أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حبيب هنا - الفصل 4 من رواية تصبحون على غزة














المزيد.....

الفصل 4 من رواية تصبحون على غزة


حبيب هنا

الحوار المتمدن-العدد: 2896 - 2010 / 1 / 22 - 21:55
المحور: الادب والفن
    


4
بعد مضي عدة أيام ، رتبت مريم لقاء مفاجئاً بين ريتا وإبراهيم اللذين لم يكونا على علم مسبق بما أقدمت عليه . وكانت قد دعت ريتا لمساعدتها في إعداد فراش جديد للبيت في وقت كانت فيه قد أكدت على إبراهيم الحضور إلى البيت بعد ساعة من مغادرته بغية إعطاء الرأي في الشكل النهائي للبيت قبل إتمامه، ويتعذر إجراء أي تغير بعد ذلك ، ولما عاد ، كانت ريتا تجلس فوق الفراش مكشوفة الساقين وفي يديها أدوات العمل ، وقعت نظراته على بياض الساقين الناصع فدارت الدنيا في عقله دورتها الجنونية .. نفضت ريتا نفسها واقفة كأني بها أصابها صعق كهربائي وتدرج وجهها بألوان الطيف، لا تعرف كيف تلملم الشظايا التي بعثرتها الصدمة ، ثم خرجت فجأة وبسرعة وهي ما زالت في ذهول لما حدث ، وعندما دخلت بيتها أجهشت بالبكاء قبل أن ترمي نفسها على السرير ، كما لم تبك من قبل .
جاءت الأم بسرعة جنونية تسأل :
- ماذا بك ؟
جاء الرد دموعاً غزيرة وعيوناً مطبقة على المشهد الأخير .
ماذا حدث ؟
عدم الرد كان تعبيراً موفقاً عن حجم الكارثة التي حطت .
- قولي شيئاً ، ماذا أصابك ؟
صدر يعلو ويهبط لديك ذبيح يلفظ أنفاسه الأخيرة .
هزت الأم ابنتها بعنف . جسم بارد خاشع للخوف والصدمة وطقوس المفاجأة .
أصاب الأم الذهول ، تساءلت في سرها : ماذا عسى أن يكون قد حدث ؟
نظرت صوب ابنتها وفي عينيها التوسل ، قالت :
- لقد ذهبت إلى مريم مملوءة بالحيوية والنشاط لا تسعك الدنيا من الفرحة ، وها أنت تعودين هاربة تطاردك الشياطين منكسرة الجناح لا تقوين على النظر إليّ ، ماذا أصابك ؟
لا فائدة من الصمت ، لن أتركك قبل أن احصل على الإجابة ويستقر بالي ؛ فالريح تعصف بقلبي من كل صوب !
لم يخطر ببال الأم ،أن حاسة السمع تغدو أضعف مما كانت عليه قبل لحظة واحدة من واقعة توتير الحواس ، وأن اللمس أقوى الحواس تحفزاً واستجابة لمؤثرات المحيط مهما بدت باردة ، وفقط كل ما كان يهم كيف تصل إلى قلب ريتا كي تفتحه على مصراعيه حتى تصل إلى السبب الذي أدى بها إلى البكاء والانكماش قبل أن تستعيد وعيها تماماً.
اقتربت منها ، تسبقها يد ممدودة باتجاه خصلات الشعر المتناثرة عشوائياً على الوجه والكتفين . أصابت اليد الرأس . انتفضت ريتا واقفة وعلى لسانها صرخة تكفي لإشباع حب الفضول !
استقرت في حضن أمها . ربتت على كتفها وهي تردد : لا تقولي شيئاً ، لا تقولي شيئاً ..
هدأت رويداً رويداً . استقر صعود الصدر وهبوطه . انتظمت دقات القلب . الشهيق والزفير يعملان بشكل طبيعي . جاءت مريم وعلى وجهها بصمات أصابع يد حفرت أخدوداً لها ، منكسة الرأس أضعف من أن تقول كلمة واحدة .
نظرت الأم إليها . عرفت على نحو عميق أن ثمة أموراً معقدة حدثت بحاجة إلى توضيح أدى بها إلى القدوم في هذا التوقيت بالذات .
عينان مبللتان ووجه شاحب يعبران عن أسف بليغ جراء خطأ غير مقصود أفضى بالنهاية إلى تلاشي الابتسامات عن الوجوه الحائرة .
سألت الأم على غير توقع :
- ماذا حدث يا مريم ؟
أطرقت رأسها تنظر في الأرض وحرج شديد يعتصرها .
- ماذا حدث يا بنيتي ؟
ارتمت في حضنها وهي تقول :
- لم أقصد يا خالتي . كان تصرفاً غبياً !
- لا عليك يا بنيتي أبلغيني ماذا حدث بالضبط ؟
- كنا نجدد الفراش أنا و ريتا غير عابئين بمن حولنا ، فجاء إبراهيم ودخل علينا في وقت كانت فيه ريتا مكشوفة الساقين ، فهبت واقفة تركض مغادرة البيت ، وقد كنت متفقة مع إبراهيم بعد أن غادر البيت العودة إليه بعد ساعة لأنني بحاجة إليه دون ذكر السبب من أجل أن أفاجئه بالفراش الجديد الذي ساهمت ريتا في انجازه ، وعندما رآها تهرب صفعني على وجهي وهو يقول :
- ماذا عسى أن تظن الآن ؟ قد يذهب بها التفكير إلى الاعتقاد بأن هذه الخطوة متفق عليها بيننا .
نكست رأسها في الوقت الذي قالت فيه :
- لم أقصد ذلك يا خالة ! أرجو أن تسامحانني .
- لا تشغلي بالك يا بنيتي ، عندما تهدأ ريتا ستسامحك وتعرف حقيقة قصدك !
رأسان على صدر واحد كتوأمين ، هكذا بدتا ريتا ومريم ، مسبلتا العيون بعدما أخذتا من حليب الصدر كفايتهما . أنفاس منتظمة وهدوء مطمئن يبعث على التسامح ويؤكد صفاء النوايا ، دفعت للاعتقاد أنهما نيام ، ولكن فجأة انفتحت العيون وتقاطعت في همس غريب معلنة ميلاد لحظة غير مسبوقة لا يحدها أفق، ولا يمنع تطلعها للمستقبل سوء تصرف غير مقصود .
تشبثت العينان بالعينين دفاعاً عن النفس . امتدت أصابع اليد تشتبك بأصابع يد الأخرى تعبيراً عن اعتذار موفق ، والأم تضغط على رأس الصبيتين بحنان عبر عن نفسه بعفوية فزاد لحظة الاتفاق والتسامح تألقاً . رفعت ريتا رأسها وقبلت الأم من صفحة خدها الموازي لها . فعلت مريم الشيء ذاته . انحنت الأم عليهما تقبل الواحدة ثم تنتقل للأخرى في وقت حاصرت أيدي الصبيتين خاصرة الأم ، فبدأ ثلاثتهم كموقد في معبد قديم ينتظر وفود السائحين .
وعلى غير توقع سألت الأم :
- هل ستبقيان هكذا إلى الأبد ؟
ردت ريتا :
- إلى أن تطلبين الفكاك منا !
ردت مريم متسائلة :
- هل أثقلنا عليك يا خالة ؟
- لا ، ولكن قواي لاتجاري صباكما ..
- مازلت صبية أكثر منا ..
- إنه كلام مجاملة لا فائدة منه ..



#حبيب_هنا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفصل3 من رواية تصبحون على غزة
- الفصل2 من رواية تصبحون على غزة
- الفصل1 من رواية تصبحون على غزة
- الفصل16 من رواية تصبحون على غزة
- الفصل 31 من رواية تصبحون على غزة
- الفصل 23 من رواية تصبحون على غزة
- الفصل22 من رواية تصبحون على غزة
- أيام السينما الخليجية في فلسطين
- حكاية بحرينية
- الروائي الفلسطيني : العزلة والحواجز
- الفصل 19من رواية حفريات على جدار القلب
- الفصل 18من رواية حفريات على جدار القلب
- الفصل 17من رواية حفريات على جدار القلب
- الفصل 16من رواية حفريات على جدار القلب
- الفصل 15 من رواية حفريات على جدار القلب
- الفصل 14 من رواية حفريات على جدار القلب
- الفصل 13 من رواية حفريات على جدار القلب
- الفصل 12 من رواية حفريات على جدار القلب
- الفصل 11 من رواية حفريات على جدار القلب
- الفصل 10 من رواية حفريات على جدار القلب


المزيد.....




- شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح ...
- فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
- قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري ...
- افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب ...
- تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
- حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي ...
- تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة ...
- تونس: أيام قرطاج المسرحية تفتتح دورتها الـ25 تحت شعار -المسر ...
- سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما
- -المتبقي- من أهم وأبرز الأفلام السينمائية التي تناولت القضية ...


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حبيب هنا - الفصل 4 من رواية تصبحون على غزة