أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - سعيد لحدو - حمد ... مواطن خارج التغطية














المزيد.....

حمد ... مواطن خارج التغطية


سعيد لحدو

الحوار المتمدن-العدد: 2895 - 2010 / 1 / 21 - 13:35
المحور: كتابات ساخرة
    


لاشك أن السوريين عموماً يعرفون طرفة الجندي حمد الذي عاد لتوه من معركة مع العدو لحضور احتفال النصر، لكن تم دفعه إلى آخر الصالة حيث بالكاد كان يرى مايجري. حينذاك أطلق مقولته الخالدة (عند الطق والرق حمد لي قدام. وعند الفقس والرقص حمد لي ورا). وكانت خير تعبير عن حال المواطن السوري الملحوش خارج التغطية.
قد تكون سورية أحد البلدان القلائل في العالم التي يمكنك سماع عبارة "خارج التغطية" فيها. هذا إذا تعلق الأمر بآخر مبتكرات تكنولوجيا الاتصالات. أما إذا تعلق الأمر بالمواطن حمد غير المحسود على تعتيره، فإن سورية وبلا منازع تحتل المرتبة الأولى في العالم، وقد تليها الصومال وبنغلادش. فهي تستحق وبجدارة وضع اسمها في موسوعة غينيس للأرقام القياسية، لكون مواطنها على الدوام خارج التغطية، باستثناء مسيرات التأييد أوتظاهرات التنديد والاستنكار بهدف التهويل والتهويش، التي تنظمها الحكومة بين الحين والآخر، دعماً لسياساتها التي تتطلب حشوداً جماهيرية كبيرة لاتفي أعداد عناصر أجهزتها الأمنية، على كثرتهم، بمتطلباتها. ولأن (الطق والرق)، بحسب وصف حمد للحرب، ماعاد في وارد النظام، لم يعد لحمد وأمثاله من المواطنين مكان في ساحة (الفقس والرقص). أي بتعبير أكثر تكنولوجية، لُحِشوا خارج التغطية. ولا يخفى على المراقب المتتبع أن سياسة اللحش خارج التغطية التي باتت من أبرز سمات النظام في سورية هي بقصد إراحة المواطن من هم السياسة وأوجاع الرأس التي ترافق كل من يتعامل بها. ولهذا فقد خصص لخوض ساحاتها طولاً وعرضاً خبراء ممن لاتتحسس رؤوسهم لأي وجع يصيب المواطنين أو الوطن.
وحين يتعلق الأمر بمصير الوطن وقضاياه الأساسية يظل حمد خارج التغطية. لأن هذه الأمور تحتاج لأكتاف عريضة. والمواطن المسكين بالكاد تتمكن أكتافه المتهالكة من حمل رأسه المثقلة بهموم لقمة العيش التي ماانفك يطاردها ليل نهار دون أن يظفر بها، لأنها هي الأخرى باتت خارج التغطية.
كذلك يبقى حمد خارج التغطية في المسائل الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعلمية والإعلامية وحتى الدينية، لأن هناك على الدوام من هو أهل لحمل هذه المسؤوليات الجسام ممن تجري (التغطية) عليهم وعلى نشاطاتهم العلنية والخفية على السواء. أما من يبيت في العراء من أمثال حمد من المواطنين فكيف السبيل إلى تغطيته؟
ومع ذلك فقد جاهد النظام لتغطيته، فبنى القصور الفخمة والواسعة والتي أهم ما يلفت النظر فيها أنها طوبت باسم الشعب. ولذا فإن من لا يجد رصيفاً خالياً يسند إليه رأسه في ليالي التغرب على أرصفة الوطن، فما عليه سوى التوجه إلى جبل قاسيون والتمتع بمرأى قصور الشعب المترامية بدعة وسكينة على سفوحه.
وإذا تجاوزنا الوضع الداخلي، كما فعل ويفعل النظام منذ قرابة أربعة عقود، لنلتفت إلى العلاقة مع الجيران فقد كانت وما زالت زئبقية الهوى والوصال. وحين أراد أخو حمد في المواطنة والتعتير إلتقاط إشاراتها المشفرة له والمعلومة للجميع، كانت دورية أمنية أمام الباب لأنه تجاوز حدوده ومد لسانه الطويل إلى داخل منطقة التغطية. لذا توجب إعادة تأهيله كمواطن. لكن فضوله الغريزي كإنسان مازال فيه نبض حياة، ظل يلح عليه لأن يسبر كنه هذا اللغز العصي بالتآخي والعشق تارة، والعداوة حتى الموت تارات، بيننا وبين جيراننا الأحياء منهم والأموات دون أن يفلح بعد سوى في دفعهم لتقصير ذلك اللسان الطويل المرة بعد الأخرى، ودفعه أكثر وأكثر خارج التغطية.
وعلى ذكر (خارج التغطية) فقد استعمل هذا التعبير لأول مرة في سورية بعد دخول شركة الاتصالات الوحيدة واليتيمة إلى سوريا،(رغم تعدد الأسماء أحياناً)، على خلاف ماهو متداول في جميع دول العالم من تنافس بين الشركات مما يؤدي بالضرورة لانخفاض أسعار المكالمات وتقليص مساحة المناطق خارج التغطية. ولكن العرف في سورية يسير وفق مبدأ (الأقربون أولى بالمعروف). ومن هذا المنطلق يتقاسم أبناء العم والخال خيرات شركات السمسرة والنهب الجشع التي تفرخ ولكن لا تزداد ولاتتنافس ولا تنتج مايفيد.
ويبقى المواطن الملحوش خارج التغطية يتحسر على حلم أن يحظى بوظيفة أو فرصة عمل ما يغطي بموردها، على قلته، عورات الفقر والعوز لأطفاله. أو أن يمتلك يوماً ما، بما يمتلك من إمكانيات الدفع بالعملة السورية، هاتف موبايل يباهي به أقرانه. أو أن يتواجد ضمن حدود منطقة التغطية لمرة واحدة، ولو على أطرافها، ليقرر بنفسه أين عليه أن يقف في مسارح (الفقس والرقص)، بعد أن يكون قد أنهى قضية (الطق والرق) كما يجب.



#سعيد_لحدو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قف... منطقة إسلامية
- وطن بالمزاد العلني
- تقرير ما قبل التوزير لقاضٍ سوريٍ شهير
- أنا أعترض
- الاسم الذي وحَّدَ روَّادَنا القوميين، وفرَّقَنَا
- جدار برلين في الشرق الأوسط
- سورية تغير سلوكها بعكازة غربية
- ماتت الخنازير... عاشت الإنفلونزا
- الشرق الأوسط وهاجس الأقليات المزمن
- قانون سوري جديد للأحوال الشخصية يثير استنكارات
- الأكيتو بين خيال الأسطورة وتجليات الواقع
- الحكام العرب وا لمحاكم المؤجلة - 2 - من التالي..؟
- الإلهيون إذا صرخوا: انتصرنا
- قطعة الجبنة .... والثعلب ، والقسمة غير الممكنة
- الديمقراطية بحسب النموذج العربي...وصفة قديمة متجددة
- من تركيا إلى دارفور
- كذبة كبيرة اسمها مقاومة
- رفاهية الابتهاج.... وضريبة القتل
- مسيحيو الشرق الأوسط بين دالوف الأنظمة ومزاريب الإرهاب
- أطلقت عليه السلطة (لا) واحدة فأردته معتقلاً


المزيد.....




- من باريس إلى عمّان .. -النجمات- معرض يحتفي برائدات الفن والم ...
- الإعلان عن النسخة الثالثة من «ملتقى تعبير الأدبي» في دبي
- ندوة خاصة حول جائزة الشيخ حمد للترجمة في معرض الكويت الدولي ...
- حفل ختام النسخة الخامسة عشرة من مهرجان العين للكتاب
- مش هتقدر تغمض عينيك “تردد قناة روتانا سينما الجديد 2025” .. ...
- مش هتقدر تبطل ضحك “تردد قناة ميلودي أفلام 2025” .. تعرض أفلا ...
- وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص ...
- شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح ...
- فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
- قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - سعيد لحدو - حمد ... مواطن خارج التغطية