باهي صالح
الحوار المتمدن-العدد: 2903 - 2010 / 1 / 30 - 22:56
المحور:
الادب والفن
زنزانتي من خوف
و ها أنا ذا قابع بين حيطانها
منذ وضعتني أمّي هناك
لست أدري لماذا و كيف
كلّ ما هنالك أنّي
اعتدت ضيقها و ظلمتها
و الصّمت المخيّم داخلها
نسيت الألم و توقّفت عن التّفكير و السّؤال
أيقنت أنّها حياتي و مفروض عليّ أن أعيشها
من جدارها نبتت شجرة
بسياط و أمواس و رؤوس وحشيّة
ليل نهار تصرخ و تلوّح نحوي
تغلغلت الأصفاد في يدي
و بلغت العظم
حتّى أصابه الصّدأ
و لحسن حظّي أنّي فقدت الإحساس
و على فمي و قف حارس من جنده
يمنع الكلمة المجروحة الدّامية من الخروج
أمّا الطّرق إلى أذني فمفتوحة معبّدة
للتتوالى الإملاءات، الأوامر، الخطب و حتّى المواعظ
في طريقي..من أمامي و من خلفي
أنّى التفتّ أو فكّرت في أن أخطو
أن أرفع رأسي لأرى أبعد من قدمي
أجده أمامي ، يمنعني ثمّ لا يكتفي
بل يضطهدني ، يحتقرني، يلاحقني
بعت لساني للجلادّ لآمن غدره
و لأثبت لسيّدي و سيّده الولاء
لأبرهن على صدقي
و على أنّي ملتزم بالقوانين
باق على عهدي إلى الممات
طائعا منصاعا خنوعا
راضيا بالمقدّر و المكتوب
قانعا بالقليل و المقسوم
ممنوع أو محرّم
أن أجزع أو أتذمّر أو أشكو
و إن سألت فالكفر بعينه
فما أنا إلاّ رقم أو نكرة
و ما حياتي و عيشي إلاّ
لأحمد النّعمة
لأواضب على الانبطاح و الرّكوع و السّجود
لأنضبط و أحترم الأوامر و النّواهي
لكي لا أفكّر في رفع رأسي أو هامتي
و لأعيش شاكرا ممتنّا
على نعمة الهواء و الشّمس
و الحلم و الحزن
على الدّخول و الخروج
و الذّهاب و الإياب
على البكاء عند الحاجة
لكن بصمت و بلا دموع
على منظر الغروب
و صوت المطر
على زهرة أقطفها
خفية من حديقة سيّدي و وليّ نعمتي
على طلوع الشّمس و الغروب
على هبوط اللّيل و النّوم
على أنّي حيّ أرزق
و أستطيع التّسوّق و التّنفّس بلا مقابل
و السّير بين النّاس بحرّية
وأن أحبّ نفسي أو امرأة
شريطة أن لا أجاهر بحبّي
#باهي_صالح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟