سلمان ع الحبيب
الحوار المتمدن-العدد: 2895 - 2010 / 1 / 21 - 13:43
المحور:
الادب والفن
أنشده الشعر إذا قرأه عليه ، وتناشدوا الأشعار إذا أنشدها بعضهم بعضاً ، واستنشده الشعر إذا طلب منه إنشاده .
هذه الألفاظ التي كان يدور في فلكها العرب الأقدمون حينما يقولون الشعر أو يطلب منهم قوله . فالشعر بالنسبة لهم إنشاد ، فإذا مثل أحدهم بين يدي الخليفة مثلاً فإنه يقول له : أنشدنا شعراً ، ليبدأ الشاعر بما أوتي من فصاحة وبيان بإمتاع الخليفة بمديحه وذكر مناقبه .
إذاً كان الشعر بالنسبة للشعراء القدامى تسلية وإمتاعاً ، فهو إنشاد ، والإنشاد يقتضي الحصول على المتعة ؛إذ لم يكن للعربي القديم همٌ ثقافي أو قدرة تحليلية تساهم في فهم الوجود والكون أو أن تثير حراكاً أو تساهم في التغيير وصناعة القرار ؛لذا كان شعرهم وسيلة إمتاع يأنس بها المستمعون ، ومن هنا جاء مفهوم إنشاد الشعر وأنا أستثني هنا بعض الشعراء مثل زهير بن أبي سلمى الذي حمل راية الإصلاح ، والمعرّي الذي حمل مفهوماً تأملياً ومنهجاً فلسفياً يستثير به المتلقّي ، وأبي نواس الذي تمرّد على النهج القديم في تناول الشعر ولكنّها أصوات باهتة وقليلة .
أما العربي في العصر الحديث فقد تغيّر مفهومه للشعر ، إذ أصبح بالنسبة له خطاباً ثقافياً يساهم في صناعة القرار كما يؤثّر في تغيير الواقع ويساهم في إثارة التساؤلات التي نفهم من خلالها واقعنا ؛ لذا تخلّى عن ( إنشاد الشعر ) إلى ( كتابة الشعر ) أو ( قول الشعر ) فلم يعد الشعر بالنسبة للعربي الحديث إنشاداً يقتضي الإمتاع ولم يعد ترفاً فكرياً يتسلى به بل أصبح الشعر حاجة ملحّة تتفاعل مع الواقع متأثرة به ومؤثرة فيه .
سلمان عبد الله الحبيب
#سلمان_ع_الحبيب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟