أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سما حسن - ويبقى الأب(من يوميات امرأة محاصرة)














المزيد.....

ويبقى الأب(من يوميات امرأة محاصرة)


سما حسن

الحوار المتمدن-العدد: 2891 - 2010 / 1 / 17 - 18:20
المحور: الادب والفن
    


ويبقى الأب(من يوميات امرأة محاصرة)

كتبتها سما حسن ، في 17 كانون الثاني 2010 الساعة: 07:53 ص

فجأة وبلا مقدمات توعك زوجي الذي يعيش على هامش حياتنا، والذي هو دائما في انشغال بذاته وبنفسه عن مشاكلنا وطلباتنا، توعك فجأة ليشتد الألم ويسقط في يوم وليلة بلا حراك….

سنوات طويلة مرت على ارتباطي به، ولكن هذه المرة الأولى التي أراه بها بهذا الضعف والتخاذل، في كل مرة كان ينهال بها ضربا عليّ كنت أراه قويا عملاقا، بقوة جسدية لا توصف لدرجة أنني كنت أرتجف منه رعبا دون أن يلمسني، ولدرجة أنني كنت أسأل نفسي: هل ممن هم في قوته من الممكن أن يصابوا مثلي بتلك الأمراض الغبية المسماة الانفلونزا والمغص الكلوي، أو حتى يرتفع ضغط دمهم كما يحدث مع انسانة هشة مثلي، فيتعالى صراخه ويمسك برأسه كما أفعل، وأطلب من الصغار ان يطفئوا أنوار غرفتي، ويسدلون الستائر ويتركونني أصارع نوبة الضغط المرتفع حتى تمر ساعة، ويبدأ مفعول عقار الضغط……..

ولكن فجأة سقط زوجي مريضا، هكذا أصبح طفلا صغيرا بحاجة لرعاية، وبحاجة لعطفنا وحنونا، قرر بمجرد أن مرض أن يتخذني عصاه التي يتوكأ عليها،وأن يصرخ بلا وعي: لا تتركوني وحدي…..

الصغار الذي حرموا منه طويلا شعروا بمعنى أن يمرض الأب وربما يرحل، لدرجة ان ابني الصغير قال لي: ماما أنا عمري ماحسيت بحنان بابا

بس لو صار لو شي راح ازعل؟؟؟ كيف صحابي يكون لهم أب وانا زي الأهبل ماليش بابا.

حين قال ابني هذه العبارة غرقت في الضحك، ولكنني فكرت مليا بأمثال جدتي : ظل راجل ولا ظل حيطة…….

وأيضا" الراجل لو كان فحمه ع الدار رحمه……

طبعا جدتي كانت تقولها واثقة أن الرجل مهما بلغت قسوته فهو له قيمة كبيرة في البيت ، لا أنكر أني عشت سنوات وأنا لست بحاجة له، ولكنني كنت أمام المجتمع زوجة وعلى(ذمة راجل) وقد افادني ذلك كثيرا، ولم يكن ضارا لي في مجتمع لا يعرف المرأة الوحيدة إلا كشاة جاهزة لأن تلتهم……..

الخوف من الموت ومن المرض جعله ضعيفا عاجزا، وهو الذي اعتاد أن يكون قويا، لا أخفى ان بداخلي نشوة قد تحركت وأناأراه يحتاجني لأول مرة في حياته، وأنا أراه يقبع في السرير لأيام وليالي طويلة، وهو الذي اعتاد أن يقضي كل وقته خارج البيت ، هائما وراء الأصدقاء وبطانة السوء………

زوجي ووالد اولادي الذي لايعرف في أيّ الصفوف الدراسية هم، بل أنه أجاب على سؤال صديقه بان ابني الصغير في الصف السادس،وفوجيء حين صرخ الصغير مستهجنا: لا أنا كبير …….. أنا في الصف الثامن….

الآن يقبع في البيت مريضا،ويراقب البيت الذي هجره الذي هجره بكل مافيه، يراني أتحرك فيه كنحلة دؤوب، ويرى النظام الذي يسير عليه كساعة مضبوطة، ويرى كيف أصنع من لاشيء كل شيء، هل يشعر حقا أنه قد تلاشى من هذا البيت ويحاول أن يعود له؟

الصغار يقفون على باب غرفته ينظرون له، ولكن لا يجرؤون على قذفه ببعض العواطف، الكبيرة تتقدم وتقيس له ضغط دمه، وتطبع له قبلة سريعة على وجنته…أناأقوم بدوري كممرضة حاذقة ومتمرسة، ولا أخفي نشوة بداخلي أنه قد احتاجني ذات يوم، ولكن أردد لنفسي: المرض والموت لا شماتة فيهما لأنهما ليسا بيد البشر

ربما شمت به حين أصيبت سيارته بحادث وتهشمت، ولكنني الآن وأنا أراه بهذ المنظر لا أخفي دموعي أمام مرضه، وخوفي من يوم لم أحسب له حسابا…….

سنوات كثيرة مرت وهو على مرمى بصر من حياتي مع صغاري، ولكنني كنت أشعر أنني(مسنودة) ولست هشة وأنا لست وحيدة، وبأن مشكلة كبيرة لو حدثت سأهرع إليه، وبأن ابنتي لو تقدم لها عريسا ذات يوم سيطلبها منه.

نجحنا في الحفاظ على مظهرنا الاجتماعي، رغم أن بيتنا كان متداعيا، هو يعيش وحوله بطانة السوء، وأنا مغموسة بأطفالي وعملي ومشاكلنا سويا.

حين كنت أمرض كان الأربعة يركضون تحت قدمي كقطط سيامية.

الآن وهو مريض فأنا أتسول منهم بعض المشاعر حتى لايتهمهم الذي هو جفاهم وضن عليهم بأبوته.

أفكر واسرح كثيرا لو يفكر الانسان أنه اضعف من نملة……

لو فكر زوجي أنه سيسقط كما تسقط الأحصنة في السباقات

حقا أتمنى أن ينهض

ولكنني لا أتمنى أن يعود كما كان………



#سما_حسن (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لها ولي(خاطرة لامرأة مهزومة)
- امرأة غيري” خاطرة لامرأة مهزومة”
- من طرائف الحصار على غزة(من يوميات امراة محاصرة في غزة)
- لن تتعثر بي(خاطرة لامرأة مهزومة)
- يوم بلا كهرباء في غزة(من يوميات امرأة محاصرة)
- حبك الذي جاء(يوميات امرأة مهزومة)
- هاتفي اللعين(يوميات امرأة مهزومة)
- ماذا فعلتِ بابني يا حماس؟(من يوميات امرأة محاصرة في غزة)
- الحب في زمن الايدز(من يوميات امرأة محاصرة في غزة)
- أحلامه مؤجلة”يوميات امرأة مهزومة”
- يا ابن عمي”يوميات امرأة مهزومة”
- حبيبي من يكون” من خواطر امرأة مهزومة”
- لماذا لا تثورون على حماس؟”من يوميات امرأة محاصرة”
- لا تجادلني ” خاطرة لامرأة مهزومة”
- في بيتي ديك” من يوميات امرأة محاصرة في غزة”
- في بيتي ديك” من يوميات امرأة محاصرة في غزة”
- معك(من خواطر امرأة مهزومة)
- يقولون ولكن ماذا تقول أنت؟
- يوم الجمعة-من يوميات امرأة محاصرة-
- في حياتي....-من يوميات امرأة محاصرة


المزيد.....




- انهيار فنان مصري خلال جنازة سليمان عيد
- زمن النهاية.. كيف يتنبأ العلم التجريبي بانهيار المجتمعات؟
- كفن المسيح: هل حسم العلماء لغز -أقدس- قطعة قماش عرفها التاري ...
- الإعلان عن سبب وفاة الفنان المصري سليمان عيد
- الموت يغيب النجم المصري الشهير سليمان عيد
- افتتاح الدورة السابعة والأربعين لمهرجان موسكو السينمائي الدو ...
- السوق الأسبوعي في المغرب.. ملتقى الثقافة والذاكرة والإنسان
- مبادرة جديدة لهيئة الأفلام السعودية
- صورة طفل فلسطيني بترت ذراعاه تفوز بجائزة وورلد برس فوتو
- موجة من الغضب والانتقادات بعد قرار فصل سلاف فواخرجي من نقابة ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سما حسن - ويبقى الأب(من يوميات امرأة محاصرة)