باهي صالح
الحوار المتمدن-العدد: 2903 - 2010 / 1 / 31 - 22:45
المحور:
الادب والفن
في الأيّام الخواليه
كانت الحكايه
هناك..
في صحراء خاليه
ليس فيها إلاّ رمال سابحه
و صخور عاليه
تسكنها الوحوش و الأفاعيا
ثارت عاصفه
غاضبه
أظلمت دنياها و زمجرت خلالها
رياح عاتيه
و انتظرنا و انتظر القدر
ثمّ انقشع الغبار و سطعت شمس باهيه
في حضن الأفق لاحت
مضارب بني لاهية
لقبيلة عربيه
أصيلة أبيّه
خرج شيخها
إلى الغائط في الواديه
نظر تحته و انشغل بالخرايه
و إذا بشيء كالنافوره
من ليل مدلهم أسوده
تفجّرمن بين البراز و الثّنايا
ليس كالماء الزّلال ولا صافيا
من رعبه قفز هاربا
و قد نسي أن يتطهّرا
و إذا بأحدهم يعترضه
و يسدّ عليه الطّريقا
ضنّ أنّه مبعوث من ربّ السّموات العلى
أرسله لينقذه من الملمّة
كالجنّي أو حارس الفانوسه
رآه مرّة أخرى
ليس له
على أيّة حال درايه
أملاك من اللّه
أم شيطان من جنس الأبالسه
أم بشر يشعّ بالبياض و الرّونقه
زاد خوفه و احتبست أنفاسه
ينتظر النّتيجه
وقف ينظر الحكايه
و إذا بالمبعوث يأخذ بيده
و يفسّر له كلّ الحكايه
أبشر أبشرقال له
من ربّك حلّت عليك الرّضايه
و من عنده
هلّت النّعم و الوصايه
أورثك الأرض و القياده
بلا فهم و لا قرايه
أسعد و قرّ عينا يا صاحبي
لا يعنيك أمر التّفكير و الفهامه
بالذّهب الأسود باطن أرضك
مرصوصة...مرصوصه
أنا صاحب عمل و خبرة
عندي عمّال و شركه
أعمّر الأرض و الدّياره
و أنت شيخ عربيّ
ليس لك على الأمر طاقه
بالشّعر طافح أنت و الشّهامه
أقعد و لا تحمل همّها
أنا أخرج لك أثقالها
و بقيّتها معلومه معروفه
تأتيك الثّمرات بلا تعب
و أنت قابع هناك لاهيا
مع نسائك و أولادك و البهائمه
لا تفكّر فيها و انسى أمرها
مكافئة جهدي النّصيبه
ولك الحصاد كلّه
مقابل الوفاق و التّصريحه
حينها...
لمعت
في رأس العربيّ فكره
و ومضت عيناه بالبريقه
أدرك أنّ عليه
أن يمسك بالغنيمه
و لا يوليها الإهمال والتّفريطه
ارتاح للمعترض طريقه
للماثل أمامه
و انتشى بالغبطة و السّروره
و إزاءه شعر بالرّاحه
و طفق يضع معه بنود الاتّفاقه
و هكذا...
بين صبح و عشيّه
أضحى
القادم من الغائطه
ملكا على الأرض
و النّاس من حوله عبيده
يأمر فيطاع أمره
بيده الصّولجان و الثّروه
السّطوه و الصّوله
و بين يديه كلّ نعمه
حينها جاءته استفاقه
و تذكّر دعاء نبيّه الأوّل و الكلمه
و أيقن أنّه قضاء و استجابه
من ربّ كريم
حريّ بكلّ الفضل و المنّه
و من سنة إلى سنه
كبرت العشيره
و أضحت مضارب العربيّ
من صحراء قاحله
إلى مدينة و أيّ مدينه
كبيرة كبيره
شُقّّت خلالها طرق و ارتفعت
فيها الأبراج و المبانيه
و توسّعت في طولها و عرضها
الشّوارع و النّواديه
و من بعيد لاحت المدينه
في ليلة صيفيّه
هانئه حالمه
كأنّها كوكب درّي
بالأنوار و الألوان ساطعه
انبهرت خلائق المعموره
ممّا فيها
من العجائب و الغرائبه
و صارت مثلا و عبره
لكلّ سامع و زائره
و هكذا وصلنا النّهايه
فتلك كلّ الحكايه
للشّيخ العربيّ
و قبيلته بني لاهيه
في تلك الأيّام الخواليه
#باهي_صالح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟