|
بيانات العبث
مهدي زريان
الحوار المتمدن-العدد: 2894 - 2010 / 1 / 20 - 12:18
المحور:
الادب والفن
لست أدري.. كيف أحرر نفسي من نعشِ جسدي الهارب؟ تلوّنتُ بالوحدة غرفتي لا تضمُ سواي وظلي وأحياناً.. يمتزج صوتُ أنفاسي التعبى وتصفّح كتابٍ ودقات ساعتي بدخانِ سيجارة! ما مِن ليلةٍ لا يخنقني فيها خيالي ولا تقرأ الريح كتابي العتيق! كل ليلةٍ تمزّقني وتمزقني دقاتُ ساعاتِ الحيطانِ.. تمزقني... إنه الصباح وأنا أمرُّ الهوينى.. هويناً تحت أشجارٍ لا ظلال لها مصغياً لتهشّم الأوراق المتساقطة وعلى الرصيف المقابل ألمحُ خليلاً قديماً لي يلوح بيدٍ.. وينبسُ بشيء أظنّه... يلقي علي بتحية الصباح!! من فرط غربتي أراجع خطاباتِ أندادي السابقين لا أتذكّر أسماءهم ولا أعرف في أي يومٍ وردتني أنقّب في كل المرايا العتيقة عسى أن خلَّف فيها يوماً صديقٌ قديمٌ ملامحَهُ أمعِنُ النظر في قارورةِ شرابٍ بنفسجية آملاً أن نسيَ فيها ذاتَ شفقٍ قريبٌ لي - ثملاً - وجهَه المنهك ما من نهارٍ يمر إلا وتتيّهني أزقة هذه المدينة وما من ليلةٍ تمر إلا وتقرأ الخفافيشُ حظي وتقلدني الخرز الأزرق أنتَ يا (ذاتي) الهاربة مني انظرْ كيف يذوبُ الآن قدي الصقيعي تحت شعاعِ عينيكْ رويداً... رويداً وتتبخر أنفاسي المتجمدة في عقبِ مداسِكِ حين الغروب أنحني لشارعٍ باحثاً عن أثر أولئكَ الرفاق الذين أجهل... أين أخذهم القدر؟! أتأملُ بإجلالٍ ظلال شجرةِ التوت التي أجهل... متى أودعتها نفـَساً من الطمأنينة؟! آه يا زريان* من فرطِ عبثِكَ بالمصير اللا مجدي لليمونات العشق الحامضة غدوتَ أنت الآخر في أغصان الوجود المتجمدة خاوياً مثل عنقودِ عنبٍ نما في غير أوانهِ! المواسمُ هي الأخرى في هذا الوطن لا تقدرُ أن تقاوم الحقيقة إنها تتداعى مع الأوراق المتساقطة فاسكني يا أمواجَ الحقيقة لئلا تغرق سفن خيالنا اسكني يا سيوف الفناء لا تضربي مزيداً من رؤوس عهودِ الوفاء التي لا رؤوس لها! العاشقون صحراءٌ قاحلةٌ إلا من النفاق المحبون قمةٌ في الخيانة معارفنا جميعاً خانوا الملح والزاد فأي شيءٍ ننتظر؟! فنحن لم نجنِ نفعاً سوى من يافطات الرياء والنفاق الله يعلمُ في أيةِ كأسٍ فارغةٍ للرياء ضيعنا رجولتنا! نحنُ غرباءٌ في هذه الأرض التي لا جغرافية لها الآن.. يجب أن نحمل حقائبَ اليأس ونستلقي موتى في موانئ النسيان نحنُ مَن أبطل سحرَ كل المقدّسات ومَن قرأ كتابات وتعاويذ الشيوخ الجهلة كشفنا رموز وخواطر المنجمين لأبناءِ المدينة كُن واثقاً لو أننا ندفن كل تاريخ هذه المدينة الحجرية تحت جذور شجرة (قزوان)** الزمن لن يزحزح عقاربه والأرض لن تتوقف عن الدوران شحاذو هذا الوطن الفوضوي ينامون على رصيفٍ ويحلمون برصيفٍ آخر أقولُ للعاصفةِ: كفى! كفى هذا التيهان اللعنةُ على تلك النياسم التي قادتني إلى سواحل اليأس اللعنة على الأبواب العتيقة التي أدمنتني على انتظارٍ سقيمٍ أنتَ يا (ذاتي) الهاربة مني كم مرةً قلتُ لك لنتجرّد مِن الخجل لئلا يقتلنا الخجلُ خجلاً!! لنعُد إلى الديار القديمة فإذا ما بقيَ لنا بعضُ أحبتنا فلنبنِ مِن قطراتِ المطر بيتاً ومِن الضبابِ الأبيضِ سوراً! ...................................................................................... * زريان: العاصفة الثلجية، وهو لقب الشاعر، ويصلح هنا استخدام اللفظة لكلا الغرضين. ** قزوان: نبتة مكسرات، يستخدم ثمره لصنع المسبحة، وتسمى بالدارجة (بطم).
#مهدي_زريان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
شباب كوبا يحتشدون في هافانا للاحتفال بثقافة الغرب المتوحش
-
لندن تحتفي برأس السنة القمرية بعروض راقصة وموسيقية حاشدة
-
وفاة بطلة مسلسل -لعبة الحبار- Squid Game بعد معاناة مع المرض
...
-
الفلسفة في خدمة الدراما.. استلهام أسطورة سيزيف بين كامو والس
...
-
رابطة المؤلفين الأميركية تطلق مبادرة لحماية الأصالة الأدبية
...
-
توجه حكومي لإطلاق مشروع المدينة الثقافية في عكركوف التاريخية
...
-
السينما والأدب.. فضاءات العلاقة والتأثير والتلقي
-
ملك بريطانيا يتعاون مع -أمازون- لإنتاج فيلم وثائقي
-
مسقط.. برنامج المواسم الثقافية الروسية
-
الملك تشارلز يخرج عن التقاليد بفيلم وثائقي جديد ينقل رسالته
...
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|