أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سامى لبيب - وهم الحرية .















المزيد.....


وهم الحرية .


سامى لبيب

الحوار المتمدن-العدد: 2891 - 2010 / 1 / 17 - 00:45
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


هل نحن أحرار فعلا ؟..هل نمتلك القدرة على الإختياروالإنتقاء أم أن الأمور لا تعدو سوى أن يكون وهماً ترسب فى وجداننا بأننا أحرار نمتلك إرادتنا وقرارنا .!!
لاتوجد حرية بالمعنى الوارد فى أذهاننا وهى الإرادة الخالصة التى تختار خيارها بملأ إرادتها لتكون مسئولة عنه ...لا يوجد هذا الأمر وإن كنا نتوهمه وندركه هكذا !!

يوجد فقط فعل هو محصلة لقوى عديدة تؤثر علينا وتكون نواتجها ومحصلتها هى مجمل سلوكنا وتصرفاتنا التى هى وليدة الظروف المادية المحيطة بنا .
هذه القوى والظروف هى بالضرورة خارجة عنا ومن فعل الطبيعة المادية وليس لنا أى فعالية فى خلقها بل نتأثر بها بحكم أن المادة سابقة على الوعى وتشكل تكوينه.

فعندما تمر أمام عيوننا مشاهد لشعوب وأقوام عاشت وتعيش على مدار الزمان والمكان ..ونجدها تتباين بشدة فى ثقافاتها وأديانها ومعتقداتها , كما تختلف فى أدبياتها وفنونها ومزاجها العام ..فنحن هنا أمام نماذج مختلفة من البشر , يكون سلوك وتصرفات الإنسان فيها منسجماً بالضرورة مع المحيط المؤثر فيه ليشكل ثقافته ووعيه ومزاجه العام وسلوكه ..ولو تخيلنا وجودنا فى هذه المجتمعات كنا سنتحاكى بنفس نمط وطبيعة حياتهم .

فسلوكنا هو نتاج محصلة كل القوى والظروف المحيطة بنا ولن نخرج عن دائرة كل المحددات التى تحدنا ..فلو تصورت ذاتك وقد نشأت فى عائلة منغولية أو هندية أو أفريقية أو من جزر البحر الكاريبى ..فماذا تتوقع أكثرمن أنك ستتكلم بلسانهم وتدين بكل معتقداتهم من أديان وعادات وتقاليد وفلكلور ومزاج عام , وستنتج فى النهاية سلوكاً يأتى متوافقاً مع سلوكهم .

أستطيع تصور حرية الإنسان بأنها كنقطة تتحرك يميناً ويساراً داخل شكل هندسى محدد الأبعاد والزوايا ..كل أضلاعه وزواياه هى عوامل مادية خارجة عنه ..
الإنسان هنا لا يمتلك أكثر من الحركة داخل المحددات المفروضة على حدوده وحتى هذه الحركة المحددة والمحدودة لا تتم بمزاجية وحرية مطلقة .!!..
فحركته ذاتها ليست بالحرية المثالية بل هى محصلة لكل القوى الخارجية المهيمنة والمسيطرة عليه داخل الشكل الهندسى ..فيكون إختيارنا لفعل محدد هو نتيجة هيمنة وقوة تأثير عامل مادى محدد على بقية العوامل الأخرى ..وحتى هذا العامل يجد قوته من مجمل تأكيده وتأصيله من الوسط المحيط .

لا تعدو الأمور أن تكون إلا هكذا ..نقطة تتحرك فى داخل شكل هندسى كل أضلاعه وزواياه هى قوى مادية وجد فيها الإنسان ولم يختارها أو ينتقيها .

كما لا يوجد إنسان يتشابه مع أخر فى شكل وطبيعة الشكل الهندسى المحيط به , فهناك من يتحرك داخل شكل هندسى كثير الحدود والزوايا ..وهناك من يتحرك فى داخل شكل أخرأضلاعه أكثر قوة وحدة من أضلاع أخرى.. وهناك من تكون محدداته شديدة البساطة والوضوح .

لو تصورنا إنسان يزنى ..فهنا هو يقدم على هذا الفعل كمحصلة لصراع قوى أدت فى النهاية إلى فعل الزنى ..فهناك رغبة وغريزة جنسية راقدة قى العمق الإنسانى تطلب الإشباع ..وهناك مجموعة من القوى المدعمة أو الرافضة لممارسة هذا الفعل مثل أن يكون الوسط الإجتماعى والثقافى مشجعاً أو رافضاً لفعل الممارسات الجنسية الحرة ..محصلة هذه القوى المتصارعة الطالبة والرافضة تعطى فى النهاية السلوك النهائى لكل مرء حسب الأضلاع والزوايا المحيطة به وصراعها .
فى بعض المجتمعات تجد الإنسان يمارس الزنى بنفسية مستريحة وفى البعض الأخر تجد الممارسة تتم بكثير من القلق والمشاكل , فبالرغم أن الفعل واحد إلا هناك تباين لمحصلة القوى المهيمنة والمسيطرة والمنتجة للفعل لكل إنسان .

بل يمكن القول والتأكيد أن الإنسان الواحد يمارس أى فعل متباين فى كل مرة لأن المحددات والقوى المهيمنة ليست ساكنة راكدة بل فى حالة حركة مستمرة لتتغير مواقع وتطل مواقع , كما تظهر قوة أضلاع وتتوارى أضلاع أخرى وفقا للظرف الزمانى .
نحن نتصور هذا التباين فى الأفعال هى الحرية بينما هى هيمنة قوى على قوى أخرى لكل إنسان فتعطى سلوكه النهائى ..ولو تصورنا أنفسنا فى حال أى إنسان مع إلمام تام بكل العوامل الواقع تحتها حينها من ثقافة وفكر فسنسلك نفس سلوكه ونمط أفعاله .

من السهولة بمكان أن ندرك بنمط تفكير أى إنسان وفقاً لدراسة كل العوامل الإجتماعية المحيطة به والتى تؤطر لسلوكه العام ..لتكون أفكارنا أيضاً هى نتاج طبيعى لكل المحددات التى تحيط بنا لتشكل وتصهر داخلنا الفكرة .
فلا توجد فكرة نتبناها إلا وتكون نتاج حاجة إليها سواء حاجة مادية أو نفسية تطلبها وتلح عليها , هذه الفكرة ليست حرة الإرادة ولكن مقيدة بعشرات من السلاسل التى تمثل الحاجة والرغبة والمتعة .

من هنا نستطيع أن نجد تفسيراً لمعنى الإيمان بالأديان والمعتقدات والتشبث بها ..ولكن قد يسأل المرء وماذا عن الملحد والكافر ألم يختار بإرادته الحرة كسر كل حدود الدائرة التى أحاطت بهم .؟!!
الحقيقة أن الملحد ليس كائناً فضائياً لا تسرى عليهم نفس الرؤية السابقة ولكننا يجب أن ندرك أن الإنسان ليس كتلة صماء , فكما أشرنا تواً بأن الأضلاع والزوايا التى تحيط بكل إنسان ليست نسخ كربونية من بعضها و أنه لا يوجد شكل هندسى محيط بالإنسان يتطابق مع شكل هندسى لإنسان أخر
فالإنسان وصل لإلحاده لأن محصلة القوى الواقع تحت تأثيرها إختلفت عن محصلة القوى التى يقع المؤمن تحتها ..وهذا التفاعل والصراع بين محدداته قادته إلى تصعيد قوى الرفض والشك وهيئت له مناخاً لأن يفكر خارج السرب .

بالطبع لست معنيا بمن يكون حظه جيداً أو فكره صحيحاً ..من وجد نفسه فى الإيمان كنتاج لمنظومة القوى التى وجد فيها ..أو من قادته صراعات القوى الموجود فى دائرتها إلى الإلحاد ..فهذا أمر أخر يحسم بالجدل والمنطق لندرك من يكون حظه حسناً ومن يكون حظه عاثراً .

هذه رؤية عن الحرية التى يتصور الكثيرون أن الإنسان هو ملك قراره وإختياره بينما الأمور لا تعدو سوى نقطة تتحرك فى شكل هندسى كل أبعاده من نواتج مادية لسنا لنا فيها إختيار ..وحتى حركتنا البسيطة ذاتها هى محصلة نفس القوى المادية .

يكون من السخف حينئذ تصور أن هناك إله يراقب ويسجل حركة النقطة المجبرة أن تسير فى مسارها ..ومن السخف أيضا أن تحاكم تلك النقطة على حركتها المحكومة والمقيدة بظرفها المادى ؟





#سامى_لبيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مذبحة نجع حمادى هو الكرسى الذى يتم ركله .
- أجسادنا ليس ملكية خاصة .. هو قطاع عام !!
- عزرائيل الصراصير والبراغيث .
- اللذة والألم والإله .
- أريد أعيش كإنسان ..ذاك أفضل جداً (3)
- ممنونون ..شاكرون ..محظوظون ..مهللون .
- الدين عندما ينتهك إنسانيتنا . (1)
- أريد أعيش كإنسان ..ذاك أفضل جداً (2)
- قراءة فى العنف والإنسان والإله .
- عيون وراء نقاب .
- أريد أعيش كإنسان ..ذاك أفضل جداً .(1)
- موت السؤال .
- المربع المتبقى للفكرة .
- تكون هى أرحم .
- خربشة عقل - الله والخلق .
- لن أعيش فى جلباب أبى .
- الملكية والزواج والزنا والله .
- ماذا لو تاب الشيطان ؟
- فزاعة الموت
- قراءة فى مذبحة الأقباط بنجع حمادى .


المزيد.....




- -مشهد مخيف هناك-: مراسل CNN يصف ما سببه تحطم الطائرة بمركز ت ...
- حافلات تقل 50 جريحا ومريضا فلسطينيا تصل معبر رفح في طريقها إ ...
- بينهم 18محكوما بالمؤبد.. دفعة جديدة من السجناء الفلسطينيين ا ...
- تساؤلات.. صحة ومهظر مقاتلي حماس والرهائن الإسرائيليين بعد عا ...
- شاهد لحظة إطلاق حماس سراح المواطن الإسرائيلي الأمريكي كيث سي ...
- تسليم الأسير عوفر كالدرون إلى الصليب الأحمر في خان يونس
- يعود إلى إسرائيل دون زوجته وطفليه.. الإفراج عن ياردين بيباس ...
- ماذا نعرف عن تحطم الطائرات في الولايات المتحدة؟
- مأساة في سماء فيلادلفيا: انفجار طائرة إسعاف طبية بعد إقلاعها ...
- لحظة إفراج -القسام- عن الأسير الإسرائيلي الأمريكي كيث سيغال ...


المزيد.....

- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سامى لبيب - وهم الحرية .