أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مهند صلاحات - تشي به الأشياء التي لم يعشها معها ... حتى الشمس















المزيد.....

تشي به الأشياء التي لم يعشها معها ... حتى الشمس


مهند صلاحات

الحوار المتمدن-العدد: 884 - 2004 / 7 / 4 - 06:04
المحور: الادب والفن
    


ما زالت تنتظره ... ولن تبوح به لأحد حتى شمس البحر
ولا أحد يحاول أن يفسر معنى شفاه لشوق الكلمات
حين تستفيق بقايا الكلمات من عزلتها لتعلن ميلاد خاطرة ربما نكتبها بعبق الثمل من كأس لم يشربه أحد قبلنا
وربما كأس أو فنجان قهوة مقلوب يحاول الآخرون استقرائه, تمزج خلجات النفس في ذاتها فتصنع الخاطرة
من كل حواس الشاعر , ربما المجنون الذي يحاول إيجاد نفسه في تعقيد كلمات الذات الحية
إنسان يحاول أن يرسم العالم في كلمات في حوار مع أخرى, ربما كانت أنثى ترى فيه كل شيء في فلسفة الوجود
وربما كانت وجودية مثل سيمون دوبوفوار تحاول أن تصنع منه جان بول سارتر الجديد وربما كانت عربية في ملامح الشرق المغبون كما فعلت أحلام مستغانمة
لم يكن شرطا كافيا أن تكون أديبة حين تجالس فنجان القهوة لكي تقول له ما يجول بخاطرها حين رحل عنها
وأي رحيل كان ؟ هل كان ذاتيا !!! أو كان اندفاع المجانين نحو أنفسهم, فأصابهم داء لم يعرفه أحد سوى انه موت
الشيء الوحيد الذي بقيت على يقين منه
أنها المرأة الوحيدة التي يمكن أن تصنع من بقائها معه جسرا طويلا يصل حتى نقطة ساخنة لا يستطيع البعض تجاوزها كما يتجاوزها درويش حين قال:
(لنفترق كما نحن , سيدة حرة وصديق وفي , فلم يعد متسع من العمر لكي نشيخ معا)
وأي متسع اجمل من شيخوختهما معا في قبو الحياة الأخر وربما قبر لحياة سبقت
ليس اجمل من امرأة في آخر عمرها ربما في السبعين , ربما في الثمانين , أو ربما نسيت تاريخ ميلادها كما نسيت جدتي متى ولدت قبل أعوام حتى أنني أظن أحيانا أنها قبل مجيء الفيل وعلى ظهره الحبشي ليغير مستقبل العرب
هذه المرأة الكلمات تجلس في أعوامها الثمانين إلى جانب فنجان قهوتها التي اعتادت أن تشربه معه كل صباح
تذكر ذات يوم حين كانا أطفالا كبرا معا وذابت فيهما الأيام
ربما هي ترسم هذه الصور في كل الأشياء وتخيلت نفسها في عمر الثمانين فذاقت حلمها كالحياة
وهل يستطيع إنسان أن يتصور انه يتذوق حلما يرى به نفسه في الثمانين من العمر
نعم لقد كان تحلم في حلم تتذوقه بكل أركانه وصوره وزواياه المرسومة بدون آي مهندس يحاول أن يرسمها
كانت تخاطبه في حبق لم يحصل من قبل , حبق كالزهور في كلمات قالها كل العشاق قبلهم لكنهم ظنوا في تلك اللحظات انهم يخترعونها وربما يسرقونها من بين مفردات اللغة ومن الوقت
عاشوا سباق الوقت قبل أن يقف الوقت ويأخذ أحدهم
في شفاه لشوق الكلمات
صورتين
تخاطب فنجان قهوته هي في الأولى في ذكرى رحيله عنها
وفي الثانية صورة لانتحار عاشق عند صورتها وعلى بعد أمتار يصرخ في فنجان قهوته الأسود لما رضي أن لا تعده هي, وكيف سيشربه وحيدا عنها
تقول لفنجان القهوة على الشرفة الصغيرة التي طالما قضيا سنوات عمرهما يتناقشان فيها حول أمور الحياة والأطفال
فتغضب هي ويصمت هو
تهدأ هي فيتكلم هو
يلتقيان بالنظرات فتلقي بجسدها المرهق الخائف في حضنه الدافئ ليتناسيا بقايا حساب المتجر القريب وفواتير الماء والكهرباء ومصاريف تأتى من غير موعد ومصاريف الأطفال الذاهبين هذا الصباح للمدرسة وما يتبقى من راتب أخر هذا الشهر كي يخرجان ربما لشرب شيئ أخر غير القهوة في مقهى يعج بالناس لأن القهوة تحتاج لمكان يخلو من سواهما
لكي يكمل فنجان قهوته ويخرج لعمله وتنتظره بشوق وهي تعد ما عاثه خرابا أطفالهما في البيت الصغير وهي تقول لو كانا أطفالي لوحدي لما قبلت كل هذا العناء المجنون لكننا شركاء بهؤلاء المجانين لذلك أرد راحتي لعينيك حين ترحل
فلقد كنت أتتمنى في لحظة أن افتح باب هذا البيت معك كما تمنت أحلام حين وشت به الأشياء لها
صحيح لم يكن ذات البيت فقد كان غرفة صغيرة عاشا لوحدهما فيها بدون الأطفال, بدون هؤلاء المجانين الذين يملأون البيت صراخا كل ذات صباح يبدأ مع شمس أو بدونها إن كان شتاء اليوم قويا تخجل الشمس أن تسرق ضجر هذا المطر
هي على يقين مطلق أنها تشبه الشمس , لا بد لها أن تصمت حين يبدأ هو ضجرا وصراخا كما المطر تماما حين تساقط تسكت الشمس وتختفي خلف الغيوم
ولا أحد يعرف ماذا تصنع تلك الشمس المجنونة خلف الغيوم
هي ليست بحاجة لتفسير علماء لكي يقولوا لها أن الشمس لا تغيب ولكنها تتوارى عن الأنظار بفعل الظواهر العلمية, فهي لم تسأل نفسها لماذا جاءت إلى الحياة
كل ما تريده هي أو تعلمه أنها جاءت فقط من أجل أن تكون نصفه الأخر تقبّل حبات عرقه الصغيرة حين يعود عند المساء فيهديها قبلة المساء فيشعران بطفولتهما المجنونة حين يتواريا خلف الباب ليهديها القبلة خوفا من أن يراهما ذات أطفالها الذين صاروا عبق حياتهما الأخر الذي يحتم عليهما الخجل في البيت
وجاء هذا اليوم الذي جلست فيه تشرب قهوتها وحيدة بعد أن ذهب عنها أطفالها الذين كبروا وتبادلوا دورها ودور فارسها قبل أن يرحل, ورحلوا هم أيضا ولكن للحياة وهو رحل للتراب ربما , وربما بدون ذهاب حقيقي إلا انه كان جزءا من الحلم الذي تذوقت زواياه
تشرب قهوتها بصمت وهي تحدق بالقهوة وكأن القهوة الأنثى صارت ذكرا وصارت هو, فتقول له :
كنت أظن بأني غير مهتمة كثيرا بالكتابة وما يكتبها الكتّاب خاصة أن لا أحد منهم يخصني بشكل خاص لكي أتابع له ... لكني الآن أظن أن ليس نصفي الأخر يكتب فقط بل أنا بذاتي اكتب وأتنقل بن الكلمات كما يتنقل المجنون في شوارع حاراته القديمة ويقول ما يخطر بباله من أفكار جنونية ومنطقية نوعا ما ....
أعجبت فيك من خلال مقالاتك, و أثرت إعجابي عندما تعمقت اكثر لكي اصل إلى قلبك وحياتك فوجدتهما مغامرة لذيذة لابد أن أتذوقها في يوم من الأيام ....
أنا أيضا انتظرك على باب بيتك ....أناديك تستجيب لي ....كل ما التفت أراك أمامي وأراك إمامي .....حسسك العاطفي يجلبك اللي كلما اقتربت مني تناديك قبلاتي هيا اقترب اكثر فلك مفاجأة تنتظر عودتك إلى البيت حضني يشتاق لضمك وبقوة لكي أتتنشق هواء عملك وكي اشتم عبق عطرك وإن كان عرق الصباح فهو عطري المفضل .....وما أراك حتى أغدو كطفلة شقية تنتظر من يفهمها ويداعبها ...اسرق منك النظرات التي افتقدتها بغيابك ... اسرقها من داخل فنجان قهوة راكد أمامي كأني عرافة ترى وجه الغائب في الماء ....احضر لك فنجان قهوة أتشارك فيه معك, لك رشفة منه ولي رشفة منك أنت ....
ثم احضر لك الأشياء التي لم أحضرها من قبل أن تكون لي ....التي طالما كرهتها ...ربما, وربما أحببتها ولكن ليس اكثر مني
أمازحك حين أرى ضجرك, أتذكر أنى شمس ويجب أن أختفي خلفك حين تغضب
حتى لو كان غضبك بسببي اعرف أنى كسنّة هذه الحياة لا بد أن أظهر لأشرق مرة أخرى, و أقبلك
لا اعرف أي بشر قبلنا اخترع تلك القبلة لكني واثق انه كان أنثى , وكان لها رجل مثلك, كان كالمطر غاضبا ساخطا فحاولت اختراع شيء لكي تكون شمسه ويعترف بظلالها على الأشجار فوافق
وفجأة جاءت تلك القبلة كالفكرة واخترعتها الأنثى
لم تكن حمقاء يوما ... كانت بالفعل عبقرية ووجودية
وبتلك القبلة استطاعت أن تمتلكه للأبد وان تكسر مفردات اكبر من مفردات درويش وان تمحو من قاموس المفردات كلمة ( لنفترق)
لان من اخترع تلك المفردة بالتأكيد كان رجلا راحلا عن قوانين العشيرة والقبيلة
واعظم من كل هذا كانت تحبه مثلما احبك الآن بعد كل هذه السنون التي زالت كزوال آخر قطرات ندى عن أوراق زهرة جورية حين تشرق شمس الصباح الرائجة المغرورة بظهورها لتعلن أنها سيدة الأشياء كلها في هذا الكون المظلم
غير مبالية في ما يسمونه السلاح النووي ... أو أسلحة الدمار الشامل .. أو ما يسمى ربما الطاقة الشمسية فهذه الشمس ترى أن الطاقة الشمسية تشبه إلى حد بعيد دعاية للقهوة التي تقدمها امرأة تعطي القهوة أيضا طعما آخر وصباحا آخر وكل شيء آخر للأخر
وتكمل حديثها معه
احضر لك كل ما تشتهيه وأنا أول تلك الأشياء( أنا) لأني اعرف انك تشتهيني وبقوة
ثم انتظرك حتى تنتهي من مقالاتك وكتابتك حتى تأتى اللي وأنا انتظرك في مهد طفولتك معي فأنا ولدت وأنت ولدت منذ أن دخلنا هذه الغرفة
و الآن ويا لهذه المفارقة الغريبة
بعد أن قمت أنا بأعداد كل شيء أنت لم تأتي
أين أنت
هذا فنجان قهوتي على الشرفة مقلوب أدلل لك إن حضرت روحك الآن لتشاهد أنى انتظرتك ولكنك أنت لم تحضر
لا تقل هي سنّة هذا الكون الذي يرى انك كنت واجب الوجوب برحيلك لكي أبقى أنا ذكراك الجميلة
أنا ارفض كل سنن الكون إن رأت أنى يجب أن أبقى بعيدة عنك
ولا شيء في هذا الكون يبرر رحيلك
فأنت لي وأنا إن كنت شمسك سأغيب عما قليل لأسكن فيك
حتى تظهر أنت وأظهر أنا من خلالك
ونغلق باب هذا البيت علينا وحدنا فلقد رحل الأطفال جميعا وبقينا وحدنا

( في لحظات رحيل هذه الكلمات لها بدأت قصتها في داخلي تسكن فتلك هي قصتي معها التي لا تزال تحيا)



#مهند_صلاحات (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صدام و أحد عشر لصا في ضيافة العراقيين
- شهداء الحرية والثورة والاشتراكية الرفيق / محمد الأسود ... ثو ...
- شهداء الحرية الماركسية /الرفيق وديع حداد .. صانع الثورة الحم ...
- شهداء الاشتراكية والتحرر... الرفيق إبراهيم الراعي شهيد الحرك ...
- شهداء الاشتراكية والتحرر... الرفيق إبراهيم الراعي شهيد الحرك ...
- شهداء الحرية والاشتراكية / الرفيق أبو علي مصطفى ... رجل تعلم ...
- الفساد الإداري والمالي في السلطة الفلسطينية
- رجال في الشمس / رواية الشهيد غسان كنفاني ... الجزء الأول
- الدعارة آفة إجتماعية حقيقية بحاجة لعلاج
- خطأ النظرة إلى المجتمع تؤدي إلى خطأ النظرة إلى الحياة / مفهو ...
- أزمة المثقف العربي / غربة الوطن في الوطن
- إعدام المواطن الأمريكي من الحدود الإسلامية على الكفار أم حدو ...
- قرائة في كتاب -القضايا الكبرى-
- قرائة سريعة في الاحزاب العربية وخروجها عن الصف الوطني
- الخطاب القومي العربي ظهوره ونتائجه وانعكاسه على واقعنا
- وصية لميت لم يمت بعد
- هذا زمان سقوط الأقنعة
- الانتخابات الأمريكية...ودورنا المغبون!!!!
- ابن لادن... إسلام ضد الإسلام أم إسلام ضد الجميع ؟؟؟ سؤال يجب ...
- صليب الملح... هل تسمعين يا فاطمة


المزيد.....




- صحفي إيرلندي: الصواريخ تحدثت بالفعل ولكن باللغة الروسية
- إرجاء محاكمة ترامب في تهم صمت الممثلة الإباحية إلى أجل غير م ...
- مصر.. حبس فنانة سابقة شهرين وتغريمها ألف جنيه
- خريطة التمثيل السياسي تترقب نتائج التعداد السكاني.. هل ترتفع ...
- كيف ثارت مصر على الإستعمار في فيلم وائل شوقي؟
- Rotana cinema بجودة عالية وبدون تشويش نزل الآن التحديث الأخي ...
- واتساب تضيف ميزة تحويل الصوت إلى نص واللغة العربية مدعومة با ...
- “بجودة hd” استقبل حالا تردد قناة ميكي كيدز الجديد 2024 على ا ...
- المعايدات تنهال على -جارة القمر- في عيدها الـ90
- رشيد مشهراوي: السينما وطن لا يستطيع أحد احتلاله بالنسبة للفل ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مهند صلاحات - تشي به الأشياء التي لم يعشها معها ... حتى الشمس