أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق - علي محمد البهادلي - العمل الرقابي بين التأسيس والتسييس















المزيد.....

العمل الرقابي بين التأسيس والتسييس


علي محمد البهادلي

الحوار المتمدن-العدد: 2897 - 2010 / 1 / 24 - 01:37
المحور: ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق
    


إن الأوضاع التي مرَّ بها العراق لا سيما أحداث ما بعد سقوط النظام الدكتاتوري صاحبها انهيار مؤسسات الدولة ، ولم يكن سهلاً إعادة بناء تلك المؤسسات في يوم وليلة ، وكل متابع للشأن العراقي يقطع أن مرحلة التأسيس لبناء الدولة من جديد يتطلب سنوات ، ومن أهم مقومات بناء الدولة هو بناء مؤسسات رقابية يقع على عاتقها مراقبة بناء مؤسسات الدولة ؛ لأننا موقنون أن لا وجود للدولة بدون هذه المؤسسات ، فالبشر لهم نوازعهم المادية التي تدفعهم باتجاه تحقيق الذات والإثراء السريع وجمع المال وحب الشهرة وتسنُّم المناصب ، حتى لو كان ذلك عن طريق غير مشروع ، وحتى لو تسبَّب في هدر المال العام وإيقاف عجلة التنمية وخراب مؤسسات الدولة ، فهذه الدوافع قوية لا يمكن لأي أحد مقاومتها والسير في الاتجاه المستقيم ، فمن هنا كان من الضروري الإسراع في بناء المؤسسات الرقابية التي تمثل رادعاً يردع من تسول له نفسه القيام بعملية فساد فضلاً عن الرادع الأخلاقي والنفسي ، وهذا الأمر ليس مقصوراً على العراق ، بل إن الدول المتقدمة التي تنعدم فيها معدلات الأمية والفقر ما إن تمر بظروف سياسية وأمنية مضطربة إلا وتفشت فيها ظواهر منحرفة كظاهرة الفساد المالي والإداري ، وأوضح مثال على ذلك هو الإتحاد السوفيتي ، فحينما انهار وتفكك إلى دويلات سادت في تلك الدول المنفصلة هذه الجرائم ، فروسيا مثلاً تفشى في مفاصل مؤسساتها عمليات الفساد عدة سنوات ، ولم تنهض من كبـوتها تلك إلا قريباً .
الحمد لله قد تحقق تشكيل مثل هذه المؤسسات بعد سقوط النظام السابق ، وشهدنا استمرار عمل الرقابة المالية واستحداث هيئة رقابية أخرى سُمِّيَت هيئة النزاهة ناهيك عن العمل الرقابي للبرلمان ولجنة النزاهة فيه ، بيد أن عمل هذه المؤسسات صاحبه بعض التلكؤ ، ربما بسبب انعدام السيادة الوطنية وتردي الأوضاع الأمنية والمحاصة السياسية والطائفية التي ألقت بظلالها على عمل تلك المؤسسات ، ولا يحتاج أحد أن أذكره بعملية تهريب وزير الكهرباء الأسبق أيهم السامرائي المتهم بقضايا فساد ولا بهروب المتهم الآخر وزير الدفاع الأسبق حازم الشعلان ، ولا بعمليات الاستجواب التي أُجريَت في مجلس النواب والتي صاحبها الكثير من اللغط والاعتراض ، حتى وصل الأمر بالسلطة التنفيذية إلى الطلب من رئيس مجلس النواب عدم الموافقة على بعض تلك العمليات ، وهو ما شكَّل تدخلاً سافراً من قبل السلطة التنفيذية في عمل السلطة التشريعية ، وهو يمثل في الوقت نفسه إخلالاً بمبدأ فصل السلطات المنصوص عليـه في الدستـور الذي صوت عليه الشعب العراقي .
على الرغم من كل ذلك فإن العام المنصرم شهد تحولاً ملموساً في عمل تلك المؤسسات واستطاعت أن تكسر طوق الضغوط السياسية وتظهر بمظهر القوي المستقل نسبياً ، لا سيما هيئة النزاهة ، فقد قامت هيئة النزاهة بإصدار الكثير من أوامر إلقاء القبض على متهمين بقضايا فساد ، وصلت في النصف الأول من العام الماضي 1455 أمراً ، وقامت باعتقال وكيل وزارة النقل متلبساً بالرشوة من إحدى الشركات الأجنبية ، وصدر بحقه حكم بالسجن ثماني سنوات ، والأمر نفسه حصل لمدير الوقف الشيعي في السماوة ، وقد استطاعت هيئة النزاهة استرداد أموال طائلة لخزينة الدولة بعد تحقيقها بعمليات فساد مع متورطين بتلك القضايا ، وقضية الأموال المختلسة من أمانة بغداد تُعَدُّ الأشهر في هذا المجال ، أما عمليات التزوير فقد استطاعت هيئة النزاهة تدقيق شهادات المرشحين لانتخابات مجالس المحافظات ، واكتشفت الكثير من عمليات التزوير في تلك الشهادات ، ناهيك عن تدقيقها شهادات موظفي دوائر الدولة ومؤسساتها كافة وإطلالة خاطفة لموقع الهيئة يبين للمتصفح حجم عمليات التزوير التي اكتشفتها الهيئة ونشر ها أسماء المزورين ودوائرهم التي يعملون فيها ، وربما خبر إلقاء القبض على المتورطة باختلاس أموال من أمانة بغداد بالتعاون بين هيئة النزاهة والسلطات اللبنانية والإنتربول في مطار الحريري في بيروت يمثل الحدث الأبرز الذي ميَّز عمل الهيئة ، وهو يشكل تحولاً كبيراً في عمل المؤسسات الرقابية ، إذ إننا لم نكن نتوقع أن يأخذ الفاسدون داخل البلد جزاءهم العادل ، فإذا استطاعت هذه المؤسسة ملاحقة الفاسدين الهاربين خارج البلد ، فإن هذا الحدث يعطي انطباعاً إيجابياً للمواطنين أن المؤسسات الرقابية في العراق بدأت تأخذ دورها الحقيقي في مراقبة الفاسدين وملاحقتهم حتى لو كانوا في أبعد نقطة في العالم ، مما يعيد ثقة المواطن بمؤسسات الدولة .
إن الذي الأمر الذي جعل هيئة النزاهة تتحرر من الضغوط السياسية هو أنها هيئة مستقلة غير مرتبطة بالأحزاب ، أما مجلس النواب فهو مؤسسة رقابية مهمة ، لكنها لم تتحرر من الضغوط السياسية فهو ـ أي البرلمان ـ مكون من عدة كتل سياسية ، أغلبها مشارك في السلطة التنفيذية ، فكيف يعمل مجلس النواب بحرية تامة في رقابته على السلطة التنفيذية ، وهي ـ أي السلطة التنفيذية ـ تعكس التلون السياسي الموجود داخله .
يمكننا أن نقول إن المؤسسات الرقابية اجتازت مرحلة التأسيس وابتعدت نسبياً عن مؤثرات التسييس ، والمطلوب منها في هذه المرحلة تجاوز كل الحواجز السياسية "الكونكريتية" وفتح ملفات الفساد في مؤسسات الدولة كافة بدون خطوط حمراء أو فيتو من هنا أو هناك ، ونريد أن تشمل الرقابة أعلى السلطات في البلد كمجلس الوزراء ورئاسة الجمهورية ، فنحن لحد الآن لم نشهد أي عملية من هذا القبيل فإذا ما حدث هذا ، فإنه سيشكل نقلة نوعية في عملها ، وسيكون رادعاً لكل الفاسدين ، لأن الموظفين في القطاع العام إذا رأوا أن المساءلة شملت أعلى السلطات ، فإنهم سيحجمون عن الفساد مخافة العقاب .
أما المرحلة المقبلة فيجب أن تخطط تلك المؤسسات للتعاون فيما بينها ،فأن التعاون بين المؤسسات الرقابية سيسهل عملها ، وتستطيع من خلال هذا التعاون الإسراع في الوصول إلى مكامن الفساد و سيشكل قوة ضاغطة بوجه السياسيين الذين يرومون عرقلة العمل الرقابي ، وسيكون الشعب والإعلام الداعم القوي لهذه المؤسسات من جهة أخرى ، وسنخلق بهذا رأي عام مناهض لكل مظاهر الفساد والجريمة الاقتصادية المنظمة



#علي_محمد_البهادلي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرعاية الاجتماعية... فساد إداري وفساد أخلاقي
- الانتفاضة على الاستبداد والدكتاتورية والفساد
- المصارف بؤرة الفساد الكبرى
- هجوم العريفي على السيستاني
- إخلاف الوعود الانتخابية ....فساد صارخ
- يسوع والحسين المصلحون في مواجهة المفسدين
- هل يسبقنا الأفغان إلى مطاردة الحيتان؟!!
- من وحي ذكرى يوم الغديرالنزاهة والكفاية معيارا اختيار الحاكم
- عمليات الاستجواب والاصطفافات السياسية
- الانتخابات اللبنانية أغلى أم الانتخابات العراقية
- ماذا بعد إقرار قانون الانتخابات ؟
- الرقابة الشعبية تجبر الرعاية على الغاء تعيينات
- الفساد السياسي كوة الفساد الاداري والمالي
- لعنة السماء تنزل على المسؤولين غير المسؤولين
- وزارة العمل أم وزارة العاطلين؟!
- الانتخابات البرلمانية الانطلاقة الاولى نحو الفساد السياسي وا ...
- ترميم نفسية الفرد العراقي
- الرشوة والمحسوبية
- نزاهة القوات الأمنية على المحك
- الحصانة مطية الفاسدين


المزيد.....




- بأمر من بوتين.. هدنة إنسانية بعيد الفصح
- مصر.. إخلاء سبيل -بلوغر- شهيرة بكفالة بعد ادعاء سرقة وهمية ( ...
- نتنياهو نخوض حربا على عدة جبهات وثمنها باهظ
- عرض مميز في حوض للأسماك بالبرازيل بمناسبة عيد الفصح
- سلسلة غارات جوية أمريكية تستهدف مواقع متفرقة في صنعاء
- عراقجي يلمح إلى استحالة العودة إلى اتفاق عام 2015 بشأن البرن ...
- ماسك يدلي بتصريح -قاس- عن الولايات المتحدة
- -القسام- تنفذ كمينا مركبا ضد قوات الجيش الإسرائيلي المتوغلة ...
- مالي تصف -هدنة عيد الفصح- بأنها لفتة إنسانية مهمة من بوتين
- سموتريتش يدعو نتنياهو إلى حكم غزة عسكريا وتغيير أسلوب الحرب ...


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق - علي محمد البهادلي - العمل الرقابي بين التأسيس والتسييس