أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - نضال نعيسة - العهدة العمرية والوزير الفصيح















المزيد.....

العهدة العمرية والوزير الفصيح


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 2888 - 2010 / 1 / 14 - 02:38
المحور: كتابات ساخرة
    


أحد وزراء الثقافة، المفتون جداً، و"يخزي العين عليه"، بحضارة الأسلاف العظيمة، رضوان الله تعالى عليهم أجمعين، "تبع" الرسالة الخالدة، ما غيرها، والتي صنعها له، ويا لمحاسن الصدف، الفرس والمجوس الأوزبك والمماليك والسلاجقة والطاجيك والبرامكة والأتراك والإخشيديون "المناكيد"،...إلخ، وفي برنامج تلفزيوني على الهواء، من أياهم "تبع حك لي لأحك لك"، وكان بجانبه المذيع المعجزة، "دلوع أمه"، اسم الله حوله وحواليه أبو ضحكة جنان، الذي كان ينظر إلى الوزير الداعية بهيام منقطع النظير، أين منها نظرات عبلة لعنترة وروميو لجولييت، حين أطلق فضيلته جوهرته، وبالحرف الواحد، في تمرير "غير مقصود" طبعاً، للعهدة العمرية قائلاً: "يجب أن نمكـّن اللغة العربية من أجل أن نحفظ القرآن والحديث النبوي الشريف". هكذا، حاف و"خص نص"، ومن دون زيادة أو نقصان، وأيم الحق الذي فيه يمترون.

وبداية من حق الوزير الشخصي أن يلتزم أية عهدة يراها مناسبة له ولتفكيره وثقافته ومستواه الفكري والعقلي، سواء كانت عمرية أو عثمانية، ولكن ما لا يحق له، ولا لغيره، أن يداعب ويتاجر بعواطف الجموع والعوام، ومن ثم أن يفرض عهدته على أي كان، مع شعور العميق بالراحة والاطمئنان بأن أحداً ما لن يقف في وجهه ويفند فكره، طالما أن الفضائيات والتلفزيونات مغلقة على الرأي الآخر. كما لا يجوز له أن يمسخ ويقزم ويختزل كل وظائف اللغة، الحضارية والإنسانية والعلمية والجمالية والفنية والتواصلية والثقافية العظيمة الأخرى، ويحشرها بمجرد شعيرة وطقس وفرض ديني، نافياً عنها كل تلك الوظائف الحيوية الأخرى التي يبدو أنها لا تعني، جميعاً، الشيء الكثير للسيد الوزير.

والآن لنبق مع هذه المقارنة البسيطة بين أقوال سماحة الوزير، والعهدة العمرية، التي فات عليها عدة قرون من الزمان، ويريد سماحته أن يحييها، ولاحظوا التناغم بين كلام الوزير الفهلوي المتفوه الفصيح، وشرط العهدة الملزم بعدم إباحة تعليم "أولادهم" للقرآن، وألا يتكلموا بـ"كلام المسلمين"، وهذا هو ما يريده، بالضبط، "مولانا ومولاكم"، وطويل العمر السيد الوزير الفهلوي. ولا ندري إذا كان هذا ينسحب، أو أن فضيلة الوزير الجليل يستكثر أيضاً على الروافضة المبتدعة والفرق الضالة الأخرى، والعياذ بالله، تعلم العربية، أيضاً: " - كتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين صالح نصارى الشام وشرط عليهم أن لا يحدثوا في مدينتهم ولا ما حولها ديرا ، ولا كنيسة ، ولا قلية، ولا صومعة راهب ، ولا يجددوا ما خرب منها ولا يمنعوا كنائسهم أن ينزلها أحد من المسلمين ثلاثة ليال يطعمونهم، ولا يؤوا جاسوسا ولا يكتموا غشا للمسلمين ، و(لا يعلموا أولادهم القرآن)، ولا يظهروا شركا ، ولا يمنعوا ذوي قراباتهم من الإسلام إن أرادوه ، وأن يوقروا المسلمين ، ويقوموا لهم من مجالسهم إذا أرادوا الجلوس ، ولا يتشبهوا بالمسلمين في شيء من لباسهم في قلنسوة ، ولا عمامة ، ولا نعلين ، ولا فرق شعر ، و(لا يتكلموا بكلام المسلمين)، ولا يتكنوا بكناهم ، ولا يركبوا سرجا ، ولا يتقلدوا سيفا ، ولا يتخذوا شيئا من السلاح ، ولا ينقشوا خواتيمهم بالعربية ، ولا يبيعوا الخمور ، وأن يجزوا مقادم رؤوسهم ، وأن يلزموا زيهم حيث ما كانوا ، وأن يشدوا الزنانير على أوساطهم ولا يظهروا صليبا ولا شيئا من كتبهم في شيء من طرق المسلمين ، ولا يجاوروا المسلمين بموتاهم ، ولا يضربوا ناقوسا إلا ضربا خفيفا ، ولا يرفعوا أصواتهم بالقراءة في كنائسهم في شيء من حضرة المسلمين ولا يخرجوا سعانين ، ولا يرفعوا مع موتاهم أصواتهم ، ولا يظهروا النيران معهم ، ولا يشتروا من الرقيق ما جرت عليه سهام المسلمين ، فإن خالفوا شيئا مما شرطوه فلا ذمة لهم ، وقد حل للمسلمين منهم ما يحل من أهل المعاندة والشقاق.
الراوي: عبد الرحمن بن غنم المحدث: ابن حزم - المصدر: المحلى - الصفحة: 7/346

والسؤال الذي يفرض نفسه للوزير الداعية الجليل ماذا بشأن المواطنين غير المسلمين، الذين يشكلون أطيافاً لا يستهان بها في هذه التكوينات والمجاميع الشرق أوسطية، هل تنكر عليهم تعلمهم للغة العربية وفقاً للعهدة العمرية، إياها، ومن ثم هل يجب أن يتعلموا اللغة السنسكريتية، أم الهيروغليفية والساسانية، لأنهم غير مسلمين ولا يعنيهم كثيراً قراءة القرآن أو الحديث النبوي؟ أم الأفضل أن نبقيهم أميين في جهلهم يعمهون، كما يفهم من كلام الوزير، لأنهم غير معنيين بالقرآن والحديث، وليس مطلوباً منهم حفظ القرآن؟

والسؤال الآخر للسيد الوزير ماذا بعد أن نحفظ القرآن غيباً وعن ظهر قلب، ومعه الحديث الشريف، وفوقهم فتاوى شيخ الإسلام ابن تيميه عليه رضوان الله تعالىـ وأنا لست ضد ذلك بالمطلق، ماذا سنفعل، أو ماذا سيفعل لنا هذا الحفظ في معاركنا اليومية الشرسة، هل سيكون وصفة سحرية لكل مشاكلنا، وهل ستنتهي بذلك كل معاناة؟؟ وهل هذه هي الوظيفة الحضارية الحصرية التي يعرفها السيد الوزير للغة؟ وهل استوزر فضيلته، لثقافة، من أجل نشر وتمكين التعليم الديني؟ ألا يوجد هناك وظائف حيوية وحضارية وإنسانية للغة، أم وظيفة اللغة هي للتربية الدينية، هل هذا فعلاً وزير ثقافة وتنوير أم شيخ طريقة، وداعية سلفي؟ وماذا عن علوم الفضاء والطب والجغرافيا والموسيقى والسينما والحب والتواصل الإنساني؟ وهل وجد الإنسان في هذا الكون للعلم والإبداع والعطاء والتشارك الإنساني أم لممارسة طقس ديني فقط؟ وهل يدرك فضيلته، أنه ورغم انتشار الفكر السلفي في عموم المنطقة وانتشار المدارس الدينية والتركيز الممل على المناهج الدينية وكثرة الجامعات الإسلامية والدعاة والبرامج والضخ الديني وكتب الحديث والفقه وانشغال الناس بالقضايا الفقهية فإن ذلك لم يساهم بدفع هذه المنظومات الظلامية درجة واحدة على سلالم التنمية والنمو والحضارة البشرية، وأنه لا يوجد ولا جامعة إسلامية من تلك التي تروج للتعليم الديني، وعلى كثرتها، (فمعاييرهم العصرية على ما يبدو غير معايير الوزير) من بين الخمسمائة جامعة مصنفة أولاً على مستوى العالم، رغم أن جميع طلاب جامعاتنا الإسلامية، وكل الشكر والفضل لله تبارك وتعالى، يحفظون قسماً لا بأس به، وأجزاء كاملة من القرآن الكريم، إن لم يكن القرآن الكريم كله؟

ربما بات سماحته يدرك وبقوة بأن هناك أصواتاً أخرى كثيرة باتت تطرح نفسها بقوة في "السوق" الثقافية، وتخيف فضيلة الداعية الثقافوي، وهاجمها في البرنامج بعنف، وبات الناس يستمعون لها باهتمام وهذا ما أرعبه مع المذيع اللوذعي اللذين صبا جام غضبهما على تلك الأصوات "الغريبة" التي لا تروق للسيد الوزير ولا يحب سماعها.

اللعب بـ"التلات ورقات" الماضوية باتت بضاعة قديمة وفاسدة ومعترئة، وجرّت على أصحابها وتجارها الويل الكبير من البيت الأبيض إلى القصيم، وباتت روائحها تزكم الأنوف، وتؤرق الكثيرين، إلا سماحة الوزير الفهلوي الفصيح الذي يبدو أنه ما زال مخدراً وسكراناً بسحر وأساطير وحتوتات الماضي التليد.



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سوريا وأمريكا والمعاملة بالمثل
- العريفي وتفسيق آيات الله
- همام البلوي: أيهما أجدى للمسلمين؟
- وانكشفت جميع العورات
- يوميات إعرابي بدوي في ديار الإيمان
- تجريم الخطاب الصحوي
- الاستخبارات الأمريكية من فشل لآخر
- المنظومة الفارسية: مدن صناعية ومعسكرات عمل
- هل سقطت دولة الخلافة فعلاً؟
- هل القاعدة تنظيم إيراني؟
- رسالة من جماعة القرضاوي
- آلهة العصر الحديث
- لماذا لا يقاطع القرضاوي، فعلاً، المسيحيين؟
- هل يسقط نظام الملالي في إيران؟
- جورج غالاوي يرد التحية للشيخ القرضاوي
- ثقافةُ الموت أولاً
- بترول العرب للعرب: متى يصبح الخليج عربياً؟
- معطوب يا ولدي معطوب!!!
- ماذا لو طالب اليهود بحقوق تاريخية في السعودية؟
- لماذا لا يحاكم القرضاوي بتهمة التحريض على الكراهية والاعتداء ...


المزيد.....




- دانيال كريغ يبهر الجمهور بفيلم -كوير-.. اختبار لحدود الحب وا ...
- الأديب المغربي ياسين كني.. مغامرة الانتقال من الدراسات العلم ...
- “عيش الاثارة والرعب في بيتك” نزل تردد قناة mbc 2 علي القمر ا ...
- وفاة الفنان المصري خالد جمال الدين بشكل مفاجئ
- ميليسا باريرا: عروض التمثيل توقفت 10 أشهر بعد دعمي لغزة
- -بانيبال- الإسبانية تسلط الضوء على الأدب الفلسطيني وكوارث غز ...
- كي لا يكون مصيرها سلة المهملات.. فنان يحوّل حبال الصيد إلى ل ...
- هل يكتب الذكاء الاصطناعي نهاية صناعة النشر؟
- -بوشكين-.. كلمة العام 2024
- ممثلة سورية تروي قصة اعتداء عليها في مطار بيروت (فيديو)


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - نضال نعيسة - العهدة العمرية والوزير الفصيح