أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سليم يونس الزريعي - اللغة والمفاهيم : بين شرط اللحظة وشرط الحق والتاريخ















المزيد.....

اللغة والمفاهيم : بين شرط اللحظة وشرط الحق والتاريخ


سليم يونس الزريعي

الحوار المتمدن-العدد: 879 - 2004 / 6 / 29 - 07:04
المحور: القضية الفلسطينية
    


لا يكاد يخلو بيان يصدر عن الأذرع العسكرية للفصائل الفلسطينية من تعبير " وقد جاءت العملية رداً ..." وفعل الرد هنا يأتي وفق هذا المفهوم عقب فعل عدواني صهيوني محدد في الأشخاص والمكان والزمان، ومن ثم فإن فعل الرد هنا بصرف النظر عن كيفه وكمه ، إنما يأتي وفق ما تطرح تلك البيانات في سياق الثأر أو العقاب على ذلك .

ومع ثقتنا في صدقية وحسن نوايا الجميع ، إلا أن تلك الصيغ في اللغة والمفاهيم المستخدمة في تلك البيانات تساهم في تشكيل وعي ملتبس حول موضوع الصراع وامتداده مع العدو الصهيوني ، ومن ثم في تسرب لغة ومفاهيم مفارقة للواقع والحق، تشكل مدخلا ضارا يمس في الجوهر طبيعة الصراع وعلاقاته في الزمان والمكان .

وعلى اعتبار أن الغــزوة الصهيونية هــي " كتلة السبب " ، فإن السياق المنطقي لفعل السبب ، هو استيلاد نتائج هي بالضرورة نتاج موضوعي ، دائم وثابت ومستمر ، مادامت موجبات تلك النتائج قائمة في الواقع .

وإذا كان الوجود بالفعل للكيان الصهيوني هو التجسيد المادي للغزوة الصهيونية ، وهو" واقع " لكنه لا يستند إلى أي أساس قانوني أو حقوقي بالنسبة للشعب الفلسطيني على الأقل ، وهو في الجوهر ظاهرة تاريخية عابرة ، ومن ثم فإن دوام استمرار الفعل على نفيه في الواقع يشكل أحد أهم مفردات تكوين الوعي الفلسطيني الفردي والجمعي .يجب أن لا يغيب ولو للحظة عن ذهن ووجدان الفلسطيني أينما كان ، مهما مر الخط البياني للصراع من تعرجات إن صعودا أو هبوطا .

فالوجود الصهيوني باعتباره تكوين " أيديولوجي مؤسساتي بشري " طارئ في التاريخ ، تشكل على حساب حق وثبات ووجود واستمرار الشعب الفلسطيني ، فإنه بالضرورة يحمل مقومات زواله في عوامل نشأته ، لارتباط ذلك الوجود من عدمه بحل التناقض الأساس مع الشعب الفلسطيني صاحب الحق الثابت والأصيل ، ببعده القومي المتجذر والممتد عبر الزمان ، ولأن الفعل ضد هذا التكوين من قبل الشعب الفلسطيني لازال قائماً ومستمراً في التاريخ ، ولن يتوقف حتى يتم تفكيك ذلك التكوين بكل مفرداته . فإن صوابية القراءة والرؤية ، يجب ألا يحكمها " شرط اللحظة " مهما امتد ومهما كانت قسوته في الواقع ، باعتبار أن مكونات هذا الشرط " قدر لا يمكن رده " حسب قراءة البعض ، في حين أن هناك فرقاً كبيراً بين شرط اللحظة المحكوم بعوامل ذاتية وموضوعية تاريخية متحركة ، قد تفرز علاقات وموازين قوى مقررة في لحظة تاريخية معينة لكنها من منظور استراتيجي تاريخي هي غير " شرط التاريخ " الذي تحكمه قوانين الوجود في الأصل والحق الثابت والممتد عبر الزمان .

ومن ثم فإن أي قراءة للصراع بمعزل عن محدداته القسرية التي تكيفه على أنه صراع تاريخي مفتوح وممتد ، بصرف النظر عما يمكن أن تفرزه موازين القوى الراهنة وإن كانت مقررة ماديا ، هي فيما أعتقد قراءة مضللة وضارة ، طالما أن جبهة الذاكرة والعقل والوعي تحتفظ بحضورها في الواقع ، وتحفظ للصراع أبجدياته المستندة إلى وجود الحق وصاحب الحق في الأساس وتلازمهما ، مع عدم التسليم بما يمكن لميزان القوة القائم أن يفرضه راهناً. والذي قد يدفع البعض إلى التفريط بالحق الثابت والمستمر بالقول " بالحق الواقعي " باعتباره نتاج معادلة سياسية عسكرية حضارية لسنا أحد مكوناتها كما يرى هذا البعض .

ولعلة من ضعف الرؤية وعدم النزاهة الفكرية في القراءة والتحليل التقرير في قضايا مصيرية تاريخية ثابتة ارتباطا بمرحلة تاريخية عابرة ومؤقتة بصرف النظر عن المساحة الزمنية التي تحتلها أو قد تحتلها في الواقع الراهن ، تلك القراءة التي تسعى عن سبق إصرار لتأسيس وعي مواز " قاصر" منفصل عن جذوره ، تبشر به باعتباره المدخل الضروري لكي يقبل بنا الآخر ، ضمن آحاد أطرافه باعتباره المركز ، حتى ولو كان على حساب الوجود المادي للشعب الفلسطيني في الشتات والداخل ككتلة بشرية واحدة تعيش في الواقع ، تملك من شرعية الوجود والحق بما لا يمكن لأي قوة أن تفصم عراها .

هنا يجب أن تدل المفاهيم واللغة على نفسها ، وبقدر ما يمكن أن يقال حول موضوعية مواجهة المشروع الصهيوني الإمبريالي ألإحلالي بأشكال المواجهة المختلفة ، العنفية وغير العنفية ، فإن اللغة والمفاهيم التي تحفظ للذاكرة حضورهما الدائم ، تبقى تمثل المتراس الأول لحضور الحق بتجلياته المختلفة ، كحق ثابت وأصيل ، لا يمكن التفريط فيه أو التنازل عنه .

ومع إدراكنا لقسوة الواقع ، وضغط اللحظة في الزمان والمكان ، غير أن ذلك لا يجب أن يحجب عن أذهاننا مكونات المشهد بصيروراته التاريخية الراهنة والمستقبلية التي نملك الفعل الإيجابي فيها ، بما يمكننا من الاحتفاظ بتوازننا في القول والفعل ، وأن لا ندع الآخرين ممن أعوزتهم الرؤية واليقين التقرير في موضوع الصراع ارتباطا بما يقال حول قوة شرط معطيات اللحظة ، وهي بالتأكيد شروط ومعطيات قاسية ولكنها متحركة وغير دائمة ، ومن ثم فمن خطل الرأي البناء أو التأسيس عليها ، مواقف استراتيجية ونهائية خاصة إذا كان الأمر يتعلق بمصير شعب ، وبموضوع الصراع العربي ـ الصهيوني .

إن إعادة الاعتبار إلى اللغة والمفاهيم وتخليصها مما شابها خلال سنوات الخواء الفكري والقحط السياسي من الممكن أن يحصن وعينا وذاكرتنا من حملات التشويش والتشويه التي تتكاثر كالفطر في ظل عالم الهيمنة والتفرد المؤقت هي بالضرورة مسألة مركزية في فهم الذات والآخر، على اعتبار أن الآخر إذا كانت له مساحة في ذاكرتنا لفهمه ومواجهته فإن الثابت لدينا أنـه لا مكان لـه بيننا ، وعلى هـذا الأسـاس يجـب أن تكــون اللغــة وكـذلك المفاهيم .


وعود على بدء نقول إن أي فعل ضد الاحتلال ، إنما يأتي في سياقه المنطقي والطبيعي كحالة رفض مستمرة للكيان الصهيوني كوجود واحتلال ، على اعتبار أنه في البدء احتلال ، وبالتالي فأن أي عمل ضد الوجود الصهيوني في فلسطين ، إنما يأتي في إطار دحر الغزوة الصهيونية في الأساس ، ولذلك فإن الحديث ب " الرد والعقاب " إنما يشكل اختزالا للصراع لا يجب الوقوع في محاذيره ، مهما مررنا بلحظات حزن وأسى على من نفقد من قادة وكوادر ، إذا كنا نعتبر أن قضيتنا يحكمها شرط الصراع التاريخي الممتد والمفتوح ، وأننا من فلسطين نبدأ ومنها ننتهي .



#سليم_يونس_الزريعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المبادرة الأمنية المصرية: بين النوايا الطيبة وإرادة شارون
- استفتاء الليكود : غير الشرعي يستفتى ...على غير المشروع


المزيد.....




- إيطاليا: اجتماع لمجموعة السبع يخيم عليه الصراع بالشرق الأوسط ...
- إيران ترد على ادعاءات ضلوعها بمقتل الحاخام الإسرائيلي في الإ ...
- بغداد.. إحباط بيع طفلة من قبل والدتها مقابل 80 ألف دولار
- حريق ضخم يلتهم مجمعاً سكنياً في مانيلا ويشرد أكثر من 2000 عا ...
- جروح حواف الورق أكثر ألمًا من السكين.. والسبب؟
- الجيش الإسرائيلي: -حزب الله- أطلق 250 صاروخا على إسرائيل يوم ...
- اللحظات الأولى بعد تحطم طائرة شحن تابعة لشركة DHL قرب مطار ا ...
- الشرطة الجورجية تغلق الشوارع المؤدية إلى البرلمان في تبليسي ...
- مسؤول طبي شمال غزة: مستشفى -كمال عدوان- محاصر منذ 40 يوم ونن ...
- إسرائيل تستولي على 52 ألف دونم بالضفة منذ بدء حرب غزة


المزيد.....

- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني
- القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال ... / موقع 30 عشت
- معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو ... / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سليم يونس الزريعي - اللغة والمفاهيم : بين شرط اللحظة وشرط الحق والتاريخ