أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ايمان محسن زوين - واقعيات 2 من مجموعة المتشحات بالوطن














المزيد.....

واقعيات 2 من مجموعة المتشحات بالوطن


ايمان محسن زوين

الحوار المتمدن-العدد: 2905 - 2010 / 2 / 2 - 03:33
المحور: الادب والفن
    


تتجول الذكريات في المخيلة... كفراشة تهرب من صيادها...كومض حلم تسرب , كالماء من بين أصابعها ...أحقا كانت ترتدي تلك الحياة الملونة وانتزعت منها غفلة... أم هو السواد لباسها ولم يكن ذاك الاخواطر نفس ٍ اشتهت السعد فترأىلها طيفاً . تزوجته وهي في المرحلة الثانية من الدراسة الجامعية زواجاً تقليدياً عائلياً ...هو شاب طموح تخرج من كليةالقانون والسياسة بحث عن وظيفة لم يجدها باشرالعمل الخاص ,ابتدأ بالقناعة والابتكار اقتطع من الدار واجهته لعمل محل يبيع فيه ما ينتقصه أمثاله من الباعة التحمت أكفهما ,وبعرقهما تضاعف الرزق حتى أمسى كالنهرالجاري الصافي ,عاشت في ظله محبوبة ,مراعاة هي وأطفالها الخمسة ...أغنتها سعادتهاعن مرارةاقعادها عن الدراسة مراعاة لتخلف الاراءالمجبرة على احترامها كونها من عشيرته,اذلايجوز لفتاة تسكن ريف أبو غريب أن تدرس وتخرج من الدار وهي في عصمة رجل يوفر لها ما تحتاجه .كانت الايام تمضي سريعاً بصحبته ...فهو رجل ولاكل الرجال .أغدق عليها كل ماتحب المرأة من الحب , والى ما لاتحتاجه ...ورغم انه ريفي النشئةالاانه لم يتوانى عن مساعدتها داخل البيت ,يحمم الاطفال , يغسل الاطباق يمازحهاوالاطفال بدون كلل ...حتى اليوم الموعود ...اذصحى يوماً وعلى جدار الدار وبخط مرتجف كتبت عبارة "لاتنتخب والاالموت" ضحك من الأمر و أوعزه الى عمل صبيانى...ورغم توسلاتها بان لايفعل ذهب للانتخابات قائلا: لن يردعني الجبن عن املاء رغبتي في اختيار اتجاهي.
توالت الايام القليلة .. قبل ان تسمع ذلك الصوت المرعب وتلك المادة الصغيرة المعدنية, التي تبخرت بعدها الارواح و الاحلام. بدم بارد, قتلته شرذمة ممن اباحوا لانفسهم ان يكونوا ضل الله على الارض , و يقتصون من الغير لاختلافهم عنهم , لم يبقوا شئ في المحل الا و احالوه رمادا.
كانت في الداخل تحمم البنات , بعد ان اعطته للاولاد يلهون مع ابيهم .. عندما خرجت , وجدته واولاده مضرجين بدمهم ترأى لها انهم موتى و لم تتصور انه رذاذ دم الاب تطشر على وجوه الصغار واجسامهم حتى اصطبغهم.
تجمهر الاقارب بعد سماعهم لصوت الاطلاقات وحملوه في سيارة نقل حملت كل ماضيهم وحاضرهم تاركين كل ما يملكون اخذين ما ليس لهم .. توفي الاب متأثرا بما جرى , هكذا فتح اول سطر للالم .. عاشت بذل في بيت تحكم فيه الاخوة , النسوة الغريبات المشاعر , ست اشهر طويلة .. الموت اهون من كلام ينزف قيحا .. لها عشرة اخوان .. لم يحتويها فيهم سوى احمد المعلم العازب ذو القلب الكبير .. اقتسم معاشه معها و بمساعدة جمعيات دفعت ايجار بيت مكون من غرفة واحدة فقط و منافع بسيطة .. خالية من اي وسيلة تدفئة او تبريد عدا مروحة هرمة ...تعاني الاماً في المفاصل . بعد كل ذاك العز والحب أمست الدنيا قفاراً من كلتيهما .توسدت أحزانها وارتمت بكل قواها في أحضان الحياة ...رغم نحولها وخوارها طرقت الابواب من أجل عمل يسد جوع الصغار كانت الشهادة الجامعية قفل القبول ... تكرر الحال لاشهر لم تستكين , وفي ومضة ارادة قررت اكمال الدراسة ,كان أحمد خير عون , بعد سؤالها الاسناد فقط , اجور النقل وشراء الملازم ...لم تكترث لمظهرها...بل باعت ثيابهاالتي لازمت أيام الثراء الغابرة ... وبقايا من مصاغ كانت تتحلى بها في البيت ...اذ لم يبق ِ رسل الشيطان على شيء في دارها لم يدمروه ...لكنهم فشلوا في هدم ذاتها الابية ...كانت تطوي الليل مع النهار هي وأولادها الاربعة لنيل التفوق .
لم تمضي الايام بيسرلان للحاجة مخالب تنهش القلب ...فطلبات المدارس لاترحم وعثرات المسيرة تسقط من السماء لاعلى موعد... لكنها الحياة ... تسير بعربتها...ساحقة ً أجساداً وأرواحاً.
لكنها المرأة, الصلبة انكفأت هي واولادها الصابرين ,على الدراسة ...تفوقوا جميعاً فأبنهاالبكر أظهر تفوقاً في السادس الابتدائي .وكوفيء من قبل منظمات وجمعيات انسانية في المنطقة ...وبناتها كذلك ...المفارقة ان لها طفلاً دون السن القانونية للمدرسة...بدلاً من ان يلهو مع أقرانه ويعبث في البيت كان يساهم في تنظيم امور المنزل المتواضع ,اذ انه في فترة غياب الكل للدراسة ,كان ينظف ويغسل الاواني ويهيء الامور الاولية للطعام وكأنه فتاة ناضجة ...شيء يثير الاعجاب عائلة لها اعجاز تتحدى الموت وتتسلق عليه بحبال الارادة وصولاً لمستقبل واضح الاهداف والخطى ...عائلة تستحق الدراسة والتكريم هذه التركيبة العجيبة من دم ولحم نقي شرب ماء العراق ...رغم شحته عليهم ...يسيرون في درب الحياة يضربون أمثالاً وعبر لايسع المرء سوى أن ينحني امامهم بكل تواضع ...انهم حقاً من الاخيار.



#ايمان_محسن_زوين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- واقعيات 1 - من مجموعة المتشحات بالوطن (التى لاتعرف اى شئ


المزيد.....




- “بجودة hd” استقبل حالا تردد قناة ميكي كيدز الجديد 2024 على ا ...
- المعايدات تنهال على -جارة القمر- في عيدها الـ90
- رشيد مشهراوي: السينما وطن لا يستطيع أحد احتلاله بالنسبة للفل ...
- -هاري-الأمير المفقود-.. وثائقي جديد يثير الجدل قبل عرضه في أ ...
- -جزيرة العرائس- باستضافة موسكو لأول مرة
- -هواة الطوابع- الروسي يعرض في مهرجان القاهرة السينمائي
- عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا ...
- -أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب ...
- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ايمان محسن زوين - واقعيات 2 من مجموعة المتشحات بالوطن