|
تصريحات المفوضية العليا (المستقلة) للأنتخابات منحازة
زكي رضا
الحوار المتمدن-العدد: 2899 - 2010 / 1 / 26 - 10:44
المحور:
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق
الفصل بين السلطات الثلاث ، هي ليست السمة الوحيدة والابرز ، التي تطبع حياة النظم الديمقراطية في البلدان التي تعتمدها (اي الديمقراطية ) ، او في البلدان التي تدّعي انها تعتمدها في ادارة الدولة . بل تتعداها الى استقلالية المؤسسات التي ترتبط او تنبثق من هذه السلطات ، وابتعادها عن التأثيرات والميول التي تصبغ سياسة الحزب او الاحزاب الحاكمة ، خلال الفترة ما بين انتخابات واخرى ، اي أربع سنوات في أغلب بلدان العالم . لان الحزب او الاحزاب التي تحكم لدورة انتخابية او دورتين ، قد تفشل في تشكيل الحكومة في الدورة الثالثة مثلاً وعليه فأن هذه المؤسسات عليها ان تقف على مسافة واحدة من جميع الاحزاب ، التي تساهم في الحراك السياسي في البلد طبقا لدستور ذلك البلد .
ولو أخذنا بلدنا العراق كنموذج لبلد ديمقراطي !!! او يدّعي الديمقراطية ، فإننا نستطيع ان نرى ان هناك تداخلا كبيرا بين صلاحيات السلطات الثلاث ، يصل احيانا الى حد المهاترات والبيانات المضادة لبعضها البعض ، بل واتهامات خطيرة تأخذ طريقها الى الاعلام ، لينشر الغسيل امام الجماهير التي تعرف جيدا ، الاسباب الحقيقية لمثل هذه الصراعات ، والتي كانت ولا زالت وستكون مستقبلا ( في حالة استمرار نظام المحاصصة السيء الصيت والسمعة ) هي الاساس في تردي العملية السياسية في البلد ، وعدم تمكن السياسيين في ايجاد حلول لمشاكل العراق التي وصلت الى ارقام قياسية ، وتنذر بكوارث حقيقية على مختلف الاصعدة .
ويبدو ان هذا التداخل والصراع الحزبي والطائفي والقومي ، بين مكونات الحكم الثلاثة شيعة - سنة - كرد وتوزيع المناصب على هذا الاساس . لم يستطع ان يفرز مؤسسات تمتاز بالنزاهة والحيادية في لعب دورها المناط بها ، والذي يجب ان تلعبه بعيدا عن تأثيرات الصراعات المحتدمة بينهم. ومن هذه المؤسسات هي المفوضية العليا ( المستقلة ) للانتخابات ، التي تشكلت على اساس المحاصصة الطائفية لتساهم هي الاخرى ، حالها حال بقية مؤسسات الدولة في الصراع الدائر في البلد .
وعلى الرغم من القرارات التي اتخذتها هيئة المساءلة والعدالة ، بابعاد المئات من المرشحين ومن مختلف القوائم السياسية ، وخصوصا الكبيرة منها ( لانتمائهم الى حزب البعث المحظور ) والتصريحات المتناقضة لبعضها البعض من قبل الاحزاب الحاكمة . ومحاولة ايجاد ثغرات قانونية للتراجع عن القرارات المتخذة بحقهم ، او بحق بعضهم على الاقل . فاننا تستطيع ان نرى ان هناك تعتيما على الاسماء المشمولة بالابعاد ، فيما تناقلت وسائل الاعلام اخبارا ، عن ان المفوضية العليا ( المستقلة ) للانتخابات ، سوف تقوم بحذف اسماء المشمولين بالابعاد من قوائم الاحزاب والكتل السياسية دون ذكر الاسماء . وهذا يعني عدم الاشارة الى قومية ودين ومذهب المشمولين بالابعاد ، وعدم الاشارة الى المحافظات التي ترشحوا من خلالها . وهذا هو المطلوب بالفعل من هذه الهيئة ، كي تقف على مسافة واحدة من جميع الكتل السياسية اولا ، وان تبتعد قدر الامكان عن التشهير والاساءة ، خدمة للعملية السياسية المتعثرة اصلا . فهل التزمت المفوضية بهذه المعايير وطبقتها مع جميع الكتل السياسية ؟
لو عدنا الى تصريحات رئيس المفوضية العليا ( المستقلة ) للانتخابات السيد فرج الحيدري ، التي ادلى بها الى وكالة بيامنير وراديو زاكروس خلال الايام القليلة الماضية . والتي قال فيها ( أصدرت هيئة المساءلة والعدالة قرارا بابعاد 18 مرشحا من قائمة التحالف الكردستاني عن المشاركة في الانتخابات القادمة ) واكتفينا بها ، لكان الامر عاديا جدا . فالسيد الحيدري تناول هذه القضية كما تناول واعضاء اخرون في المفوضية ، قضية الابعاد بحق مبعدين اخرين من قوائم اخرى . ولكن يبدو ان السيد الحيدري ولانه متحزب وغير مستقل ، لم يستطع الا ان يستمر في تصريحه ليضيف على ان ( المرشحين ال18 ليسوا من اقليم كردستان ، بل من المحافظات العراقية الاخرى ، التي شارك فيها التحالف الكردستاني ، كبغداد والمثنى والموصل وصلاح الدين وبعض المحافظات الاخرى ) . وبذلك تجاوز السيد الحيدري على تصريحات سابقة ، اذ حدد وبشكل واضح من ان لا احد من المبعدين ال 18 يسكن اقليم كردستان . وهذه تعتبر دعاية انتخابية على الرغم من ان الدعاية الانتخابية لم تبدأ بعد !!! . ولم يكتفي السيد الحيدري بذلك بل اوضح ( انه ليس بالضرورة ان يكون معظم المستبعدين من الكرد ، لان التحالف الكردستاني شارك بنواب عرب وتركمان في المحافظات العراقية ) ، وهنا فان السيد الحيدري حدد البعثيين الكرد المشمولين بمساحة ضيقة جدا . مانحا شرف الانتماء للبعث الساقط !!!!! الى العرب والتركمان المنضوين الى القائمة الكردستانية ، ويستطيع القاريء ان يفهم ما يريد السيد الحيدري قوله دون عناء يذكر .
ان المفوضية تعرضت لانتقادات كثيرة منذ فترة ليست بالقصيرة ، لان عدوى المحاصصة الطائفية قد اصابت هذه المؤسسة التي يجب ان تكون محايدة بامراضها . واذا كانت السلطات العراقية تريد ان تبدأ ولو بشكل بطيء عملية البناء الديمقراطي في البلد ، فعليها الالتفات الى ان تكون هذه المفوضية مستقلة حقا ،وذلك في ان يكون طاقمها من المستقلين بقيادة قاض مستقل مثلا .
#زكي_رضا (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
البعثيون بين الانتشار والتبخر
-
قتلة الامام الحسين (ع) بالامس هم انفسهم قتلة العراق اليوم
-
قليلا من الكرامة قليلا من الحياء يا دعاة المحاصصة
-
لبيك اللهم لبيك .. سرقنا العراق وجئنا اليك
-
دردشة مع السيد رئيس الوزراء
-
قراءة في قانون برلمان المحافظات العراقية
-
ما اشبه اليوم بالبارحة يا ملا عبود
-
قيامة بغداد وسياسة صنع الغباء
-
القائمة المغلقة والكيس بدينار
-
أشعر بالفخر .. اشعر بالزهو ..لانني شيوعي
-
الى السيدة ميسون الدملوجي .. يا ليتنا لو كنت كردية فيلية
-
لافتة شارع المتنبي ثانية
-
أيها الشيوعيون العراقيون ، من اين حشرت عليكم البهائم اليوم ؟
-
نواب البرلمان العراقي صاموط لاموط
-
رجال دين ام وعاظ سلاطين
المزيد.....
-
مشهد ناري مضاء بالمشاعل على مد النظر.. شاهد كيف يحيي المئات
...
-
من الجو.. نقطة اصطدام طائرة الركاب الأمريكية والمروحية العسك
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن تسلّم الرهينة الإسرائيلية في قطاع غزة
...
-
ضغوط وحرب نفسية وسياسية.. ما المراحل المقبلة من تنفيذ اتفاق
...
-
سقوط قتلى إثر تحطم طائرة على متنها 64 شخصا بعد اصطدامها بمرو
...
-
تواصل عائلات الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في غزة دعوة حكوم
...
-
تحطم طائرة ركاب تقل 64 شخصًا بعد اصطدامها بمروحية عسكرية في
...
-
مبعوث ترامب يوجه رسالة لمصر والأردن
-
أنباء عن وجود بطلي العالم الروسيين شيشكوفا وناوموف على متن ط
...
-
شبكة عصبية صينية أخرى ستضرب إمبراطورية ترامب للذكاء الاصطناع
...
المزيد.....
|