أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - نضال نعيسة - تركيا بين الأردوغانية والأتاتوركية














المزيد.....

تركيا بين الأردوغانية والأتاتوركية


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 2889 - 2010 / 1 / 15 - 01:02
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


لا نغالي كثيراً، لو قلنا بأن تركيا جديدة تتخلق اليوم وهي تركيا الأردوغانية في مقابل شبه انزياح وانزواء لتركيا الأتاتوركية التي سادت منذ أوائل عشرينات القرن الماضي تاريخ انهيار ما يسمى دولة الخلافة الإسلامية. هذه الأردوغانية والتي هي ناتج لمزيج من وطنية تركيا صاعدة، وفي ظل دستور علماني، جنباً إلى جتب مع إسلاموية تنويرية منفتحة متسلحة بآليات ديمقراطية حداثية غربية وغير رافضة لها، على عكس الإسلامويات الظلامية المستبدة والمغلقة والسائدة في الإمارات الدينية المسماة دولاً عربية التي ترفض التعامل مع أي شكل ونمط حداثي والأخذ به وهذا هو سر "تسمرها" القدري، وانكماشها التاريخي.

وللحقيقة والتاريخ، فإن العامل الأوروبي حاضر بقوة، وله ربما الفضل الأول في صياغة الأردوغانية بتوجهاتها الحالية وشكلها الأخير. فلا يغيب عن التفكير أن هذه الأردوغانية تمثل اليوم واحداً من الردود على الصلف والتمنع الأوروبي في رفض انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي، ورب ضارت نافعة، كما يقول المثل، فعودتها إلى محيطها العربي والإسلامي الحاضن الطبيعي لها، قد تؤدي، مستقبلاً، إلى خلق تكتل أو نواة لمنظومة أسيوية ندّية للاتحاد الأوروبي. وهي قد تبدو لذلك،أيضاً، كواحدة من أهم التحديات التي ستواجه الأتاتوركية العسكريتارية العلمانية التركية التي هيمنت على البلاد لقرابة المائة عام، مقارنة مع إنجازات هذه الأخيرة التي جعلت تركيا، وبكل أسف وعلى النقيض من مضامين العلمانية الإنسانية التنويرية الإنسانية، عدوانية "متشاكلة" وغريبة في محيطها وتحالفاتها وتقف على الضد من تطلعات شعوب المنطقة، وهذا ما خلق حالة من التوجس والعداء التام، والحق يقال، للأتاتوركية العلمانية التي بدت وكأنه تسير في عكس اتجاه مصالح تركيا وشعوب المنطقة. الأردوغانية تتحرك ضمن إطار من وعي حقيقي وشفاف وذكي لضرورات المنطقة واحتياجاتها في تزاوج وصياغة رائعة ما بين الاستراتيجي، وهذا الروحي الذي يشكل عماد الوعي العام في المنطقة.

لم تأت هذه الأردوغانية من فراغ بل هي استمرار وتأوج مرحلي لمحاولات دؤوبة للإسلام السياسي التركي للعودة إلى سدة القرار بعد خسارته على يد "الرجل المريض"، ولنا في تجربة النجم الإسلاموي نجم الدين أربكان خير دليل. فقد استفادت من كافة تجارب الإسلام التركي السياسي السابقة تلك، حتى توصلت إلى شكلها الحالي المنفتح والواقعي والمرن. فبعد عدة خيبات وإخفاقات وحروب ضروس مع الجنرالات المؤتمنين على العلمانية الأتاتوركية، استطاعت الأردوغانية أن تشق طريقها وسط كل ذاك، وبكل دهاء وذكاء وتفرض نفسها على الواقع السياسي التركي، بحيث باتت تؤسس وتشكل لظاهرة ومدرسة سياسية بات من الصعب اقتلاعها من الجغرافية السياسية التركية، لا بل إن "النسخ" الأحدث القادمة من الأردوغانية قد تكون أصلب، وأقوى، وأبقى، وأشد مراساً وأكثر قدرة على التكيف مع الشرط الجيواستراتيجي وتلبية تطلعات الشعب التركي التي هي مزيج من وطنية تركية وتركيبة إيديولوجية دينية ضاربة الجذور تميزها حداثية لقربها الأوروبي، وميالة طبيعياً لشرطها العربي والإسلامي.

نعم لقد تلكأت العلمانية العسكريتارية الوطنية الطورانية التركية في تحري العامل الروحي لدى الشعب التركي، ولم تفلح في أن تكون حيادية وموضوعية في الموقف من مختلف قضايا الإقليم، ووقفت على الضد والنقيض منها، ما ولد تياراً عاماً من العداء والتموضع العام والواسع ضدها استغله مناهضو العلمانية في التحريض عليها، وهذا مطب ومقتل ما كان يجب لهذه العلمانية الفريدة في بيئة إسلامية أن تقع فيه وتلحق الضرر البالغ بصورة العلمانية ومفهومها في أذهان العامة من الناس. الصراع والمقارنة، اليوم، بين الأردوغانية والأتاتوركية، لن يكون البتة في صالح الأخيرة. فالمعيار والفيصل هو ما تكسبه الأردوغانية، حالياً، من نقاط وما تحققه من شعبية وإنجازات باهرة لاسيما مع دول الجوار، مقابل ما خسرته وتخسره الأتاتوركية العلمانية العسكريتارية المفرطة في ولائها الأطلسي والإسرائيلي، وما آلت إليه تركيا في ظل علمانياتها في علاقتها مع مختلف دول المحيط من توترات وصدامات ومناوشات.

من المؤسف أن الإسلام، ومن منظوره الوضعي كحركة اجتماعية احتجاجية وتغييرية ومكون إيديولوجي يتحوى على نسبة من الريادة الاستشرافية في زمنه، والذي كان قد رأى النور وانطلق من هذه البقعة من العالم، قد تجمد عند تخوم القرن السابع الميلادي ولم يبارحها، فيما يأخذه "الآخرون" ويجعلون منه مدارس سياسية وفكرية تنويرية ونهضوية وعصرية، ولنا في الأنموذج التركي الأردوغاني خير مثال. لقد بات من الضروري جداً تجديده، وصياغة بما يلبي متطلبات العصر واستحقاقاته وآمال وشعوب المنطقة، وسحبه نهائياً من بين براثن الكهنوت القروسطي التقليدي الموغل في ظلاميته وتشدده، الذي أضر به وبسمعته، ووضعه بين أياد نخب تنويرية براغماتية وطنية وعملياتية على الطريقة الأردوغانية، وإلا فالمراوحة في المكان، والانسداد الدماغي المزمن، هما البديل الوحيد لذلك.

فهل يمكن للإسلام التنويري وعلى الطريقة الأردوغانية، إياها، المزاوجة بين الديمقراطية الغربية والمرونة الفقهية والنصية، والأخذ بظواهر الحداثة وأسباب التقدم والازدهار؟

ختاماً، والحق يقال، لولا الأتاتوركية، أو "العلمانية"، التركية، لما كانت الأردوغانية، وتأكيداً، دائماً، ومتجدداً للمقولة الماركسية العلمية الأشهر التي تحكم وتتحكم بالتاريخ في جدلية صارمة لا تخطئ: "من نقائضها تتوالد الأضداد".



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرد الأردوغاني المزلزل
- العهدة العمرية والوزير الفصيح
- سوريا وأمريكا والمعاملة بالمثل
- العريفي وتفسيق آيات الله
- همام البلوي: أيهما أجدى للمسلمين؟
- وانكشفت جميع العورات
- يوميات إعرابي بدوي في ديار الإيمان
- تجريم الخطاب الصحوي
- الاستخبارات الأمريكية من فشل لآخر
- المنظومة الفارسية: مدن صناعية ومعسكرات عمل
- هل سقطت دولة الخلافة فعلاً؟
- هل القاعدة تنظيم إيراني؟
- رسالة من جماعة القرضاوي
- آلهة العصر الحديث
- لماذا لا يقاطع القرضاوي، فعلاً، المسيحيين؟
- هل يسقط نظام الملالي في إيران؟
- جورج غالاوي يرد التحية للشيخ القرضاوي
- ثقافةُ الموت أولاً
- بترول العرب للعرب: متى يصبح الخليج عربياً؟
- معطوب يا ولدي معطوب!!!


المزيد.....




- مصر تصدر بيانا جديدا بشأن -سفينة ميناء الإسكندرية-
- زلة -القمامة-: هل قدّم بايدن الرئاسة لترامب على طبق من ذهب؟ ...
- ارتفاع حصيلة قتلى فيضانات إسبانيا إلى 158
- من سيحسم الفوز بمقعد رئيس أميركا الـ47؟
- اتصال جديد بين وزير دفاع أمريكا ونظيره الإسرائيلي لبحث -فرص ...
- وزير الخارجية العماني يدعو القوى الغربية لإجبار إسرائيل على ...
- يوميات الأراضي الفلسطينية تحت النيران الإسرائيلية/ 1.11.2024 ...
- المركز الإفريقي لمكافحة الأوبئة يحذر: -جدري القردة- خرج عن ا ...
- جنرال أمريكي: الدول الغربية لا تملك خطة بديلة لأوكرانيا بعد ...
- الهجمات الإسرائيلية على لبنان وجهود التسوية / 1.11.2024


المزيد.....

- افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار ... / حاتم الجوهرى
- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - نضال نعيسة - تركيا بين الأردوغانية والأتاتوركية