|
دور الاخلاق في تجسيد السلوك السياسي
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2898 - 2010 / 1 / 25 - 20:43
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
لو اعتبرنا الاخلاق مفهوم متعدد الجوانب و نسبي و تختلف جواهره و مضامينه و دلالاته و ابعاده و معطيات العمل به بين موقع و مجتمع و اخر وفق السمات و الثقافات و الظروف الاجتماعية و الاقتصادية العامة، و السياسة طريقة و اسلوب لادارة المجتمع و ما فيه من منظومات معينة في اطار فن الممكنات و التي تستند على مجموعة من المرتكزات و العوامل المساعدة الهامة لدفع مسيرتها، و تحمل في طياتها كمفهوم واسع المعنى من الفكر و الفلسفة و العقيدة و الاهداف و الشعارات و المناهج و الخطط و البرامج الاستراتيجية و التكتيك في الاداء و العمل. فاننا يمكن ان نقول ان هناك علاقة جدلية عميقة و رصينة بين المفهومين اي الاخلاق و السياسة، و تختلف هذه العلاقة و ما يتصل بها من كافة الاطراف من حيث ارتباطاتها و تاثيراتها المتبادلة من منطقة لاخرى او من مجتمع لاخر. و تعتمد هذه على ما يعنيه المفهومين من المعنى و التعريف و القيم و المباديء التي تتواجد مترسخة في موقع تطبيقهما و اثناء الممارسة لاية عملية سياسية و ما تحويه الاوضاع العامة السائدة المرتبطة بها في المجتمع المعني . من يقارن بين الاختلافات الموجودة بين طبيعة المجتمعين الشرقي و الغربي، و ما تتواجد من القيم و المباديء العامة المختلفة بينهما، بينما سيتلمس الاختلافات في السلوك و الاخلاقية المختلفة من الممنوعات الى المسموحات و الاعتقادات و العقليات و التعاملات مع ما موجود في الحياة و مستوى التطور و الفرق الشاسع بين الايمان يالمثاليات و ما وراء الطبيعة بينهما ،و تظهر بائنة واضحة من بقعة لاخرى . بما ان المفاهيم و ان كانت مستوردة او عند ممارسة مضامينها على ارض الواقع في مناطق غير موقع منشاها تفرز سلبيا اكثر، فلابد من تلائمها و تكيفها مع الارضية الموجودة ، و حتى ان كانت اصيلة و من الموقع ذاته و منبثقة من نفس الموطن فعند الممارسة و التطبيق لابد ان تؤثر وتتاثر بما موجود من الصفات و المميزات و السمات على ارض التنفيذ و و تحدث لاصلاح و التغيير ان نجحت في التطبيق . اذن الاخلاق و ما يحويه من الصفات و الدلالات له التاثير الكلي المباشر على اية عملية سياسية و في اية بقعة كانت ، و ينشا جراء تلك الممارسات سلوك سياسي و تعامل ملائم و لكن يختلف في النوع و الشكل و الاطار و اللون من منطقة لاخرى. و لذلك يجب الاخذ بنظر الاعتبار في اية عملية دبلوماسية صفات و سمات المجتمعات و اخلاقياتهم و سلوكهم . اما في منطقتنا بالذات دون غيرها ، نلاحظ بشكل واضح ما تعكسه التربية و الاخلاق و سلوك الفرد و عائلته و مجتمعه على اوضاع المكونات و التركيبات السياسية وفق المناهج التي تعتمد عليها في سياساتهم و عملهم في تحقيق اهدافهم، و مدى التزامهم بما يؤمن به المجتمع (التيارات و الجهات المختلفة )سيكون معيارا في اكثر الاحيان لحجم و سعة قاعدتهم و شعبيتهم رغم اخذهم الدور الطليعي احيانا في تنفيذ برامجهم الخاصة التي يعملون من اجلها في اكثر الاحيان . بعد التاثيرات المتبادلة الحاصلة بين المفاهيم المختلفة اثر التطورات و المستجدات جراء ما تفرضه العولمة و النظام العالمي الجديد نرى ما نحن فيه من مرحلة متنقلة من حيث السلوك و التعامل و العلاقات السياسية بين المجموعات المختلفة وفق ما تؤمن و مقدار تكيفها و سبل تنفيذ خططها و مراعاتها للاراء المختلفة و التي فرضت نفسها ،و من الواجب قرائتها و عدم اسقاطها او محاولة الغائها و ان كانت تتعارض مع السمات و الصفات السائدة و ما تراكمها التاريخ من الترسبات. و بين حين و اخر نتلمس التناقضات الواضحة في الاراء و المواقف تجاه ما تحدث من الجانب السياسي نتيجة المستجدات، و بعدد حين سيثبت و يفرض الاصح نفسه على الامور مهما تعارض مع الجاري و الموجود و المعتمد و المعمول به منذ فترة طويلة. لذا نلاحظ انتقالات نوعية، بعضها لا توافق مع الاخلاقيات الموجودة مما تفرز سلوكيات غريبة و غير مقبولة و ان كانت مفيدة، سوى كانت متعارضة مع العادات و التقاليد الاجتماعية او عدم هضمها من قبل هذا المستوى الثقافي الموجود او النسبة المعينة من الوعي. هنا يمكن ان نقول ان الاخلاقيات و ما تتضمن مفهوم مرن المحتوى و التطبيق و تختلف حسب المحيط و نسبي فيما تعنيه، و لذلك تختلف تاثيراتها و مقدارها على السلوك السياسي، و بها تنتج الاختلافات بين المجموعات و ما يجري في المواقع و البيئات المختلفة. فيما يخص السياسة في الشرق الاوسط بشكل عام، يُنظر اليها من منظور الالتزام بالمباديء و القيم الاخلاقية اكثر من توفرها لعوامل التقدم و مهما كانت هذه القيم لغير صالحه، و هذا عائق كبير امام تطور شعوب هذه المنطقة، فان كانت اية منظومة سياسية تؤدي ما تؤمن به التزاما بالاخلاقيات السائدة و تساير المستجدات بسلوكيات متوافقة مع ما تطرحه المجتمعات، فانها تكون موثوقة بها، بينما من جانب اخر ان كانت اخرى تؤمن بالتغيير و ان كانت التطلبات تناقض او تعاكس السائد و لكن تقع ضمن اطر ما تفيد المصالح العامة و التقدم و التطور المنشود او كانت بعيدا شيئا ما من الالتزامات الفكرية العقيدية الاخلاقية السائدة، فانها لن تكون موضع تقة اكثرية المجتمع، و تكون موضع الخلاف الكبير ان كانت غريبة بعض الشيء، و لم تكن موجودة بشكل ما من قبل، الاان من يتفهمها هو من القلة القليلة و من النخبة المؤمنة بالتطور و التنمية و التنوير و الاصلاح و التغيير . و هكذا يكون للسلوك السياسي دور هام في عملية التطور، بينما يكون متاثرا بذاتها بالاخلاقيات العامة للمجتمع، و لابد للجهات من حل هذه المعادلات و الخروج بنتيجة بحيث تساير السائد و تدفع بالعوامل المؤدية الى الاصلاح و التغيير للنجاح، وتكون قادرا على المحافظة على قاعدتها و شعبيتها بالشكل المطلوب .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لا لعودة البعث مهما فرضت المصالح و السياسة العالمية
-
سبل الحد من التاثير السلبي على العملية السياسية باسم الاختلا
...
-
ديموقراطية العراق الجديد يضمنها تهميش اللاديموقراطيين
-
يتجسد الواقع الاجتماعي الجديد ما بين تغييرات الثقافة و السيا
...
-
الجوانب الايجابية و السلبية لقرارات هيئة المسائلة و العدالة
-
لماذا التوسل من ما سموها بقوى ( الاحتلال ) حتى الامس القريب
...
-
ازدواجية تعامل الجامعة العربية مع القضايا العامة
-
هل الخلافات بين القوى العراقية مبدئية ام مصلحية؟
-
كافة المؤسسات بحاجة دائمة الى الاصلاح و التغيير
-
هل من المعقول ان نحتفل بعيد الجيش في هذا اليوم
-
كيف يختار الناخب افضل مرشح في الانتخابات
-
ايران تغلي و ستكتمل الطبخة
-
المرحلة القادمة تقربنا خطوات من عملية قطع دابر الارهاب
-
استراتيجية عمل القوى السياسية في مجلس النواب القادم
-
تكمن المشكلة في استقلالية العمل او عدمها
-
لمن يصوت الكادح في الانتخابات البرلمانية المقبلة؟
-
هل المهرجانات تستنهض الثقافة العامة للمجتمع ؟
-
هل التصويت في الانتخابات القادمة يكون عقلانيا ؟
-
المحطة الحاسمة لتخطي الصعاب في العراق الجديد
-
لم يخسر الكورد في كوردستان تركيا شيئا
المزيد.....
-
لحّن إحدى أغانيه الأيقونية.. محمد عبده يرثي ناصر الصالح بحفل
...
-
فرنسا: بايرو يعلن أنه سيلجأ للمادة 49.3 من الدستور لتمرير مش
...
-
مباشر: عمليات عسكرية إسرائيلية جديدة في الضفة الغربية وأربعة
...
-
مشاهد منسوبة لأحمد الشرع في سجون العراق.. هذه حقيقة الفيديو
...
-
هل تتحول العلاقة بين ترامب والسيسي إلى -فاترة- بسبب غزة؟ - ن
...
-
تبادل الاتهامات بين روسيا وأوكرانيا بشأن قصف مدرسة في كورسك
...
-
إسرائيل تُعيّن إيال زامير خلفا لهاليفي.. ماذا نعرف حتى الآن
...
-
فيدان: ندعم بيان القاهرة حول مواجهة مشروع تهجير الشعب الفلسط
...
-
مراسلتنا: المستوطنون حرقوا مسجدا بالضفة الغربية ومطالب فلسطي
...
-
الشـرع يصل إلى الرياض في أول زيارة خارجية
المزيد.....
-
Express To Impress عبر لتؤثر
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التدريب الاستراتيجي مفاهيم وآفاق
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
Incoterms 2000 القواعد التجارية الدولية
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف
...
/ زهير الخويلدي
-
قضايا جيوستراتيجية
/ مرزوق الحلالي
-
ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال
...
/ حسين عجيب
-
الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر )
/ حسين عجيب
-
التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي
...
/ محمود الصباغ
-
هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل
/ حسين عجيب
-
الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر
/ أيمن زهري
المزيد.....
|