|
الانتخابات البرلمانية مسؤولية وطنية أم انتهاز فرص
عبد فيصل السهلاني
الحوار المتمدن-العدد: 2907 - 2010 / 2 / 4 - 07:26
المحور:
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق
تعتبر البرلمانات ،في جميع دول العالم الديمقراطية، اكبر واهم مؤسسة وطنية في الدولة ، ترعى الديمقراطية، وتبني دولة المؤسسات، وهو الذي يراقب عمل الحكومة ويشرع لوجودها، وهو أصلا الذي يعينها من بين أعضاءه أو من خارجه ،وأخيرا والأكثر أهمية هو المسئول عن تشريع القوانين وسنها ، والأكثر من كل هذا وذاك هو المراقب لتطبيق الدستور وعدم تحويله إلى كلمة يقولها هذا الرئيس أو ذلك رئيس الوزراء، بل هو صلة الناس بالحكومة ، وعندما يردد الناس بأن البرلمان ممثل الشعب يعني بكل وضوح هو الشعب لفترة بين مرحلتين انتخابيتين، كل عضو فيه يسهر ويعمل ليل نهار على تحقيق مصالح ومطالب الناس الذين انتخبوه وقرروا أن يمثلهم في كل المحافل الوطنية والدولية .هذا هو البرلمان وأكثر من ذلك هو تكليف وطني سياسي وشرعي يتحمله النائب في البرلمان ، وعلى كل هذا يقسم بالكتب المقدسة للإيفاء بهذه الالتزامات هذا بكل اقتضاب جزء من مهام وتكاليف البرلماني . من خلال تجربتي المتواضعة، خلال الانتخابات ، لمرحلتين الأولى في 2005 والثانية بعدها في 2006 والآن في 2010 ولربما الآن في هذه الانتخابات أكثر من سابقاتها ، رأيت وشاهدت بأم عيني السباق المحموم للوصول إلى البرلمان بأي شكل وبأي وسيلة ،دون النظر أبدا إلى تأريخ هذا المرشح أو ذاك ، ولا حتى نزاهته ،أو شفافيته ،أو قدرته على العمل في هذا الجهاز المهم من أجهزة الدولة الديمقراطية ، لا بل إن الكثير من المرشحين قدموا الإغراءات المالية والوساطة الكثيرة أحيانا على مسئولي الكيانات أو رؤساء القوائم الانتخابية لا بل إن البعض منهم مع المخولين عن الكيانات لجاءوا للتزوير وتقديم هذا المرشح على الأخر ، ناهيكم عن مسلسل الارتكاب على الكثير من المرشحين . لربما هنالك مراحل سابقة قد ألقت بكاهلها على قيادات هذه القوائم أو رؤساء الكيانات أجبرتهم للجوء لمبدأ إثبات الذات من قبل هذه المجموعة العرقية أو تلك الاثنية ، لذلك لم يقدروا أو يتحسبوا لكفاءة هذا النائب أو تلك الممثلة للشعب ،لذلك مرَ العديد منهم دون النظر إلى قدراتهم أو كفاءاتهم أو حتى نزاهتهم،ولكن الآن قد طوِي هذا المسلسل الجائر ، ونحن الآن أمام استحقاق آخر إلا وهو الرحاب العراقية الوطنية التي تستوعب الكل ، وهذا الاستحقاق يجعل الكل أمام امتحان إما تثبيت الديمقراطية وحكم المؤسسات والسير بالعراق إلى مصاف الدول الديمقراطية المتحضرة أم العودة به إلى حكم الفرد والديكتاتورية المقيتة التي يتذرع بها البعض كوسيلة انتخابية لتمرير طموحاته وإيصال من هم غير قادرين على تحقيق أماني هذا البلد العظيم إلى هذه المؤسسة الوطنية العليا(مجلس النواب). تمثيل الناس والعمل من اجل انجاز ما يترقبونه من البرلماني ومن القائد السياسي قضية كبرى تستحق من الرموز الوطنية والقيادات الحزبية الابتعاد قدر الممكن عن التحزب المقيت الذي يغلب الحزبية على الوظيفة الاجتماعية والوطنية ، وهذا الأمر نهائيا لا يلغي أبدا التنافس داخل الحزب الواحد أو الهيكلية الحزبية ، المناصب الحزبية ليست هي مناصب ومسؤوليات وظيفية بل أن الانتماء الحزبي له حيثيات تختلف تماما عن المسؤوليات الوظيفية فلطالما كانت هنالك قيادات حزبية تبقى في مجال القيادة الحزبية ونشر مبادئ الحزب والعمل في المجال الجماهيري التنظيمي أكثر منه العمل في مجال المسؤوليات الإدارية أو التشريعية ، وهذا أبدا لا يقلل من مكانتها الاجتماعية والسياسية ، وتمارسه الأحزاب العريقة ذات الأهداف والنوايا الصادقة، إما تلك التي تشكلت خلال أيام معدودة ومجرد فتحت أبوابها أمام الناس خلال هذه الفترة حتى تدفق عليها العديد من أبناء العراق رغبة منهم في الاطلاع على أهداف ونوايا هذه المجموعة التي فتحت هذه المقر أو بدأت عملها بسبب الانغلاق السابق ونظام الحزب الواحد الذي فرض نفسه على البلد أكثر من خمسة وثلاثين عاما ، وهنالك هامش منهم جاء لمجرد الاستفادة ، غير إن السؤال المهم هل استمرت هذه الجماهير بنفس الاندفاع أولا أو أصلا هل واصلت العمل ضمن هذا الدكان الجديد أم إنها غادرته إلى دكان آخر فتح أبوابه وعرض بضاعته الجديدة القديمة التي سبقه إليها جاره الذي اقتصر على عدد من الإداريين وبعض من الإعلاميين الذين يعملون في أكثر من حزب. وما إن أعلنت المفوضية عن فتح باب الترشيح إلى مجلس النواب أو مجالس المحافظات حتى بدا رئيس هذه المجموعة يتجول بهم من هذا الائتلاف إلى الأخر معلنا كونه كيانا ويريد مناصفة أو محاصة هذه القائمة في عدد يرتقي إلى نفس العدد الذي تتكون منه الأحزاب أو القوى التي تكونت وتشكلت خلال فترات العمل السري ولها شرائحها الاجتماعية المعروفة وأهدافها المعلنة وشعاراتها المقبولة ، ولكنه أخيرا وبعد إن يصطدم بشروط الأحزاب المتنفذة حتى تجده يقبل في ترشيح نفسه فقط وفي أي ترتيب يكون . لازالت العملية السياسية في العراق تحبوا وتحتاج قبل كل شئ فرز اجتماعي وتشكيلات اقتصادية واضحة المعالم ويرتقي البلد إلى مستوى اقتصادي وتوفر فرص عمل وارتفاع في مستوى دخل الفرد الاقتصادي، وان يتخطى البلد فترة نجاع وانتقال جيدة من اجل إن تتكون طبقاته الاجتماعية الاقتصادية الواضحة وذات الحدود المعروفة ، وتتبلور الشرائح الاجتماعية هذه بحيث يفرز بشكل دقيق إلى حد ما الفواصل والحدود بين هذه الطبقات وعنذاك يظهر ممثلي هذه الشريحة أو تلك بصورة واضحة وجلية، ويتوجه الناخب بصورة جلية وراء الأهداف والبرامج السياسية التي يرغب بتحقيقها لا وراء شعارات فارغة ورنانة ما أن تنتهي فترة الانتخابات حتى يختفي هذا الجهد. إن هنالك عدد من الحركات سواء تشكل بعد التغيير أو قبله أو حتى شكله عدد من السياسيين الذين امتلكوا رؤية واضحة للجغرافية الاجتماعية العراقية أو للفكر العراقي حتى وان لم يتمكنوا من الوصول إلى قبة البرلمان أو بعض المواقع السياسية لكنهم يبقون مستمرون في عملهم الجماهيري والحزبي لأنهم فعلا يمثلون فئات معلومة تبلورت أم إنها في طريقها التاريخي واستحقاقها الزمني سوف تتشكل في المستقبل القريب ، وهم هؤلاء فقط الذين يدركون معنى العمل السياسي الجماهيري الحقيقي ، غير إن المكاشفة والمصارحة في بعض زوايا العمل الجماهيري السياسي واجب على المخلصين من أبناء العراق وذلك عندما يقولون إن بعض الأيدلوجيات والأفكار قد أعلنت سواء بنفسها أو من خلال موقف الجماهير عن فشلها في معالجة أمور البلد وتعقيداته السياسية فتجد إن البعض منها قد بدأ ينقرض والقسم الآخر بدأ مسلسل الاختفاء الجماهيري . كل التصورات تشير إلى إن العملية الانتخابية الحالية سوف تنتج برلمانا هشا أو لا يختلف عن سابقاته إن لم يكن اقل كفاءة ، وبذلك يدخل العراق مرة ثانية بفترة زمنية جديدة من التيه والتخبط في كل المجالات وقد يعيد البلد إلى المربع الأول ، حيث يطفو إلى السطح ألان ومن جديد الخطابات الطائفية وكلما تعرض أي من المتنفذين في العملية السياسية الحالية إلى نوع من الأزمة حتى يلجأ إلى استخدام الخطاب الطائفي أو الشوفيني ، كما هو الحال في أزمة منع بعض المرشحين من الترشح لخوض الانتخابات الحالية مما دفع الكثيرون من المسؤلين إلى فتح ما بدواخلهم من نعرات طائفية وقومية شوفيني مطمورة في نفوسهم بسبب تعرض الأمر إلى مصالحهم الذاتية أو الحزبية دون النظر إلى مصلحة البلاد ومصلحة العملية السياسية واحتمال تراجعها .
#عبد_فيصل_السهلاني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رسائل عيد رمضان
-
خطوات في الزمن الصاعد ضوء في طريق التيار الديمقراطي
-
بيان لقوى ديمقراطية
-
نبوءة فريدمان زيارة دي كشيني للعراق
-
مرة أخرى يفرض العراقيون إرادتهم
-
بطل من بلادي علي خليل (ابو ماجد)
-
فشل الاحزاب الاسلامية فشل بامتياز
-
تيار الوسط الديمقراطي الخاسر الوحيد في مؤتمر اربيل
-
من يتحدى من
-
رسالتين
-
رسالة الى اصداقاء
-
رسالة للدكتورميثم الجنابي
-
الطالباني والشبوط والديمقراطية
-
الزحف نحو المصالحة الاجتماعية والوطنية
-
الانتحارية(الرشاوي) ونقابة المحامين في الاردن
-
مشروع التحالف الوطني الديمقراطي للمرحلة الحالية
-
مشروع المرحلة القادمة للتحالف الوطني الديمقراطي
المزيد.....
-
الجمهوريون يحذرون.. جلسات استماع مات غيتز قد تكون أسوأ من -ج
...
-
روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ ب
...
-
للمرة السابعة في عام.. ثوران بركان في شبه جزيرة ريكيانيس بآي
...
-
ميقاتي: مصرّون رغم الظروف على إحياء ذكرى الاستقلال
-
الدفاع الروسية تعلن القضاء على 150 عسكريا أوكرانيا في كورسك
...
-
السيسي يوجه رسالة من مقر القيادة الاستراتجية للجيش
-
موسكو تعلن انتهاء موسم الملاحة النهرية لهذا العام
-
هنغاريا تنشر نظام دفاع جوي على الحدود مع أوكرانيا بعد قرار ب
...
-
سوريا .. علماء الآثار يكتشفون أقدم أبجدية في مقبرة قديمة (صو
...
-
إسرائيل.. إصدار لائحة اتهام ضد المتحدث باسم مكتب نتنياهو بتس
...
المزيد.....
|