|
الاحباط في الطفولة ..صراع في البلوغ
اسعد الامارة
الحوار المتمدن-العدد: 2893 - 2010 / 1 / 19 - 02:08
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
اذا ما اتفقنا جدلا ان مفهوم الصحة النفسية هو حل الصراع بتغليب جانب على آخر بشكل مقبول وعقلاني ولكي لا نترك للاحباط الفرصة المؤاتية لاستخدام الطفل او البالغ حيلة (ميكانيزم) الاسقاط بحيث يصبح التوافق اعرجا مما يكون الواقع خدعة مع علم العقل به إن آجلا او عاجلا ، وهو ما نراه في سلوك اطفالنا وهم كبار .. لذا عد الاحباط النفسي بأنه حجر عثرة في طريق مبدأ اللذة حتى الطفولة البريئة منها . ان الطفولة العسيرة تترك اثارا عسيرة في المراحل التالية لها ومنها المراهقة وعواصفها ، والبلوغ وابتلاءته ، ويمكننا القول ان كل احباط لم يمر بسلام ولم ينتهي إلا الى الصراع الخفي لدى الطفل الذي سوف يعمق في ذاته اما النرجسية كرد فعل قوي ضد التحقير في الطفولة وتأكيداً لقول د. نيفين زيور أن النرجسية قلما تفتقر الى معنى خالٍ من التحقير ، هذه تتشكل في مراحل الطفولة الاولى من حياة الانسان ، او ما نراه في التعامل مع الاطفال باساليب العقوبة او التأديب المتسلط من ابوين متسلطين فيترك في نفس الطفل بثورا لن تندمل حتى وان ملك المال والجاه والوظائف والمناصب وقول علماء التحليل النفسي ان الاحباط يظل متصلا بالموضوعات في تخييلات ولكنه ينسحب إلى الانا ، وكثيرا ما نجد العديد من الرجال وهم يملكون شخصيات مهزوزة ، متقلبة ، كثيرة الاراء في الوقت نفسه وربما تحركه اية وجهة نظر بالاتجاه المعاكس لشخصيته على عكس ممن يملكون قوة الانا والتأثير على الاخرين . تترك الاحباطات في الطفولة العديد من الشحنات النفسية غير المنصرفة تترك اثارها كاضطراب في علاقة الفرد ببيئته ، انه في البلوغ لا يشعر بالألم ولا يشعر باللذة ، وهي انعدام الصحة النفسية ، لأن من اساسيات الصحة النفسية هي قدرة الفرد على التوافق المرن الذي يناسب الموقف الذي يمر به او يخبره كما يقول د. عباس محمود عوض . الكثير من الاباء او الامهات يرجعون هذا الوضع الذي يمر به الابن- البنت الى عوامل بيئية او عوامل ذاتية ، فالظروف البيئية كما يقول الاباء لاتساعد على اجابة رغبات الطفل ، وهو خطأ كبير يقدم عليه الاباء ، لانهم الغوا بذلك تلك التساؤلات التي لم يجد لها الطفل اجابات ، فلجأ لابيه او لامه فكان الصد العنيف منهم كاستجابة تنفيرية ، هذه التساؤلات هي في الحقيقة تسمى مرحلة الاستطلاع عند الطفل ، وهي مرحلة غنية جدا في تكوين مسار شخصية الطفل ، وتدور هذه التساؤلات : كيف تكونت؟ من هو الله ؟ كيف خرجت لهذه الدنيا ؟ ومن اين؟ وغيرها من تساؤلات الاستطلاعية التي تصد عنها الاسر وربما تعاقب الاطفال عند السؤال عنها. اما العوامل الذاتية فهي موجودة اساسا في الطفل ولكن لا يدركها الاباء او الامهات فتصادر تلقائية الطفولة دون ان يعلموا انها مخاوف مجهولة غير معروفة وتقول (أنا فرويد) إن الاطفال لايعطون معلومات عن الماضي ، انهم يتحدثون من تلقاء أنفسهم عن حوادث الايام والاسابيع القليلة الماضية وعن عطلاتهم التي امضوها وفي عيد ميلادهم السابق او عيد ميلاد قد يأتي ، فعندما لا يستمع لهم احد سيعيش حالة الفشل ، هذا الفشل يقود الطفل الى الانعزال ومنه تتشكل الشخصية الانطوائية في الكبر وهي من اساسيات سمات الشخصية الاكتئابية . اما القسوة والاهمال مع الطفل في الاسرة المفرطة في العقاب Over- punitive كما يقول (د.محمد شعلان) فبدلا من الاكتفاء بغرس الكمال في سلوكهم وطلب ما لا يستطاع منهم فإن هذه الاسرة تبالغ في هذا الطلب وتمارس قهرها للطفل بطريقة مباشرة تختلف في الدرجة ، فربما تبدأ بالشدة على المستوى المعنوي فتعاقب الطفل عند كل مخالفة بأن تحرمه من الحب والعطف ثم تتدرج بأن تمارس تجاهه الحرمان من اللعب او الالتقاء بمن يحبهم ثم العقاب الجسدي بطريقة مباشرة في صورة الضرب المقنن في اجزاء مختلفة من الجسم ثم الضرب العشوائي على كل اجزاء جسده الذي يسبب اذى كبير له . هذا العقاب الذي يمارسه الاباء مع ابنائهم ينم في حقيقة الامر عن رغبة جنسية مكبوتة او قد يكون فعلا مشابها لها من رغبات الاباء المكبوته ولم تجد طريقها للتفريغ ولكن وجدت التنفيس في القسوة والتأديب العنيف ضد الابناء. هذه المواقف تعبر اساسا عن التكوين النفسي للاباء بالظاهر منه تأديب قسري وعنف ولكن المخفي هو كبت كامل بأنواعه أخذ مظهر العدوان على الابناء وهو عدوان مزاح من موضوعه الاصلي الى الاطفال وهم الاضعف وهذا السلوك ايضا عند المدرسين والمدرسات في مدارس التعليم الابتدائي اوالمتوسط او التعليم الثانوي يأخذ نفس التفسيرات السابقة ، عنف ظاهر مقابل كبت كامن سواءا اخذ مظهر الحماية او طلب التربية والكمال فيها . خلاصة القول ان العقاب الذي يؤدي الى الاحباط عند الطفل بسبب سلوك الاباء او الامهات او من يقوم بالعملية التربوية هو كبت مزاح اخذ صور مقبولة ذات مسميات متنوعة تترك اثارها المستقبلية عند الابناء فالبعض يتجه الى الجماعات المتطرفة فيجد فيها نفسه عضوا قويا ومؤثرا وهي الابوة المنقولة بالقسوة ، او عند البعض ذوي الشخصيات القلقة ، غير المستقرة او عند الشخصية المنعزلة او عند الشخصيات النمامة (من النميمة) او المنافقة ( النفاق) او الكذب او المباهاة والاستعراضية او ممن يقومون بالنصب والاحتيال ، فكلما توغل الاحباط في الشخصية وهي في مرحلة الطفولة ، كلما ترك عاهات نفسية عميقة وبالتالي ان شخصية الاطفال هم انعكاس لشخصيات اسرهم ويبقى القول ان شخصية الطفل وسلوكه هو من اسرة الاصل.
#اسعد_الامارة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الغيرة والجنون !!
-
الاغتراب .. هل هو أزمة الإحساس بالوجود؟
-
العراقيون وفريضة التساؤل ..عن التدهور في كل شئ!!
-
النفس والصراع !! جدل الانسان
-
الاستعراضية والتباهي مؤشر للشعور بالنقص!!!
-
الكبت والصراع النفسي
-
متى ينتهي العبث بالعراق ؟ مدونة سيكولوجية
-
مشاعر الخجل عند الاطفال .. كيف تتكون؟
-
التربية والشعور بالدونية عند الافراد والشعوب
-
العراقيون ومخاض الانتماءات .. رؤية نفسية عن الانتخابات القاد
...
-
الغِيرة .. الوجه الآخر للشخصية
-
من حرية التفكير الى التكفير
-
انفعالات التفكير .. ألم في الاحشاء !!
-
كيف يتكون الشعور بالدونية لدى الاطفال
-
ولمحنة أيتام العراق احزان
-
العراقيون .. بين التعب والملل
-
أطفال العراق وألعابهم
-
رغباتنا بين الخفاء والعلن !!
-
العراقيون بين حلم التحلل وقيود التدين الخاطئة
-
التبرير .. لعنة ام رحمة !!!
المزيد.....
-
مصطفى شعبان بمسلسل -حكيم باشا- في رمضان
-
شاهد: أصدقاء وأقارب الأسيرة الإسرائيلية آغام بيرغر يحتفلون ب
...
-
حركة حماس تعترف بمقتل قائد جناحها العسكري محمد الضيف
-
القاهرة: لا لتهجير الفلسطينيين من أرضهم
-
عمّان.. رفض قاطع لتهجير الفلسطينيين
-
حماس تنعى عددا من كبار قادتها العسكريين وفي مقدمتهم القائد ا
...
-
سـوريـا: مـا هـي طـبـيـعـة الـمـرحـلـة الـجـديـدة؟
-
الدولي المغربي حكيم زياش ينضم إلى نادي الدحيل متصدر الدوري ا
...
-
العراق ومصر يجددان رفضهما لتهجير الفلسطينيين
-
الجيش الفرنسي يسلّم آخر قاعدة له في تشاد
المزيد.....
-
حوار مع صديقي الشات (ج ب ت)
/ أحمد التاوتي
-
قتل الأب عند دوستويفسكي
/ محمود الصباغ
-
العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا
...
/ محمد احمد الغريب عبدربه
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
المزيد.....
|