|
النايل سات في قفص الاتهام
نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..
(Nedal Naisseh)
الحوار المتمدن-العدد: 2902 - 2010 / 1 / 29 - 03:12
المحور:
الصحافة والاعلام
اجتمع وزراء الإعلام العرب في القاهرة في الأسبوع الماضي لمناقشة ذيول ، وكيفية الرد على مشروع القانون الذي سيتبناه الكونغرس الأمريكي بشأن حظر بعض القنوات الناطقة بالعربية، وعرف منها حتى الآن قناتي المنار التابعة لحزب الله اللبناني، وقناة الأقصى الناطقة باسم حركة المقاومة الإسلامية حماس. ومن المؤكد، ومن دون تشاطر، بأن للقرار أبعاداً سياسية تتعلق بموقف إسرائيل من هاتين المنظمتين المقاومتين للاحتلال الإسرائيلي، وعلى نحو أوتوماتيكي بموقف الولايات المتحدة كونها الراعية والحامية لإسرائيل في المنطقة، ولذا من غير الجائز، او المنطق فهم مشروع ذاك القرار إلا في هذا الإطار السياسي، لأنه هناك، اليوم، في الجو والفضاء، الكثير من القنوات الفضائية الناطقة باللغة العربية التي تتحوى برامجها على السموم التحريضية، والدعوة إلى القتل والإرهاب تصريحاً وتلميحاً وتبطيناً وإظهاراً، ولسان حال مشروع قانون الكونغرس يقول، لا مانع أن تقتلوا بعضكم البعض أو تدعوا لكراهية وتدمير بعضكم، أما تدمير إسرائيل والدعوة إلى مقاومتها فممنوع.
معظم القنوات العربية، ناهيكم عن رزمة القنوات الدينية المتخصصة التي تبث الصخب الجهادي والدعوة للكراهية على مدار الساعة، تمل رؤى ماضوية ومحافظة، وتعج بخطاب تسكيني تلقيني ظلامي فاقد الصلاحية وباعث على الكراهية والتحريض، في مآلاته، ولكن "ميزته" و"فضيلته" وجواز سفره أنه لا يحرض ضد إسرائيل. ويكفي هذه القنوات فخراً أن محمد العريفي، داعية الكراهية، ونجوم التلعين والتخوين الآخرين، المعروفين يسرحون ويمرحون فيها على مرأى من السفارات الأمريكية وأذرعها الاستخباراتية المتعددة، وملحقاتها الثقافية والإعلامية، وما لذلك من خطر فعلي على الأمن والسلم الأهلي المجتمعي والمستقبلي، ومن دون أن يعني هذا الأمر أي شيء لا لأمريكا ولا لإسرائيل طالما أن الأمر غير موجه لإسرائيل، فخطأ، وربما خطيئة المنار والأقصى أنها تتوجه مباشرة، وعمداً ضد إسرائيل.
ففي الحقيقة لا ندري، ولا نجد كبير فرق، بنيوي، بين هاتين القتاتين المزمع إقفالهما، من ناحية المضامين الدينية وليس السياسية، وبين أية قناة فضائية عربية أخرى ناطقة بالضاد، فكلها تحاول أن تبدو وكأنها في "مولد" ديني، وأن تظهر أن لا هم لهذه الشعوب سوى الجانب الديني في حياتها، ولاسيما تلك التي تتعمد إظهار المجبات والمتقبات والوعاظ كعلامة تجارية فارقة لها، ويتسيد فيها الفقهاء والوعاظ والشيوخ، ويبثون من خلال ذلك كل المنتجات الفكرية التي تؤدي إلى نتيجة واحدة وهي فكر التطرف والإرهاب. فأين هي تلك القناة العربية التي تستبعد الشيوخ والوعاظ من برامجها، أو الخطاب الديني، ومواعيد الآذان، وخطب الجمعة وما أدراك ما خطب الجمعة وما فيها من دعاء وتلميح ضد اليهود والصليبيين والمشركين والكفار. فأية دلالة أن يطالب أحد وزراء الثقافة، وليس الأوقاف أو داعية دينية، تمكين اللغة العربية من أجل تعلم القرآن والحديث فقط، سب زعمه، على مرأى من جميع الناس؟ ماذا يختلف هذا الوزير خطابه الدعوي والصحوي، وفي تلك القناة غير الجهادية، عن أي ملتح وشيخ سلفي؟ هذا أبسط نموذج.
كما أن الأصوات والخطاب العلماني والعقلاني والليبرالي والتنويري شبه غائب تماما عن منظومة القنوات الرسمية العربية. ومن النادر أن ترى رمزاً أو اسماً تنويرياً، أو برنامجاً بخاطب العقل معظم في القنوات الناطقة بالعربية التي تعزف جميعها سيمفونية الخطاب الماضوي التسطيحي التهبيلي التجهيلي التنويمي التخديري الذي يساهم في مراكمة عوامل وأسباب نمو بذرة الإرهاب، بدءاً ببرامج الفتاوي والاستشارات الوعظية وليس انتهاء ببرامج تفسير الأحلام.
إن القرار الصائب والحكيم، الذي ينبغي على وزراء الإعلام العرب تبنيه، هو في الحظر التام على أي شكل من الخطاب التحريضي والتضليلي ومظاهر الدروشة في وسائل الإعلام والمناهج الدراسية، وفصل الدين عن الدولة، والدولة عن الدين، وإبقاء الشيوخ والوعاظ داخل حرم المساجد، يمارسون الطقوس التي يريدون، ويرددون الخطاب الذي يحبون، ولكن من دون أن يخرج من تلك المعابد، وبذا تأمن شعوب المنطقة قاطبة، وإلى حد ما، خطر الإرهاب.. وحين تكون الولايات المتحدة جادة، فعلاً، في مكافحة الإرهاب واستئصال جذوره، فقد لا نجد قناة فضائية عربية واحدة، وربما ولا نظام عربي واحد، إلا ما رحم ربي، وممن يعدون على أصابع اليد الواحدة.
ومع فائق التقدير والاحترام، لوزراء الإعلام العرب، جميعاً، ولمؤتمرهم المحكوم عليه بالفشل، مسبقاً، كونه لا يلامس جوهر القضية، ولا يتجرأ على الاقتراب مما يجب الاقتراب منه، فأية معالجة جزئية وقاصرة وانتقائية وغير جادة لن تساهم، في الحقيقة، إلا في انتشار المزيد من الإرهاب.
#نضال_نعيسة (هاشتاغ)
Nedal_Naisseh#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لماذا لم يكن العرب متحضرين قبل غزو الجوار؟
-
نشرة الأحوال العقلية في منطقة الشرق الأوسط
-
صراعات الأشرار
-
خبر عاجل: أوباما يطالب بتفكيك البرنامج البدوي العربي
-
نظام الكفيل: متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أماتهم أحرارا؟?ً
-
الفقهاء: كسلطة الخامسة
-
الفقاعة الصحوية
-
في جدل الغزو البدوي
-
فرمان لاختيار عاصمة للثقافة العربية
-
عربي سوري أم سوري عربي؟
-
تركيا بين الأردوغانية والأتاتوركية
-
الرد الأردوغاني المزلزل
-
العهدة العمرية والوزير الفصيح
-
سوريا وأمريكا والمعاملة بالمثل
-
العريفي وتفسيق آيات الله
-
همام البلوي: أيهما أجدى للمسلمين؟
-
وانكشفت جميع العورات
-
يوميات إعرابي بدوي في ديار الإيمان
-
تجريم الخطاب الصحوي
-
الاستخبارات الأمريكية من فشل لآخر
المزيد.....
-
السعودية.. فيديو يشعل تفاعلا لشخص وما فعله بمكان عام والأمن
...
-
-بلومبيرغ-: شركات العملات المشفرة تبرعت بملايين الدولارات لح
...
-
من هنأ الشرع من القادة العرب بتنصيبه رئيسا لسوريا للمرحلة ال
...
-
-هذه هي المرة الأولى التي ألمس فيها أبي-، شابة فلسطينية تلتق
...
-
حماس تفرج عن المجندة الإسرائيلية آغام بيرغر وسط مشاهد مؤثرة
...
-
تحذيرات من تسرب فيروسات خطيرة من مختبر أبحاث في الكونغو بسبب
...
-
فيروس زيكا يتلاعب بالبيولوجيا البشرية لضمان بقائه!.. كيف يفع
...
-
-متلازمة الجلد المحمّص-.. عواقب التعرض الزائد لمصادر التدفئة
...
-
علماء يعثرون على قيء متحجر من عصر الديناصورات في الدنمارك
-
القمر ليس ميتا! .. دراسة تكشف عن نشاط جيولوجي حديث
المزيد.....
-
السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي
/ كرم نعمة
-
سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية
/ كرم نعمة
-
مجلة سماء الأمير
/ أسماء محمد مصطفى
-
إنتخابات الكنيست 25
/ محمد السهلي
-
المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع.
/ غادة محمود عبد الحميد
-
داخل الكليبتوقراطية العراقية
/ يونس الخشاب
-
تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية
/ حسني رفعت حسني
-
فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل
...
/ عصام بن الشيخ
-
/ زياد بوزيان
-
الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير
/ مريم الحسن
المزيد.....
|