محمد شكشك
الحوار المتمدن-العدد: 2894 - 2010 / 1 / 20 - 12:18
المحور:
الادب والفن
" الشهد في عنب الخليل .. وعيون ماء سلسبيل "
هو ذاك الصامد في بردها و قسوة شتائها و نعومة ربيعها ولذة خريفها و حرقة شمسها...
و ربانية مذاقها
هو المتربع في حباتها و حبيباتها من جذرها لبرعمها والحارس و الشهيد.
هو عسل النحل الذي لم يعصر من شمعه...الأصيل المغروس في أرضها
.. يدلنا بصموده أنه هنا... من هذه الأرض وأنه عليها...
مغروس بها و الشاهد فيها و منها...
هي تلك الأرض بعنبها و جمال حباته ندرته و أصالته ... الملئية بمياه السلسبيل العذب...
أشرب منه و أحتفظ به لتتذوقه أنت و كل الأمم.
" هي إرث جيل بعد جيل .. وكفاح تاريخ طويل "
هي الميراث الطويل العريق والوحيد.
هذا المنغرس من صلبه و من جيل له و بعد كل جيل..
هي ارث الأب للأبن و أرث الأبن للحفيد و الأجيال القادمة
قصة نضاله الوحيدة..قصته مع هذه الأرض منذ القدم و قمة حزنه و شموخ كرامته
و قتما يتناساه الجميع.
ارث صعب ..ارث عليك ان تناضل من اجله
أن تتعب.... ألا تنام.... و أن تموت من أجله
" جنان جنان .. بعمر الزمان "
جن بجمالها و حرق قلبه على حبيبته الوحيدة... قمة الوفاء لأنوثتها و جمالها الرباني
على مدار العمر و طوله..مع صموده ووفائه لها.
حبه الرباني لها و هي كذلك ,التي تزينت مع طول زمانها و صلابه عمقها و جذور أصالتها.
جنة الحديقة ذات النخل والشجر والبستان ودار النعيم فى الآخرة ولست جنةً واحدة ولكنك جنان، وفى الجنان روح وريحان وأنس واطمئنان وراحة وأمان.
" وما للدخيل بها من مكان "
كالذي يدخل على غيره وليس منه بضيف,
هي الأصل و هم الصورة...هي كل شئ و هم لاشئ.
هي المالك و المملوك... و هي صاحب الحق كل الحق و ما لأحد مكان أينما هي صامدة.
هي الحزينة التي لا تعرف كيف وكم سيكون بعد. كل ما تعرفه أنها واحدة ولا تقبل ان تقسم على اثنين... روح لروح ..قلب لقلب و عمر بعمر... ولا صوت يعلو صوتها...
"سلم على وديانها... والطير في أفنانها
والكرم في بستانها .. والنار في صوانها.. "
من حزنها تبحث عن ونيس ...عن طير طائر بسمائها... تبلغه أحر ما تستطيع من سلام حزين...
و بقوة الصوت حتى لا تشعرهم بوكسة في الأعماق و بأمر من صوتها و بكل كبرياء و شموخ .
...تطلب السلام و تبرقه برغم عنف الدخلاء عليها... تبعث بسلام رباني للأرض و للماء في جوفه...
كالطفل الجميل في بيته الأجمل.....
كالأم في أحشائها الرضيع.. و من يملك الأرض تحق له السماء.... فلم تنس من يطير في أجوائها و في ساحاتها و باحاتها و ممراتها و ما بين السهل و ما بعمق الجبل..
هي حجر صلب و متماسك لا يتفاني في ضرب شراره من يقدحه بالزناد..
" ديار الكرام .. وأهل الزمام
لها من قلوب بنيها السلام.. "
بصوت حنون و عيون مليئة بحزن الأم على من فقدته من أبنائها... بشموخ القلب الملئ بتقوى الله و تمسكها بجذورها وأصولها ....
تحاول أن تعكس بكل قوة وصلابة, و لكن أنين صوتها لا يفارقها و برغم كل ذلك تقول لهم جميعا..من هنا بدأت الكرامة وأصولها..من هذه الأرض نبعت ..كرامة العرب و صبر المسيح... الخلقُ الرباني الأصيل يخرج من حنجرتها و بأعلى صوتها, هنا دياركم, لمن يشتهي ان يُكرم و يكون كريماً بين أفنائي و دياري العامرة...
هنا أهل الحق منذ زمن طويل.. و نحن هنا أهله.. حق الملك و التملك.. عقار أبدي و بلا حدود.
كل من يأتيني لن يجد لدي إلا كل حب و أمن وسلام...
..فأنا الراحلة الصامدة..و هناك الباقون منى ومن صلبي .هناك منهم من سيعمون عليكم بسلام نبينا و تحمل عيسى و خليل رحمانها..
ههم أبنائي و من رحمي ولدو...
كمن يوصي أبنائة برفقة وكرم الضيف.. و أن يعمو عليه بسلامها الممتد من جذورها لقلوبهم...
قلب الأم الحنون..تجاه أطفالها.. و سلام له وسلام عليه لمن يدخلها بسلام ...
"هنا في الجبال... رجال رجال
محال خضوعهمو... للمحال.."
تأكيد من ولاة الأمر و من على كرسي عرشها و بصيغة الأشارة الى ذلك المكان ..كأن كل الصور الجلية أختفت, و بقيت هي في جبالها و سفوحها الخضراء.. هي الجنان حقا... هنا جبال الرجال..
و رجال كالجبال... رجال في رجل .. و رجل في كل الرجال.. كل الكلام و لم تبق أي كلام..
تحثهم برفع هاماتهم و أكتافهم الى الأعلى .. وصية الأم لأبنائها بأن يكونوا رجال في ذلك الرجل..رجل في كل الرجال... توصيهم و تخيف من يسمع بها متربصا بهم.. تحذرهم بما تورث الأرض من رجال...
ومحال أن يكون حيًّا و ميتاً فى آن واحد ؛ لأن النقيضين لا يجتمعان فى محل واحد. ومحال أن يكون إنسان ما لا حى ولا ميت .
ذلك هو المقصود ب " كلمات رب البيت و صاحب الأرض و العرض " ، التى لا نجد لها تبديلاً ، ولا نجد لها تحويلاً أو تأويلا .
يتجلى الحق في الأرض كما هو الحق بما فيها و ما عليها
لا تفريط ولا تنازل ولا خضوع ولا ركوع...
" وطن هنا ومواطنون... فليرحل المستوطنون
وغداً إذا سطع اليقين... كريات أربع لن تكون
وصاع بصاع... ونار بنار
وإن مصير الدمار الدمار..."
هنا بيتنا العريق القديم الجديد... قف ولتغرسها أصولاً بقلمنا في عقلك و كيانك الغريب والشاذ ,
أن لهذه الأرض أناس أحق منك فيها, هم كل الأرض و كل العرض..
لن تكون في أمان طالما انت لست من دمنا..و لست من صلب من زرع جذورنا...
ستصحو من نومك وأنت في غير حال ,, أنت و كل من رافقوك وفي أسوأ حال .
ستكون و قريتك التي جثمت على كاهلى قد أزالكم جيل من رجال اقوياء.. ذو بأس شديد.
هنا العين بالعين و السن بالسن...
لن تقوى على كرامتى..على أرضى و عرضي..
فهو الشهد في عنبي و الجبال في جبالي و الماء من صلبي , يسري في قلبي و من نبع جبالي..
لن تمس الشمع ليبقى الشهد في باطني و في قطوف عنبي و رحيق بساتيني.
ان مسسته سيكون الشهد شهيدًا..
و ستكون أرضى مقبرتك و جبالي ستزلزل كيانك الغريب....
فهو الشهد و من قلب الخليل
و عيون و من ذات السلسبيل
هي الإرث لجيـل بعـد جيــل .. والكفــاح لتـاريخـنـا الطـويــل
هي جنان الجنان و بعمر الزمان
و ما للدخيل أبدا بها من مكان..
********
دكتور/ محمد شكشك
[email protected]
#محمد_شكشك (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟