عارف علوان
الحوار المتمدن-العدد: 2894 - 2010 / 1 / 20 - 12:25
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الذين راهنوا على باراك اوباما إنما راهنوا على حصان يركض خارج الشوط، جامحاً بخطبه البلاغية ومجازاته التي تدوخ الرأس! وفي كارثة هاييتي، حيث كان فيه الهايتيين مصدومين ومشدوهين بما وقع لهم من دمار، ظهر اوباما بخطاب جمع فيه قدراته على عجن الوعود بالكلام وتقديمها للضحايا: فما عليكم سوى أن تنتظروا ساعات قليلة لتصلكم المستشفيات ومواد الإغاثة والمياه النقية.
يقول أوباما: "إن الولايات المتحدة تمضي قدما في واحدة من أكبر حملات الإغاثة التي تشارك فيها في تاريخها".
إن الساعات القليلة، بمعايير الكلام، استغرقت سبعة أيام ولم يصل أي شيء ينقذ أنصاف الموتى والجرحى من الأطفال الذين تشوهت وجوههم، وأمريكا، أقرب النقاط من الزلزال، ظلت تماطل، بينما جاء الصينيون والإسرائيليون والبرازيليون وغيرهم بالمستشفيات ومواد الإغاثة وبدءوا برفع الأنقاض وإخراج الجثث، شبه الحية والميتة، وتوزيع المياه والأكل المعلب الجاهز، بينما كرر أوباما ثلاث خطب بلاغية، بانتظار أن يتمرد الجائعين وتلعن النساء الممددات على الأرض أمريكا ووعودها.
ولعل 24 ساعة من الانتظار هو زمن طويل لمن يصرخ من تحت ركام البيوت، وهذا ما لم يدركه أوباما، إلا أن المسألة أخطر من ذلك، فقد عقدت صفقة سرية بين الرئيس الأمريكي والرئيس الهاييتي رينيه بريفال، على أن تتولى واشنطن شؤون هاييتي وتساعد على بنائها، لذلك فقد ظهر الجنود الأمريكان بعد سبعة أيام بالبنادق والحراب، واحتلوا مطار (....) ومنعوا الطائرات المغيثة من الهبوط فيه، مما أثار سخط واحتجاج الدول التي كانت ترسل معوناتها وفرق الإنقاذ غير المسلحة، وما زالت المياه النقية الأمريكية لم تصل إلى هاييتي، فالرئيس الأمريكي لا يضيع فرصة وجود كارثة إنسانية تفوته، إنها فرصة "جميلة" أن تقفز واشنطن من فوق باريس، لتعيد احتلال هاييتي في ظل ومن تحت غبار البيوت المدمرة، التي ما زال عدد كبير من شعبها يمدّ أياديه من بين الجدران والسقوف المنهارة بحثاً عن يد رحيمة تسحبه بعيداً عن الركام!
#عارف_علوان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟