أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين سليم - قصة قصيرة / السّبحة















المزيد.....


قصة قصيرة / السّبحة


حسين سليم
(Hussain Saleem)


الحوار المتمدن-العدد: 2897 - 2010 / 1 / 24 - 12:06
المحور: الادب والفن
    





" تربة الوطن تخصب الخيال.
الذاكرة تخصبها تربة المنفى ."
فوزي كريم
( مدينة النحاس)

"اذهب " ام " لا اذهب "
الليلة أنا حزين ، تسكنني الغربة الشرقية ، تمطر السماء جمرا على قلبي ، تحفر فيه ثقوبا .
فركت السّبحة بين يديّ ، ثم مسكت بعضا منها ،وبدات اسحب خرزة خرزة،/ الواحد ، الاحد ،.../ واحدة من جهة اليد اليمنى ، وكذا بتوؤدة اخرى من طرف اليد اليسرى مردداً : "اذهب " " لااذهب " حتى بقيت خرزة واحدة وهي من نصيب "لا اذهب"، وعدت مرّة اخرى اعد "اذهب " " لااذهب" ، بقيت خرزة واحدة من نصيب "اذهب"، اذن علي ان اعيد العملية مرّة ثالثة ، وهي الاخيرة لغرض كسر التعادل "اذهب " "لااذهب " فكانت النتيجة هي ان اذهب .
ولكن ، أين اذهب؟
"إلى الحانة " قال الذين اوجعتهم الايام . وقلت " حيث لا يوجد فقيرفيها ولا غني، الجيب واحد،واللغة واحدة ". دخلت بابها ، حد فاصل بين عالم متواري وأخر مكشوف. احتل كرسيا لمنضدة بأربعة كراسي . الوقت يمضي في ( حانة السلام ) . الزبائن بين داخل وخارج ، وانا وحدي مع سّبحتي والخمر. احدق بالوجوه ، لعلني اعرف احدا. انسابت على خديّ دمعات خجولة . كنت اسمع صدى صوت خرزات السّبحة ، وهي تتعاقب بين أصابع يدي ، ساهيا ، قبل أن يبدده صوت مخمور .عيناي شخصت الى الباب حين وقفت سّبحة حمراء عند مدخله . تقدمت داخل الصالة ، ينعكس الضوء الخفيف عليها ، فتصدر لمعانا ، كأنها سّبحتي ، ذات الحجم ، صافية اللون ! ولو لم تكن سّبحتي في يدي لقلت انها هي. وكنت وحدي اراها ،تخترق الاجساد ، تظهر باشكال هندسية وهلامية ، تمر بين المناضد ، تحلق في فضاء الصالة ، تسحب خلفها حزمة ضوئية ،استقرت أمامي . دعكت عينيّ في غمرة تساؤلات الدهشة حين تشكلت عن وجه اعرفه. قلت له : يا صاحب اللون الواحد! ألا تعرفني ؟ لم يجب ، حدق بي ، ومضى. فقلت : ايتها السّبحة الحمراء ! الا تعرفينني ؟ لوت عنقها وانحنت ثم تحركت الى الجهة الاخرى. وقفت ، ناديت عليه مرّة أخرى : يا صاحب اللون الواحد !يا صاحب السّبحة الحمراء! الم تعرفني ؟ لم يجب ، لم يحدق ، ابتسم ومضى ، ومضت هي .عدت الى مقعدي ، سمعت احد الزبائن يقول : "كثَرالاخ" لكنهاعادت بعد حين،استدارت حول طاولتي ثم رمت ظله على احد الكراسي بجواري . وبقينا لحظات نتبادل التحديق وفي جعبة كل منا اسئلة لاتنتهي . قلت له :اين أنت يا صاحبي ؟ ايها البغدادي الجميل !اجاب : انا في عالم اخر لا يشبه عالميك المتواري والمكشوف . عالم فيه كل شئ عاري،نقف فيه صفا ، كل واحد منا ياخذ حسبته ، ما اودع وما اخذ ، ماله وما عليه / الولي، الحسيب،الحق ، الحكيم ،.../ وانت ؟ عدت قبل ايام .كانت خرزات السّبحة التي في يدي تتسارع، وحين وصلت الخرزة الخمسين ، تشكلت السّبحة التي امامي عن امرأة عارية ، تضع فخذيها الواحدة فوق الاخرى .سرت في بدني رعشة ، وراحت يدي الى ما بين فخذي لا اراديا . دلقت الكاس الى جوفي ، ونفثت دخان سيجارتي "الله يارب!الجبار، القوي ، القادر ، القدير ،المجيب، ...هذا عبدك في الخمسين يحلم برائحة امرأة حب صادق لليلة واحدة " وبعد النشوة المبرقة ، ومن حيث لا ادري، عادت يدي الى الخرزات الاولى تحسب من جديد وصوتها يرن في مسامعي ، كأيقاع متزامن ، يتداخل مع صوت احد السكارى " حلاوة ليل محروكة حرك روحي .." اذ تسمرت اصابعي على الخرزة الخامسة ، السادسة ام الثامنة لا اذكر بالتحديد عندما ظهرت المدفئة النفطية القديمة الى جوار الطشت النحاسي في حجرتنا الوحيدة ، يومذاك كانت امي تسد كواء الحجرة بخرق قماش ومخلفات ورق مقوى وجرائد قديمة كي تمنع تسرب الهواء البارد حيثما ننعم بدفئ الحمام الاسبوعي يوم الجمعة / الرحيم، الرازق ، المعطي،../ وبعد ان وصلت الخرزة الثامنة عشرة ، برزت خوذة عسكرية في بركة من الدماء /كانت سنوات الحرب المدمرة قد اكلت ايامي/ تسارعت ثمان خرزات بين اصابع يدي ، اضفت لها ثلاث خرزات للخدمة الالزامية . كانت السبحة تزداد احمرارا /الجبار ،العظيم، المسيطر،.../ثمة كتابات مختلفة ومقولات مأثورة ،يغطيها ظلال الضوء المنعكس على السّبحة ، اشياء جامدة وحية تظهرشاحبة الالوان وصور وجوه اعرفها قد تحولات تقاسيمها الى شكل دولارات خضراء واخرى افتقدها. /العاطي ، الوافي ،.../ لكن صورة "المحروق اصبعه" في قدر مسود قد احتلت المساحة التي تشكلت عن مربع من الخرزات / ومن ثم بصقت الحصار دما / لا اذكر بالضبط عدد السنوات . رحت اعدها على الخرز احدى عشرة ام ثلاث عشرة سنة! كانت حبات المسّبحة تتوالى ببطء حتى توترت عضلات بدني من رؤية القضبان التي كونتها امامي / حملت يا صاحبي السجن دهرا على ظهري / كانت هناك اسلاك كثيرة ، رايت وجه ابي من خلالها يطلق العصافير من قفصها وهويقول:" العصافير لا تعيش في الاقفاص" / وانا.. ادمى المنفى قلبي/ ويوم جاء الفرح ، غادرته / ويومذاك قال لي: ثوب الاعارة لايجلب الدفئ ياولدي / لكنني هنا اشعر بالبرد ايضا ياأبي !/ كان ينظر الي بأسى واخر ما قاله " سيقتلك نقاؤك يا صاحبي كما قتلني " تناثرت خرزات السّبحة من يدي متباعدة ، حين قال لي نادل البار ، الوقت انتهى . فتحت عينيّ المدمعتين ، نظرت في وجه النادل المضبب مستغربا، كنت عطشا ، فاحسست بطعم مالح بين شفتي ، مددت يدي امسح الدمع النازل. نظرت يمينا ويسارا فلم ارالسّبحة الحمراء ولا ظل صاحبي . نهضت بصعوبة اجمع الخرزات . كنت كمن يحاول جمع الماء بيده ، وكلما جمعت بعضا منها تناثرالبعض الاخر ، كنت اردد بعضا مما قيل بيننا . استطعت جمعها في المرة الأخيرة على شكل كوم خرزات دون خيط أو (شاهود) . كانت ممزوجة بدم احمر ، اجهل مصدره ، هل هوالدم النازل من ثقوب قلبي ام من الشارع الملغوم دوما . اودعتها جيبي ومضيت مرة اخرى الى العالم المتواري ،فيما كنت اسمع صوت السكير التعب يصل الى مسامعي واهنا "..وعتبها هواي ما يخلص عتب روحي ،.."



#حسين_سليم (هاشتاغ)       Hussain_Saleem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشيوعي العراقي والانتخابات
- حكاية عشق عراقية ▪
- من وحي ثورة العشرين
- تقاليد الحزب في الدولة !
- امنيات في العام الجديد ( 1 )
- اجتياز حدود
- سفينة جواد
- قليل الكلام : قنينة غاز ومجتمع مدني !
- قليل الكلام ... آ وليس هوحزبنا الجديد ؟!
- قصة قصيرة / في حضرة حمورابي
- قصة قصيرة جدا
- ! ملعون ذاك الذي يطرب سجانه
- يعيش الحزب ... يموت الشعب
- قصص قصيرة جدا
- انفلاونزا الطائفية
- إلى من يهمه الأمر " موت معلن " بلا وقائع


المزيد.....




- مسيرة حافلة بالعطاء الفكري والثقافي.. رحيل المفكر البحريني م ...
- رحيل المفكر البحريني محمد جابر الأنصاري
- وفاة الممثل الأميركي هدسون جوزيف ميك عن عمر 16 عاما إثر حادث ...
- وفاة ريتشارد بيري منتج العديد من الأغاني الناجحة عن عمر يناه ...
- تعليقات جارحة وقبلة حميمة تجاوزت النص.. لهذه الأسباب رفعت بل ...
- تنبؤات بابا فانغا: صراع مدمر وكوارث تهدد البشرية.. فهل يكون ...
- محكمة الرباط تقضي بعدم الاختصاص في دعوى إيقاف مؤتمر -كُتاب ا ...
- الفيلم الفلسطيني -خطوات-.. عن دور الفن في العلاج النفسي لضحا ...
- روى النضال الفلسطيني في -أزواد-.. أحمد أبو سليم: أدب المقاوم ...
- كازاخستان.. الحكومة تأمر بإجراء تحقيق وتشدد الرقابة على الحا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين سليم - قصة قصيرة / السّبحة