أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - هيفاء اسعد - وحدها تحكي الحقيقة














المزيد.....

وحدها تحكي الحقيقة


هيفاء اسعد

الحوار المتمدن-العدد: 2889 - 2010 / 1 / 15 - 16:03
المحور: القضية الفلسطينية
    



على ابواب المدينة العتيقة وعلى مدار سورها القديم، ممرات ومدرجات بقواطع حديدية حديثة. اشجار نخيل، ’صفت على طول المشهد لمدخل المدينة، تخدعك بضخامتها متوهما قدمها لقدم المكان. حدائق،’مبالغ ما تمتلكه من ينعان وخضرة، تفترش الأرض بحزام حول سور المدينة لِتبلغ عن معادلة تناقض ما بين عشب حديث وسور عتيق. كلها ملامح على مداخل المدينة، مدينتنا، لا هي تمت بصلة لتلك المدينة العتيقة بتاريخ أصحابها الأصليين، ولا هي ’ترسخ، لزوارها، صورة لحقيقة المدينة، زوار هم ليسوا فقط من الجنسيات الأجنبية، بل ايضا من الأجيال التي تتعاقب على المدينة من ابناءها وابناءنا.
قصص وحكايات، تخبرنا عن مدينة يقال انها دمرت ما يقارب العشر مرات، لربما اقل ولربما اكثر. معلومات لمؤرخين، تقول لنا ان هذه المدينة بمساحتها الحالية داخل السور، هي ليست نفس المدينة التي كانت قديما. مناطق اوسع وامتداد اكبر ومن كل الإتجاهات كان داخل السور.
على الباب الرئيس للمدينة، باب العمود، قصة لعمود كان وتم انتزاعه. على بعد امتار من الباب، مكان’بلط بطريقة فنية اضيفت الى المسطح تؤكد ان في تلك البقعة كان هناك عمود، والذي بسببه ’سمي ذلك الباب "باب العمود".
ما حول السور وعلى المداخل، ايادي احتلال نافذة، تتسلل بسلطتها لتعبث بملامح ما حول المدينة، والى داخلها ما استطاعت. في اعماق المدينة العتيقة، حارة "الشرف" وما ’يعرف بحارة اليهود تتوسع كالأخطبوط بجميع الإتجاهات. استيلاء على بيوت وتشريد لسكان، بوسائل تتراوح ما بين النصب والإحتيال وفرض لقرارات عسكرية في اغلب الأحيان. اسواق وحارات بسكانها الصامدين من المقدسيين، ’سقفت بشِباك حديديه لتتيح لسكان حارة اليهود من المتعصبين والعنصريين ليواصلوا مضايقتهم، لسكان الحارات الفلسطينية من المسلمين والمسيحيين، بإلقاء حجاراتهم وقذاراتهم بإتجاههم.
قلاع ومتاحف و’مغر، يحرفون اسمائها ويعممون، او يحاولوا ما تيسر لهم، التعميم من خلالها لأجيالهم وللسواح، وحتى لأبناء البلد، عن نسب واحد ووحيد يخصهم في هذه المدينة. عبر مغارة "سليمان القانوني" التي يطلقون عليها اسم مغارة "الملك سليمان"، عبر متحف الملك داوود المملوء بأكاذيبهم وتزويراتهم لتاريخ المدينة.
اسواق تضيق بزحمة روادها، وحارات تفوح منها روائح الإهمال لتركها، عن عمد، بدون خدمات صحية لتفوح منها روائح تقول للزائرين بإن لا تعاودوا الزيارة.
وترعبك اللغة في الأسواق ما بين المارة، الذين تحسبهم مقدسيين يتسوقون مع اولادهم. في ايام رحلت، كانت حارة اليهود ما كان يسمى بحارة الشرف وحارة المغاربة والتي ’هجرت من اصحابها و’حولت لحارة لسكان اسرائيليين، استوطنوا القدس و’زرعوا ليشوهوا المدينة الأقرب الى السماء. تلك الحارة كانت بمثابة كنتون يعيشون فيه بعيدا عن السكان وخصوصيتهم. تحرسهم ابواب وثلة من الجنود تحيط بحارتهم ومداخلها. اليوم لم يعد هناك فواصل، فهم ما بين السكان في الأسواق والحارات، ينزهون اولادهم في عربات او مشاة بكل استرخاء وهدوء، دون ان يفكروا بإمكانية اعتراض او مكروه قد يصيبهم من استفزاز تواجدهم بين السكان. لهم كل الأمان بما ’زرع من كاميرات تصوير في كل زاوية من زوايا القدس القديمة. حارة اليهود اليوم في القدس تشكل ورم سرطاني ينمو ويكبر، ليمتص ليس فقط البيوت والحارات، بل ايضا لينشر في القدس العتيقة، طابعا غريبا عنها. باللغة وباللباس وبالثقافة. فاللغة العبرية في الغالب، للمارين من السوق، هي اللغة السائدة، في غياب حديث البائعين مع غير اليهود والأجانب، الا بما قل ودل، اذا حصل ووصلهم مشتري محلي. واللباس فهو لباس متدينينهم بعقصة النساء الخاصة بهم، واما الثقافة، فهي العنجهية والوقاحة لسكان يتصرفون وكأن شيئا لم يكن، وهذه المدينة ما هي الا جزء من املاكهم.
تشويه وتزوير، احتلالات واغتصابات وتشريد اصحاب البيوت، واقتناص الفرص للإستيلاء على تلك التي غاب اصحابها وما من مدافع عنها. تحريف لتاريخ ولأسماء شوارع ولطابع مدينة. حواجز وخنق وتسكير لمؤسسات يستبسل القائمين عليها، في ظل غياب قيادة وطنية محلية، للحفاظ على بقاءها من الإغلاقات المستمرة، وفي تقديم الخدمات والبرامج والملاحقة لحماية ما يمكن حمايته. حواجز وأمن وحصارات داخل الحصارات، لتضيق منافذ الحارات على سكان المدينة وعلى الزالفين اليها.
ذاك هي القدس بطابع مدينتها العتيقة وبسكانها الصامدين، فقر وتراجع وتعب للمشهد المقدسي، ونماء لمشهد المحتل الذي اصبح يسكن هناك بعائلته واولاده.
وفي آخر المطاف، وفقط في عمق الحارات في القدس العتيقة، عندما يأخذك المشوار الى حيث يسكن المقدسيين الأصليين، حيث المدارس القديمة بطلابها وبأسمائها، الى ابواب بيوتها بتيجانها واقواسها وصلبانها والكتابات القديمة، بالقرئانية واللانجيلية او حتى الأرمنية، والمحيطة بمداخلها. بروائح الطبخ العربي يرسل علاماته للأزقة، للراهبات تتحرك ما بين دير ومدرسة، لإسماء ما زالت ’تنبىء بالسر وبالحقيقة (ميدان عمر بن الخطاب، حارة السعدية، وباب السلسلة، وباب حطة، وحارة النصارى، والأرمن) كلها بتفاصيلها وعمدانها وخاناتها، هي ما تبقى لنا في تلك المدينة، والتي وحدها، تلك الحارات، وهي فقط من يقول الحقيقة عن القدس وعظمة اهلها الصامدين.



#هيفاء_اسعد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القدس وذاكرة المكان
- وتبقى القدس بلا مقدسيين
- لن نتازل عن حقنا في تلك التلال


المزيد.....




- في تركيا.. ماذا يُخبّئ هذا -الوادي المخفي- بين أحضانه؟
- جورج كلوني منزعج من تارانتينو بعد أن شكك بنجوميته
- فيديو جديد يظهر تحرك القوات الأوكرانية داخل روسيا مع تقدم تو ...
- الخارجية الروسية: نظام كييف الإجرامي يأمر بإطلاق النار على ا ...
- تدريبات بالذخيرة الحية للقوات الأميركية والكورية الجنوبية لت ...
- كيف يمكن أن تساعد -ممرات الهواء البارد- على خفض حرارة المدن؟ ...
- -البحر يغلي- ـ درجات حرارة قياسية في المتوسط للسنة الثانية
- سموتريتش يعلن إقامة مستوطنة جديدة جنوب القدس ويتعهد بمواصلة ...
- المخابرات الأوكرانية تعلن عن سرقة أموال مخصصة لتطوير حماية ا ...
- مصر.. تعديلات مفاجئة على عدد مواد الثانوية العامة


المزيد.....

- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني
- القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال ... / موقع 30 عشت
- معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو ... / محمود الصباغ
- القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال ... / موقع 30 عشت
- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - هيفاء اسعد - وحدها تحكي الحقيقة