من حلف شمال الأطلسي يصعب نجاح الاستراتيجية الغربية الجديدة في المنطقة
لا شك أن معظم السلطات التوتاليتارية والشوفينية في الشرق الأوسط تهاب وتكره الاستراتيجية الغربية الجديدة منذ انتهاء الحرب الباردة السوداء السابقة أصلا ومنذ أحداث 11 سبتمبر 2001 الارهابية بشكل أكثر، ولو أن بعضا من تلك السلطات لا يجهر بذلك غالبا. حيث أن هذه السلطات كامتداد لسابقاتها ووفق طبيعتها تلك وتلذذها بالتحكم وبالتسلط القمعي والعنصري التقليدي والأوسمانلي على الشعوب المتعددة والمتنوعة قوميا وطائفيا في تلك البلدان كانت قد تعودت على اغتنام المكاسب الوفيرة الناتجة من صراع المعسكرين الشرقي والغربي سابقا في مختلف الأصعدة والمجالات المهمة. وبانتهاء ذلك الصراع ومباشرة الغرب شيئا فشيئا بممارسة استراتيجية جديدة خاصة تلبي وتؤمن مصالحه بشكل أوسع من السابق ولتزيل بقدر الامكان الآثار السلبية الناتجة من ذلك الصراع وكذلك لتصعد من الضغوط المتنوعة على تلك السلطات بغية احداث تغييرات ديموكراتية لصالح الحريات والعدالة الاجتماعية للشعوب المقموعة والمضطهدة في تلك البلدان أيضا. فكان قيام الغرب بتحرير الكويت، ايجاد بعض المناطق الآمنة للكورد الجنوبيين في كوردستان العراق وحمايتها(بشكل أكثر أمريكا وبريتانيا) حتى تحرير العراق سنة 2003، تأييد تشكيل دولتي ارتيريا وتيمور الشرقية واستقلال العديد من دول الاتحاد السوفيتي ويوغسلافيا السابقتين، التدخل لحماية شعوب بوسنا وكوسوفو وتشكيل دولها لاحقا، دعم المفاوضات والاتفاقيات المعنية بين الفلسطين واسرائيل... وغيرها. فنظرا الى هذه التطبيقات وما يتلوها لاحقا قد أحدث خوفا وكرها كبيران لدى تلك السلطات اتجاه مساعي تلك الاستراجية الغربية الحديثة والبحث عن كيفية عرقلتها أيضا، وذلك حسب الأدوار المتنوعة والمؤثرة لتلك السلطات. فبدأت هذه السلطات عبر أجهزتها الأمنية والمالية والدبلوماسية والاعلامية داخليا وخارجيا وكذلك أحيانا عن طريق مجموعات نخبوية ومؤسسات مالية خيرية مستقلة مزعومة مموهة ( هنا خصوصا الخليجية النفطية) باستثمار المجموعات الارهابية كالقاعدة وغيرها, التي تشكلت مقدماتها البنيوية سابقا اثناء الاحتلال السوفيتي لأفغانستان، ولتقوم تلك الأجهزة مجددا, وحسب دور المنوط به لكل سلطة بشكل غير مباشر، بتمويل وتوجيه وتقديم تسهيلات نقل حركية لتلك المجموعات بين الشرق الأوسط وأفغانستان وروسيا وأوروبا وأمريكا وحضها على مهاجمة الآليات والمؤسسات الغربية( خصوصا الأمريكية أولا على أساس أن أمريكا هي القوة الأساسية في الغرب) في المنطقة و أيضا حتى داخل البلدان الغربية من جهة وضد قوى الحريات والديموكراتية في المنطقة من جهة أخرى، وذلك بهدف تهديد واخافة الغرب بهدف ثنيه عن متابعة مساعيه الخاصة باستراتيجيته الجديدة تلك والتي هي في نظر تلك السلطات تشكل مدخلا نحو احداث تغييرات ديموكراتية وكذلك نحو تفتيت مزعوم للعديد من دول المنطقةعلى أساس قومي وطائفي (كالعراق، تركيا، سوريا، السعودية، السودان، ايران وغيرها) . هكذا الى أن ارتكبت تلك المجموعات الارهابية العديد من الهجمات على سفارات وبواخر ومنشآت أمريكية واختطاف الكثير من السواح الغربيين ومن ثم ارتكاب الهجوم الارهابي الأكبر على نييورك وواشنطن في 11.09.2001، سرع وزاد هذا الغرب بضغوطه المعنية ضد العديد من تلك السلطات متوجة بتحرير أفغانستان والعراق، تحرير لبنان من القوات السورية، دعم وانجاح اتفاقيات حق تقرير المصير لشعوب جنوب السودان وزيادة الضغوط على السلطات السودانية للكف عن جرائمها ضد شعوب دارفور، فضلا عن ممارسة المزيد من الضغوط الجادة على السلطة البعثية الدكتاتورية والشوفينية في سوريا وغيرها بل وكان مأمولا أيضا بأن يقوم التحالف لاحقا بازالة سلطات شمولية أخرى في المنطقة والتي ثبتت عليها تهمة مشاركتها المباشرة أو الغير مباشرة في تمويل أو دعم أمني أو توجيه وتسهيل نقل حركي لتلك المجموعات الارهابية. غير أن الصعوبات الكبيرة التي أحدثتها المجموعات الارهابية المتنوعة وأصابت الآلاف من جنود القوات الأمريكية والبريطانية بعد تحرير العراق فضلا عن الخسائر المالية المليارية وفي ظل غياب التعاون الجدي الفعال على الأرض كونترولا و لوجستيا من قبل القوى السياسية الشيعية والكوردية والسنية المعتدلة صاحبة المصلحة الأساسية في اسقاط النظام الهمجي السابق مع قوات الحلفاء المحررة لملاحقة تلك المجموعات قد أدى الى أن تصعد تلك السلطات المجاورة وغيرها بارسال أعداد كبيرة الى العراق وتقديم أموال ضخمة لذلك بهدف افشال الاستراتيجية الغربية تلك، بالاضافة الى عدم جاهزية وقابلية قوى المعارضة في استنهاض الجماهير ميدانيا للمطالبة باحداث تغيير ديموكراتي في سوريا وغيرها من تلك الدول المعنية, وكذلك فضلا عن الحاح تركيا الدائم لدى أمريكا قبل تحرير العراق وبعده بشكل أكثر(وهذا يكاد أن يكون العامل الحاسم ) لئلا يتم تدخل أمريكي-غربي في سوريا وذلك خوفا من توسيع وتعزيز الوضع الكوردستاني من ناحية حيث هناك يقدر تعداد الشعب الكوردي المضطهد بحوالي عشرين مليون كوردي سني وعلوي وزرادشتي محرومين من حقوقهم القومية والدينية والاقتصادية ويشكلون أغلبية ساحقة في حوالي 23 ولاية داخل مناطقهم التاريخية لكوردستان الشمالية ويناضلون منذ عقود بمختلف الوسائل لتأمين تلك الحقوق ، ومن ناحية أخرى لكي لا تأخذ سوريا المحررة غربيا مستقبلا دور تركيا الجغرافي البري والبحري والجوي بخصوص تمركز ونقل المعدات الغربية اللوجستية والاستراتيجية من الغرب الى الشرق الأوسط وافغانستان وذلك عبر سوريا الى الخليج والى العراق دون الالتفاف الطويل المجهد عبر قناة السويس والبحر الأحمر والى الخليج والمعرض دوما لمرمى الضربات الارهابية من السواحل المحيطة الطويلة, فانطلاقا من هذه العوامل الأساسية وغيرها قد بدأ الغرب مضطرا ولجلب الاستقرار النسبي في العراق بالمهادنة والتفاهم ثانية مع تلك السلطات ومن ثم تغيير بعض عناصر استراتيجيته( كما تضمن تقرير بيكر ـ هملتون خريف سنة 2006 والذي أثر سلبا جدا على حقوق الكورد وعلى آمال الشعوب المقموعة الأخرى في تلك الدول المعنية أيضا). وفي هذا الاطار ونظرا لكون تركيا عضوة في حلف ناتو منذ ظروف الحرب الباردة القاهرة، ولو أن قيمة مشاركتها قد تدنت كثيرا بعد انتهاء تلك الحرب، ألا أن الغرب لا يزال الى حد ما يستمع اليها بخصوص بعض الأمور ريثما يتمكن من الوصول الى بعض أهدافه الاستراتيجية الأخرى في المنطقة وخارجها وكذلك لاستخدام ممراتها المائية والبرية والجوية اللازمة. ولكن في نفس الوقت وللأسباب المذكورة السابقة تعتبر تركيا الخاسر الأكبر في المنطقة في حال تنفيذ الاسترتيجية الغربية المعنية في المنطقة ولذلك تحاول وتشكل العائق الأكبر لتنفيذ ذلك, كما أن تركيا لا تتقيد بمسائل الحريات والديموكراتية وحقوق الانسان بعكس شروط العضوية للحلف وهذا ما يكلف كثيرا سلبا على سمعته التي يحاول أعضائه الغربيين دوما التشبث بتلك القيم ، وبالتالي تصبح مساعي الغرب ومستقبل تنفيذ تلك الاستراتيجة المعنية في مأزق كبير ما لم يتخطى هذا الغرب الالحاح التركي المذكور والمتابعة في ايجاد بدائل أخرى لها، هنا وقبل شيء كل سوريا الحبيبة !
محمد محمد ـ ألمانيا
ـ ملاحظة: الحلقة القادمة بخصوص عامل المأذق الثاني للاستراتيجية الغربية هو اسرائيل!
#محمد_محمد_-_ألمانيا (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الملكة رانيا والأمير الحسين يهنئان ملك الأردن بعيد ميلاده
-
بعد سجنه في -معسكر بوكا-.. ماذا نعلم عن أحمد الشرع الذي أصبح
...
-
الجولة الثالثة.. بدء إطلاق سراح الرهائن في غزة و110 أسرى فلس
...
-
من هي أغام بيرغر الرهينة التي أطلقت سراحها حماس الخميس؟
-
هواية رونالدو وشركائه.. هذه مضار الاستحمام في الماء المثلج
-
سقطتا في النهر.. قتلى في اصطدام طائرة ركاب بمروحية عسكرية قر
...
-
مراسم تسليم الرهينة الإسرائيلية آغام بيرغر للصليب الأحمر في
...
-
-كلاب و100 ضابط من أوروبا على حدود مصر-.. الإعلام العبري يكش
...
-
أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني يصل إلى دمشق في أول
...
-
دقائق قبل الكارثة.. رجل يكشف آخر رسالة من زوجته قبل حادثة مط
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|