|
ظاهرة أوباما تعبير عن أزمة أم مؤشر للتغيير ؟ ( 1)
نجيب الخنيزي
الحوار المتمدن-العدد: 2902 - 2010 / 1 / 29 - 03:10
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
ظاهرة أوباما تعبير عن أزمة أم مؤشر للتغيير ؟ ( 1) مؤتمر الحزب الديمقراطي في دنفر (كولورادو غرب) بحضور 4200 مندوب الذي شهد حفل صاخب على الطريقة الاستعراضية الهيلودية، وهو ما يميز طبيعة الحملات السياسية والانتخابية الأمريكية وذلك لتدشين وتطييب باراك أوباما، كأول مرشح أسود نجح في اجتياز سباق الترشيح للانتخابات الرئاسية الأمريكية في التاريخ الأمريكي، وقد شارك في إلقاء الخطب أمام المؤتمر العديد من أقطاب الحزب الديمقراطي، أبرزهم المنافسة السابقة لأوباما، و السناتور عن ولاية نيويورك هيلاري كلينتون زوجة الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون التي نالت 18 مليون صوت في الانتخابات التمهيدية غير أنه لم يحالفها الحظ، حيث دعت أنصارها إلى التصويت بقوة لصالح أوباما لقطع الطريق أمام عودة الجمهوريين مجددا للسلطة، كما شارك في الحفل الخطابي السناتور إدوارد كندي شقيق الرئيس الأمريكي السابق جون كندي الذي اغتيل في عام 1964، الذي فاجأ أعضاء بحضوره رغم إصابته بمرض السرطان في الدماغ حيث قال «لا شيء، لا شيء يمنعني من أن أكون في هذا الاجتماع هذا المساء»، وكان لافتا الحضور القوي لميشال زوجة أوباما وخطابها القوي والمؤثر، الذي قوبل على غرار خطابي هيلاري وكندي بعاصفة من التصفيق. جميع المتحدثين دعوا بحماس مندوبي المؤتمر وأنصارهم والشعب الأمريكي عموما إلى التصويت لصالح باراك أوباما. الجدير بالذكر إن أوباما (47 عاما) هو ثمرة زواج بين والده الكيني المسلم (حسين) المهاجر إلى الولايات المتحدة الأمريكية ووالدته الأمريكية البيضاء. كان أوباما حريصا في حملته الانتخابية على توضيح أنه مقطوع الصلة بماضيه وجذوره الدينية والثقافية والعِرْقِيّة، كما هو خرِّيج جامعة هارفارد، وهي جامعة النخبة المميزة في الولايات المتحدة الأمريكية، وأمه وجدته (البيضاوان) هما اللتان ربتاه وفقا للتعاليم المسيحية البروتستانتية، غير أن ذلك لم يمنع أو يحد من التلميح والتعرض له من قبل خصومه ومنافسيه السياسيين، وعلى وجه الخصوص من قبل العنصريين والمحافظين الذين هم في غالبيتهم من البيض في أتون المنافسة الانتخابية الشرسة بشكل مباشر أو غير مباشر إلى جذوره الدينية والعرقية سواء المنتمية أو المؤيدة للحزب الجمهوري والحزب الديمقراطي في الآن معا وليس أدل على ذلك استغلال ظهوره في صورة فوتغرافية وهو يرتدي الزى الأفريقي التقليدي، كما أشارت بعض التسريبات الأمنية إلى وجود محاولة جدية لاغتياله من قبل بعض النازيين الجدد، غير أنه أستطاع تخطي كافة العقبات والمعوقات بفضل ما يتمتع به من كاريزما وجاذبية وذكاء وتركيزه على البعد الوطني الجامع للشعب الأمريكي، خصوصا إثارته للعديد من المسائل الداخلية المؤرقة التي يعاني منها المواطن والشعب الأمريكي، وعلى وجه التحديد الفقراء والعاطلين والطبقة الوسطى منهم، وإزاء قضايا حيوية مثل التعليم والضمان الصحي والضرائب والوظائف، التي تفاقمت في ظل ما بات يعرف بأزمة الرهن العقاري التي عانى من ذبولها الاقتصاد الأمريكي والملايين من الأمريكيين، يضاف إليها وطأة المديونية الداخلية والخارجية التي تقدر بأكثر من الناتج القومي الأمريكي الإجمالي، إلى جانب العجز المزمن في الموازنة العامة، والميزان التجاري، وتدهور قيمة الدولار مقابل العملات الرئيسية الأخرى في العالم، التي هي نتاج السياسة النيو ليبرالية التي اعتمدها منذ مطلع الثمانيات اليمين الأمريكي، وسار على هديها المحافظون الجدد الذين يعبرون إلى حد كبير عن مصالح المجمع الصناعي/ العسكري، وشركات النفط الاحتكارية، وكبار أرباب رجال المال والأعمال. كما ركز باراك أوباما في حملته الانتخابية على أنه سيعمل على انسحاب القوات الأمريكية من العراق في غضون 16 شهرا، مستندا في ذلك إلى كون المسألة العراقية فرضت نفسها باعتبارها قضية أمريكية داخلية بامتياز، في ظل النفقات المالية الباهظة والخسائر الجسيمة في القتلى والجرحى والمعوقين في صفوف الجيش الأمريكي، واستمرار الأزمة والصراع الداخلي بين كافة المكونات الطائفية والعرقية (رغم تراجع وتيرة العنف نسبيا في الفترة الأخيرة) في العراق وتداعياته الخطيرة على الصعيدين الإقليمي والداخلي، وحيث الرفض والعداء المتنامي والتدني الكبير في مصداقية السياسة الخارجية الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط والعالم، في ما يتعلق بتبنيها ودعمها للديمقراطية وحقوق الإنسان والأقليات، وحيث تتكشف كل يوم زيف المسوغات التي روج لها المحافظون الجدد والإدارة الأمريكية، لتبرير غزو واحتلال العراق، ناهيك عن الصدمة التي ولدتها الممارسات الأمريكية إبان وبعد احتلال العراق، التي أدت إلى مقتل مئات الآلاف من العراقيين، وتفاقم الاحتدام الطائفي والأثني وتزايد معدلات الفقر والبطالة والعنف والفساد، كما لا يمكن إخلاء مسؤولية قوات الاحتلال وأذرعتها الأمنية المرتزقة، ودور الشركات الأمريكية خاصة الشركات النفطية الاحتكارية، الذي تمثل في محاولة فرض مشروع «قانون النفط» سيئ الذكر بغرض الاستحواذ على ثروات الشعب العراقي بمشاركة وتواطؤ مفضوح من قبل أوساط نافذة في السلطة والمجتمع التي لا تختلف من حيث المحصلة والنتائج عن النظام السابق بل قد تكون أسوأ، ولا ننسى هنا تأثير الصدمة الأخلاقية التي صدمت الشعب الأمريكي والعالم في ما تكشف من ممارسات غير إنسانية، تعرض لها المعتقلون في سجون أبي غريب وغوانتانامو والمعتقلات السرية التي تتعارض تماما مع أبسط مبادئ حقوق الإنسان. ومن هنا ينبغي التنويه بسعي مرشح الحزب الديمقراطي أوباما لتغيير الصورة النمطية التقليدية للسياسة الخارجية الأمريكية إبان جولاته الخارجية الأخيرة التي شملت الشرق الأوسط وأوربا. # مقالات من عدة حلقات أعيد نشرها بمناسبة مرور عام على تولي باراك أوباما للرئاسة الأمريكية ...
#نجيب_الخنيزي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الميزانية والميزان 3
-
الميزانية والميزان 2
-
الميزانية والميزان «1»
-
الذكرى الأولى لرحيل المفكر والمناضل المصري الكبير محمود أمين
...
-
ظاهرة الصالونات الأدبية الثقافية وتصدّر القبيلة والطائفة
-
لايزال يحدونا الأمل.. برجوعك ياأبا أمل
-
معوقات قيام مؤسسات المجتمع المدني ( 9 )
-
ثقافة الفساد
-
التمايز ما بين المجتمعين الأهلي والمدني ( 8 )
-
نشوء الدولة المركزية السعودية والمجتمع المدني ( 7)
-
السجال حول طبيعة الدولة في الإسلام ( 6)
-
التيارات الاصولية والموقف من الدولة المدنية (5 )
-
الدولة العربية الحديثة ومستلزمات المجتمع المدني ( 4 )
-
مفهوم المجتمع المدني .. ترسيخ فكرة المواطنة ( 3 )
-
مكونات وعناصر المجتمع المدني (2 )
-
بمناسبة العيد الثامن لانطلاقة الحوار المتمدن
-
المسار التاريخي لظهور وتبلور مفهوم المجتمع المدني ( 1 )
-
الحداثة والأزمة الحضارية 2 - 2
-
الحداثة وانسداد الأفق التاريخي ( 1 )
-
القمة الخليجية في ظل التحديات والاستحقاقات المشتركة
المزيد.....
-
السودان يكشف عن شرطين أساسيين لبدء عملية التصالح مع الإمارات
...
-
علماء: الكوكب TRAPPIST-1b يشبه تيتان أكثر من عطارد
-
ماذا سيحصل للأرض إذا تغير شكل نواتها؟
-
مصادر مثالية للبروتين النباتي
-
هل تحميك مهنتك من ألزهايمر؟.. دراسة تفند دور بعض المهن في ذل
...
-
الولايات المتحدة لا تفهم كيف سرقت كييف صواريخ جافلين
-
سوريا وغاز قطر
-
الولايات المتحدة.. المجمع الانتخابي يمنح ترامب 312 صوتا والع
...
-
مسؤول أمريكي: مئات القتلى والجرحى من الجنود الكوريين شمال رو
...
-
مجلس الأمن يصدر بيانا بالإجماع بشأن سوريا
المزيد.....
-
Express To Impress عبر لتؤثر
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التدريب الاستراتيجي مفاهيم وآفاق
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
Incoterms 2000 القواعد التجارية الدولية
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف
...
/ زهير الخويلدي
-
قضايا جيوستراتيجية
/ مرزوق الحلالي
-
ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال
...
/ حسين عجيب
-
الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر )
/ حسين عجيب
-
التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي
...
/ محمود الصباغ
-
هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل
/ حسين عجيب
-
الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر
/ أيمن زهري
المزيد.....
|