|
الديكتاتور 34 (أسرار الزعيم)
ثائر الناشف
كاتب وروائي
(Thaer Alsalmou Alnashef)
الحوار المتمدن-العدد: 2902 - 2010 / 1 / 29 - 03:14
المحور:
الادب والفن
المشهد الرابع والثلاثون ( أسرار الزعيم) ( يطرق هارون الباب ) قمر ( تفتح الباب ) : مَن هناك ؟. هارون : ابن عمك هارون . قمر ( باسمة ) : أهلاً هارون ، تفضل . هارون ( يدخل إلى الصالة ) قمر : ما سر هذا الانقطاع الطويل ؟. هارون : إن عملي داخل المدرسة وخارجها لا يترك لي وقتاً حتى مع أولادي ، ثم أنك تعلمين جيداً أنني لم أقصر تجاهك ، رغم الكلام الثقيل الذي قيل بحقك . قمر ( عابسة ) : حياتي وأنا حرة فيها ، ولن أسمح لأحد أن يملي خياراته بما لا أحب وأرضى . هارون ( يشعل سيجاراً ) : هكذا هم الأقارب ، يجهدون أنفسهم في قضايا ثانوية ، ولا يوفرون التلهي بمأساة غيرهم . قمر : ولكن ليس معي ، فأنا لم أغنِ يوماً لأجل الغناء ، إنما لأجل الفن الذي أحب . هارون ( يومئ برأسه ) : صحيح ما تقوليه ، لكن هيهات أن يفهموا قصدك . قمر : إن فهموا أو لم يفهموا ، هذا الشيء لا يعنيني كثيراً بقدر ما يعنيني النجاح . هارون : دعينا من كلام الناس ، ما هي أحوالك ؟. ( تحمل إبريق الشاي من الطاولة ، وتشرع بسكبه في الكوب ) قمر ( تقدم كوب الشاي لهارون ) : بخير .. بخير . هارون ( يحتسي الشاي) : شاي لذيذ كلذة صاحبه . قمر ( تشعل سيجاراً ) : مذ كنت صغيراً وأنت لا تفرط بالشاي . هارون ( باسماً ) : أجل ، ولا زلت على ما أنا عليه ، لن أفرط بالشاي مقابل الخبز . قمر : ألهذا الحد ؟. هارون : إنه رفيقي في الشدائد والمحن ( يحدق بساق قمر ) ما هذه الكدمة التي ساقك ؟. قمر ( مرتبكة ) : آه .. لقد تعثرت في المشي أثناء صعودي الدرج . هارون : حمداً على سلامتك . قمر : شكراً لك . هارون ( بخبث ) : وما هي حال علاقتك بالسيد كاسر؟. قمر ( مرتبكة) : كاسر .. لا توجد أي علاقة بيننا . هارون : لكنكِ أخبرتني فيما ماضى أنك على علاقة طيبة معه ، وها هو الآن بات زعيماً رغماً عن أنف الجميع . قمر : نعم ، كان هذا من الماضي ، وقد انتهى كل شيء في الوقت الحاضر . هارون : ما الذي تغير ؟ عذراً ، أتراه يكون من الماضي القريب أم من الماضي البعيد ؟. قمر ( مضطربة ) : هارون .. ما قصدك ؟. هارون : قصدي واضح كل الوضوح ، وما يقال على ألسنة الشعب ، أوضح بكثير من الخلاف الناشب بينكما ( يحدق بقمر ) هل حقاً تشاجرتما ؟. قمر ( بعدم اكتراث ) : فليقل الناس ما شاءوا . هارون : عزيزتي قمر ، إذا كان ما يسمى بالزعيم كاسر قد مسك بسوء ، فإن الشعب لم ينجُ من ظلمه وعسفه ، وأولهم رفيق عمري الأستاذ أبوناطق . قمر ( ساهمة ) : أبوناطق .. آه تذكرته . هارون ( مقاطعاً ) : إنه أحد أساتذتك في المرحلة الثانوية . قمر : أجل .. أجل ، ماذا جرى له ؟. هارون ( آسفاً بحزن ) : لقد اعتقله الزعيم المأفون لمدة عشرة أعوام ، بجريرة إلقائه محاضرة في منتدى العدالة ، وها هو نجله الوارث لعرشه ، يعيد اعتقاله ثانية ودون أسباب تذكر ، لهذا قصدتك ،لأتأكد ما إذا كنت على خلاف مع كاسر ، أم لا زالتِ على علاقة معه . قمر ( تقف غاضبة ) : عزيزي هارون ، تبين لي أن كاسر أسوأ من أبيه ، ولا يستحق أن يكون زعيماً . هارون ( يقف ) : إذن ، أنتما على خلاف وخصام . قمر ( بمرارة ) أجل .. هارون ( عابساً ) : هذا ما توقعته منذ البداية ، أملت مساعدتك لأبو ناطق من خلال التوسط لدى هذا الديكتاتور الجديد لكن .. قمر ( حانقة ) : للأسف الشديد ، لم يترك بيني وبينه أي مجالٍ للتفاهم ، لقد غدر بي مثلما غدر بأبيه في وضح النهار . هارون ( مندهشاً ) : ماذا قلتي ؟. قمر :هذه هي الحقيقة المُرّة التي يخشاها كاسر ، مثلما يخشى الناس ذكرها على ألسنتهم ( تذرع الصالة ) لقد تآمر هذا الطاووس على عرش أبيه من نفس المكان الذي أقف عليه . هارون : أتقصدين شقتك ؟. قمر ( تومئ برأسها ) : أجل كان ذلك سعياً مني لخلاص الشعب من سجن أبيه ، وها هي آمالي الكبيرة ( آسفة ) أمال الشعب في سبيل تغيير حياته تتحطم على يد الديكتاتور الجديد ، وهأنذا أدفع ثمن راهني عليه . هارون (مخاطباً نفسه) : ليس بعيداً أن يتخلص من أبيه ، مثلما أراد الانتقام من عمه رعد . قمر : ولم أصدق نفسي ، أنني نجوت من بين أنياب ذئابه الضارية ، عندما أنهالوا عليّ ضرباً وسحلاً في الشارع . هارون : إن جنونه الكبير سيدفع البلاد إلى حافة الهاوية ، فمرة يهاوش الشعب باعتقاله خيرة رجاله ، وأخرى يستفز جواره ، ولا أحد يدري ما إذا كان يقف وراء اغتيال رئيس دولة شمالستان . قمر : من الآن فصاعداً ، علينا أن نتوقع حدوث ما لا يمكن حدوثه ، فهذا المخلوق على استعداد لأن يتحالف مع الشيطان في سبيل تحقيق ما تصبو إليه نفسه الجشعة . هارون ( بيأسٍ شديد ) : ربما كان الفارق الوحيد بين سجن أبو ناطق وسجننا ، أن الزنزانة الصغيرة التي يقبع فيها لا تتسع لأحلامه في حياة حرة كريمة ، بينما زنزانتنا كبيرة بكبر هذا البلد . قمر ( تعضد ذراعه ) : أعدك أن تتحقق أحلامنا جميعاً ، إن أردنا لها التحقق ، وما علينا سوى أن نستفيق من هذا السبات الطويل . هارون ( بتذمر ) : لا أريد أن أحلم بعد اليوم .. كفانا أحلاماً وردية . قمر ( مطرقة برأسها ) : هذا ما ابتغيت قوله لكاسر ، أن يدع شعبه يحلم كما تحلم الشعوب الأخرى ( تربت على كتفه ) وإذا بالشعب ينعي أحلامه . هارون ( يعضد ذراعها ) : أوصيك بنفسك أن تحافظي عليها من عبث الأقدار . قمر ( بتحدٍ ) : وأوصيك أن تحلم بالحياة التي يريد ، وأن تطلق العنان لأحلامك ، فقد أزف الليل ودنا طلوع الفجر ولو بعد حين . هارون ( محتداً ) : وحان الوقت الذي نسدل فيه الستارعلى ظلمة هذا الليل الطويل . ( يحدقان ببعض وسط صمت عميق ) هارون ( يستدير ) : وداعاً ( يغادر الصالة باتجاه الباب ) . قمر : وداعاً ( توصد باب الشقة ) .
#ثائر_الناشف (هاشتاغ)
Thaer_Alsalmou_Alnashef#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الديكتاتور 33 ( تصفيات )
-
ماذا يفعل المسلمون في الغرب ؟
-
مسلسل الاعتقالات السياسية في سورية
-
الديكتاتور 32 ( مخابرات )
-
تقسيم الإسلام : هل النبي محمد مسؤول عن سلوك المسلمين اليوم؟
-
الديكتاتور 31 ( الغدر )
-
آليات التطرف والاعتدال في الإسلام
-
الديكتاتور 30 (أزمة 99%)
-
الإسلام والعلمانية: وجهاً لوجه
-
الديكتاتور 29 ( الاستفتاء )
-
الإسلام دين أم حضارة ؟
-
الديكتاتور 28 ( الوريث زعيماً )
-
فساد الإسلام أم فساد السلطة ؟
-
نادين البدير : وجاهلية البداوة
-
الديكتاتور 27 ( اغتيال الزعيم )
-
الديكتاتور 26 ( السم )
-
ساعات عصيبة في لبنان
-
الديكتاتور 25 (انتقام الزعيم)
-
قوننة الإسلام عن الهوى
-
الديكتاتور 24 (الغرور)
المزيد.....
-
مهرجان الأفلام الوثائقية لـRT -زمن أبطالنا- ينطلق في صربيا ب
...
-
فوز الشاعر اللبناني شربل داغر بجائزة أبو القاسم الشابي في تو
...
-
الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية
-
متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟
-
فنان أمريكي شهير يكشف عن مثليته الجنسية
-
موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
-
مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
-
إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
-
الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
-
يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|