أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سيمون خوري - مطلوب أنسنة الأديان..وليس ثقافة الكوارث















المزيد.....

مطلوب أنسنة الأديان..وليس ثقافة الكوارث


سيمون خوري

الحوار المتمدن-العدد: 2901 - 2010 / 1 / 28 - 13:14
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



معظم المقالات النقدية للنظم الحاكمة والاديان في المنطقة العربية ، التي نقرأها في هذا الموقع المحترم والجاد ، هدفها بشكل أو بآخر المساهمة في خلق تيارات نقدية واعية ، والدفع بإتجاه التغيير المنشود في العالم العربي الذي صحرته ثقافة إختزال الإيمان الديني المطلق بالنص الى تعصب دامي حاقد . ساهمت بإرتداد مجتمعاتنا سنوات ضوئية الى الوراء .
وقد يسجل التاريخ التقدير، لهذا الموقع كونه من أوائل المتصدين في العصر الحديث لنشر ثقافة التنوير بعدما تلاشت على يد الأنظمة الحاكمة ووعاظ السلاطين ، وفشل أحزابها ( اليسارية ) في أداء دورها الإفتراضي في التصدي لآدوات التجهيل وخطابهم اليومي . فاحزابنا التي طال عمر قادتها ، أصبحت في بنيتها التنظيمية أقرب الى الأحزاب الفاشية ، او ربما لاتختلف عن أي حاكم عربي ضوئي . وبتقديري أن ما يساهم به هذا الموقع من حيث تسريع عملية ولادة جديدة لحركة ثقافية تقدمية وعلمانية جديدة ، وليست مسخاً لنماذج فكرية بالية ، تجاوزتها حركة التطور في العالم ؟، يستحق التقدير. لأنه يؤسس لتيار فكري ينشر ثقافة أنسنة الديانات ، في مواجهة عقلية ثقافة الكوارث الدينية ، المنتشرة في العالم العربي .
وقد يعترض البعض أن كافة الديانات هي ديانات ( إنسانية ) .. وبالتالي فإن عنوان المادة يتضمن مغالطة منطقية أو تاريخية أو فكرية ..الخ . بيد أن ما يجري على الأرض من إرهاب لأصحاب الدين المخالف ، وما جرى من حوادث بحق أصحاب الديانات الأخرى ، لاسيما في العراق أو مصر، يخالف كون أن الدين هذا طابعه إنساني ..؟
فعندما تقوم الديانات بتشوية صورة العالم الواقعي المعاش ، وتختصره الى مجرد مؤامرة .. فهي عملياً تساهم بتخفيض قيمة الحياة الحقيقية لصالح صورة ( يوتوبية ) جنة أفلاطونية ، غير واقعية أو محسوسة . ولا أحد يملك برهاناً على وجودها . لكن هذه العملية التخيلية هي في الواقع عملية زجر للعقل وتخويفه . من خلال إعتبار الحياة المعاشة مرحلة ( إنتقالية مؤقته ) الى حياة أخرى ( دائمة وخالدة ) وبالتالي يصبح مفهوم ( الجهاد ) مشروعاً متكاملاً يبدأ بالنفس ، وينتهي عند نيل ( شهادة الموت ) او عبر سلب حياة الآخر وسفك دمه . ولذا فمن الطبيعي أن نشاهد احياناً صور من عملية هياج قطعاني لسبب إجتماعي على وجه التحديد ضد طوائف أخرى . وليس ضد نظام سياسي يقود شعبه بحذاء رجل الأمن . أو عندما يوظف هذا السعار المتطرف من قبل النظام لصالح تثبيت ركائز النظام ذاته . كما حدث في مباريات كرة القدم السياسية بين الجزائر ومصر ، وكما حصل في المظاهرات ضد المنتجات الدانماركية .. لكن لم نشهد مظاهرة تطالب بإطلاق سراح سجناء الرأي في العالم العربي . أو مظاهرة تدين العنف الطائفي المقيت . وهنا يختبئ رجل الدين خلف سبابة النظام الوسطى . مديراً ظهرة لأتباعه ، كيلا يخسر دنانيره الدنيوية .
من المؤكد ، أن عملية التوحيد الديني ، ودفع الناس للإيمان بدين شمولي واحد قد إنتهى عصره . وإستحالة هذه الوحدة الإجبارية المنشودة أو المطلوبة من قبل بعض القوى المتعصبة ، هي واحدة من الأسباب الرئيسة المسؤولة عن الفتن الطائفية ، وقتل المخالفين . ربما على أصحاب هذا النهج إدراك أن التاريخ لا يعترف بمبدأ الحتمية فالتغيير هو قانون الحياة ، وليس الشعار والنص الثابت . فالذين يؤكدون شمولية الإسلام أو غيره على سبيل المثال ، وصلاحيته لكل زمان ومكان ، إنما هم في الواقع يعنون على نحو خاص ( دوره السياسي ) . وبالتالي إذا جرد الدين من وظيفته السياسية تحول الى مجرد طقوس عبادية . بيد أن وعاظ السلاطين ، دائماً يختبئون خلف شعارات ( اليقين ) و ( العقاب والحساب ) الآخروي ..؟ وقوى الرعب المتحكمة بالقبر. لأنه ليس مطلوباً إنساناً يمتلك ، عقلة القدرة على فرز هرمونات الشك والسؤال . بل إنسان فردي – إنطوائي - مغلق إعتاد الوثوق بما يقدم اليه من إجابات نصية جاهزة ، بعد تعطيل مفاتيح القدرة على التفكير الذاتي . وعندما يثق بما يقدم اليه من معلومات يصبح سهل الإنقياد ، والتحكم بمجرى حياته . ويتحول الى قنبلة بشرية .
وبقدر ما يكون الفكر منفتحاً على ثقافات العالم الإنسانية ، يأتي التفكير أيضاً ذي طابع إنساني ، كتحصيل حاصل .
فإذا كان ( الخالق ) حسب وجهة نظر الدين ، وقانون العدل ( الإلهي ) يفترض أنه ينظر الى مخلوقاته بعين المساواة ، فكيف يمكن ان نفسر أن يطلب ( المؤمن ) من الخالق ، ( إنتهاك عدلة ) وإقتراف القتل بحق البشرية سواء عبر الزلازل او الكوارث أو من خلال ( الأدعية ) الوعظية التي تترافق مع نهاية الصلاة العبادية ..؟
فإذا كانت الغاية من الصلاة هي التطهر والعبادة والتأمل والتقرب من ( الخالق ) فكيف تصبح تلك الدعاوي من وزن ( اللهم بددهم ولا تترك لهم أثراً ) ..الخ تنقية للذات ، وخشوعها أمام ( الرب ) العادل الرحيم ..؟ إن هكذا دعوات عملياً تؤدي الى تغلغل التعصب الطائفي ،وتساهم في تفتيت وحدة المجتمع الإجتماعية ، وتؤجج الصراع المذهبي . والأسوء عندما يضع الكاهن او المفتي نفسة في موقع العارف لأفكار ( الخالق ) عبر تفسيره المزاجي .. فكيف عرف هذا وذاك بأفكار ( الإله ) المضمنة في النص ، ولماذا لم يشرح ( الإله ) افكاره منعاً للتزوير أو لسوء الفهم ..؟
لكن عندما يعجز الشارح للنص على مواجهة العلم ، فإن الموضوع عندها تجري إحالتة الى ( والله أعلم ) وسبحان عالم الغيب .
إن تحرير الإنسان من سطوة النص وإرهابه ، هي المقدمة الأولى لبناء المساواة المطلقة بين أفراد المجتمع الواحد ، ثم الأرتقاء بهذا الإنسان نحو إعتبار الآخر المختلف الشريك الحقيقي في صنع سعادة الإنسان على هذه الأرض . فالمطلوب هو أنسنة الدين ، وإدراك أن سعادة الأنسان هي غاية ( الإله ) إذا وجد ( الإله ) . فالإنسان مديون للحياة بحياته ، وإيفاء هذا الدين هو عبر التواصل الإنساني مع الأخرين والمشاركة بهمومهم ، والمساعدة على حلها . وليس إنتهاج القتل كوسيلة إرضاء ( للرب ) . أو الفرح لكوارث الآخرين ، وإعتبارها ( إنتقام ) إلهي ..؟ نظراً لمخالفتهم لقناعات البعض الدينية الوراثية .
للحكيم الصيني ( لوتسو ) في التعاليم ( الطاوية ) قول جميل ومعبر في رسالتة الى تلميذه ( كونفوشيوس ) :
عندما يحين أجل الإنسان لترك هذه الأرض ، فإنه يرفع الى السماء بعمله . فإذا لم يحقق الإنسان لنفسه هذا الهدف ، فإنه يبقى تائهاً على الأرض .. ولكي تحقق هدفك السامي الخالد في الحياة ، فعليك ياسيدي أن تتخلى عن الكثير من الأماني والأحلام المادية . وأن تخلع جلبابك المادي المتمثل في شخصيتك وسلوكك الإجتماعي، وأطماعك في الثراء والبذخ ، فإن كل ذلك لن يجديك نفعاً. هذا كل ما أستطيع أن أقدمه إليك من نصح إذا كنت تبحث عن الحقيقة .
من حق أي دين الشعور بالإختلاف مع الآخر ، لكن ليس من حقه إعتبار نفسه ، الوصي على الحقيقة وصاحبها .



#سيمون_خوري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل الجلد والرجم والقتل هي قوانين ( إلهية )
- هولوكست التاريخ / ج4 سفر التكوين والخلق في الأسطورة المصرية ...
- هولوكست التاريخ ..أنبياء أم قادة سياسيون ..؟
- هولوكست التاريخ / إعادة قراءة لإسطورة الخلق والتكوين ومصادر ...
- هل أدم هو الأسم الحقيقي للإنسان الأول ..؟
- طرقت الباب ... ( حتى ) كل متني ..؟
- الحوار المتمدن و تجديد الخطاب العقلي
- الله .. المزوج .. وجبريل الشاهد ..؟
- إختراع صيني جديد ... خروف برأسين ..؟
- لا حضارة بدون نساء.. ولا ديمقراطية بلا تعددية/ ولا ثقافة بلا ...
- عندما يحمل( النبي ) سيفاً .. يحمل أتباعه سيوفاً
- ينتحر العقل عندما يتوقف النقد
- تحرير العقل من سطوة النص المقدس
- رداً عل مقال شاكر النابلسي / الإنقلابات والثورات والأحزاب ال ...
- وجهة نظر في الرأي المخالف / من قريط الى شامل ومن طلعت الى تا ...
- على المحامي هيثم المالح تغيير إسمه الى هيثم الحلو
- الحضارة الإغريقية/ مجلس للآلهه وفصل الدين عن الدولة .
- اليونان / من رئيس للوزراء الى مواطن عادي
- في الحضارة السومرية .. حتى الألهه كانت تعلن الإضراب عن العمل ...
- الحوار التفاعلي الديمقراطي في الحوار المتمدن


المزيد.....




- الكويت تدين اقتحام وزير إسرائيلي المسجد الأقصى
- “نزلها واستمتع”.. تردد قناة طيور الجنة الفضائية 2025 على الأ ...
- كيف تنظر الشريعة إلى زينة المرأة؟
- مجلس الإفتاء الأعلى في سوريا.. مهامه وأبرز أعضائه
- الرئيس بزشكيان: نرغب في تعزيز العلاقات مع الدول الاسلامية ود ...
- ضابط إسرائيلي سابق يقترح استراتيجية لمواجهة الإسلام السني
- المتطرف الصهيوني بن غفير يقتحم المسجد الأقصى
- اكتشافات مثيرة في موقع دفن المسيح تعيد كتابة الفهم التاريخي ...
- سياسات الترحيل في الولايات المتحدة تهدد المجتمعات المسيحية
- مفتي البراميل والإعدامات.. قصة أحمد حسون من الإفتاء إلى السج ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سيمون خوري - مطلوب أنسنة الأديان..وليس ثقافة الكوارث