أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سامى لبيب - اللذة والألم والإله .














المزيد.....


اللذة والألم والإله .


سامى لبيب

الحوار المتمدن-العدد: 2890 - 2010 / 1 / 16 - 10:07
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


يمتلك الإنسان جهازاً عصبيًا يجعله يحس بالألم واللذة ..وتتأرجح حياته مابين السعى لتحقيق اللذة وتجنب الألم .
لا يوجد ألم بدون اللذة كما لا توجد لذة بدون الألم , كما لا يوجد بالحياة ألم دائم ولا لذة دائمة , ولعل هذه هى متعة الحياة الحقيقية .

لو تخيلنا حياة بلذة ومتعة دائمة فلن نفهم أو نحس بقيمتها لإفتقادها للألم ..وكذلك الأمر بالنسبة للألم فلن تكون له قيمة أو إحساس بدون أن نعبر لحظات من اللذة .
إذن من داخل الألم تتولد اللذة ومن رحم المتعة يأتى الألم ..هى علاقة جدلية بين الإثنين لا يمكن أن ينفصلا عن بعضهما البعض .

صحيح أننا نبحث بحثا دؤوباً عن اللذة ولكن بنفس المقدار نبحث عن الألم أو نستحضره حتى ندرك قيمة المتعة .!!!
نعم ..هى الفطرة الغريبة التى تعلمنا أننا لا يمكن أن نحس بالمتعة دون أن نعرج ونشاهد ملامح من الألم .!!

لماذا مازال عالقا فى نفسى ذكرى حب قديم أو ألم قديم ؟ ...ولماذا أستدعى حزنى وألمى ؟
لماذا تكون حاضرة ذكرياتى الأليمة على جدران نفسى بالرغم من مرور السنين عليها ؟..وبالرغم من عدم جدوى مثل هكذا مشاعر مبددة .
لماذا نعيش تجربة وجدانية لا نحصد منها غير الألم ؟..وما الفائدة فى التمرغ فى أحضانها ولن تعطينا غير حصاد من الألم والحسرة والفشل ؟.

بقدر حرصنا على اللذة نحرص على وجود الألم بل نفتش عنه ونستحضر مشاهده حتى نحظى على قدر هائل من المتعة .!!!
لن أستمتع بشرب الماء إلا إذا كنت عطشان وحلقى شديد الجفاف ..ولن أستمتع بالطعام إلا عندما أكون جائعاً أو محروماً من تناول المشهيات منه .
لن أستمتع بذروة الجنس إلا عندما أكون محروماُ منه وفى حالة شبق هائلة تطلبه وتناديه .

نحن نحس ونستمتع بالأشياء فى حالة فقدها ..وقد نحاول أن نفقدها لنعثر عليها ونستمتع بألم المعاناة للحصول عليها .!!
نطلب الجنس بإستمرار ولكننا نعقد طرق الوصول إليه حتى نستمتع بالمتعة التى تجعلنا نحاول تجاوز ألم الحرمان .!!
فى حياتنا المعاصرة لم يكتفى الإنسان أن يسعد باللذة بل بجهاده للحصول عليها .

فى بعض الأحيان نتماهى فى الإغراق الباحث عن المتعة من خلال أنفاق الألم فنضل الطريق فى السراديب الداخلية ونبدأ فى إستعذاب الألم ذاته .
هنا الخطورة فى السير على صراط الألم اللذة .

الإنسان المعاصر من حجم التعقيد الذى يعيشه لم يعد يكفيه قطعة خبز التى تسد ألم جوعه فيبحث عن متع تفصيلية زائدة بالتماهى فى الإعداد والتجهيز والتنسيق للطعام ..كما لم يعد يكفيه أن يحصل على لذة الجنس كطبيعتها بل أضاف لها خطوط وألوان وطقوس وترتيبات ليزيد من سقف المتعة .!!

إذن الإنسان قادر على إبداع الأفكار التى تفى بحاجته من المتعة واللذة ..وتوظيف كل حياته وبرامجه للحصول على أكبر قدر من المتعة مع وجود مشاهد من الألم حاضرة فى الذهن لتجعل للمتعة معنى وقيمة .

لو لم نستطع أن نخلق فكرة واقعية لتحقيق حالة من المتعة واللذة , فلن نغلب فى أن نبتكر فكرة خيالية تحت وطأة عجزنا وجهلنا لتحقق لنا أملاً فى متعة نرغبها وألم نريد أن نتنجبه .

لذلك إبتكر الإنسان فكرة الإله ليخلق به حالة من تجنب الألم ..فهو إجابة لألمنا القاسى مع الطبيعة وهو السند الذى نتكأ عليه لعبور عذاباتنا وألامنا فى الحياة

ومن هنا نسجنا عالم إفتراضى خلقناه فى خيالنا من عالم المتعة الراغبة فى أن تتجاوز كل حدود الألم فى العالم الأرضى ..فالشقاء والمرض والفقر والظلم هى ألام نكتوى بها ونحاول تحملها حتى نعبر منها إلى عالم الراحة واللذة .
تكون فكرة الله هو إيجاد المسكن لتحمل الألم ..وأدلجة الألم حتى نعبر منه إلى عالم المتعة .
تمد الفكرة أبعادها لنخلق منها عالم لذتنا ..فنحقق كل أحلامنا وشبقنا فى المتعة من خلال الحياة السرمدية بلا إنقطاع والحافلة بكل ما نشتهيه من متع ولذة وشهوة .

الخطورة تكمن هنا أيضا فى التمتع بالألم والتلذذ بالإرتماء فيه بدون وجود يقين داخلى بحقيقة المتعة المنتظرة .
الفكر الدينى يمرر فكرة الألم واللذة فى داخلنا ولا يجعلنا نبارح مكاننا فى عبوره من العالم أرضى المعاش بل يؤجل الحلول إلى عالم إفتراضى ..فنصبح أسرى ألامنا , نعيشها ونقتات منها وندمنها ... بل نبدد قيمة الحياة من أجل متعة ولذة منتظرة .



#سامى_لبيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أريد أعيش كإنسان ..ذاك أفضل جداً (3)
- ممنونون ..شاكرون ..محظوظون ..مهللون .
- الدين عندما ينتهك إنسانيتنا . (1)
- أريد أعيش كإنسان ..ذاك أفضل جداً (2)
- قراءة فى العنف والإنسان والإله .
- عيون وراء نقاب .
- أريد أعيش كإنسان ..ذاك أفضل جداً .(1)
- موت السؤال .
- المربع المتبقى للفكرة .
- تكون هى أرحم .
- خربشة عقل - الله والخلق .
- لن أعيش فى جلباب أبى .
- الملكية والزواج والزنا والله .
- ماذا لو تاب الشيطان ؟
- فزاعة الموت
- قراءة فى مذبحة الأقباط بنجع حمادى .
- تعالوا نقسم اللانهائى .
- الملكية أسوأ ما أنتجته البشرية .
- الرضاعة الفكرية .
- سينما أونطة ..هاتوا فلوسنا .


المزيد.....




- ترامب يأمر الجيش الأمريكي بتنفيذ ضربات جوية في الصومال
- تظاهرات في مدن ألمانية ضد سياسة الهجرة المدعومة من البديل
- نتنياهو: سنواصل العمل لتحقيق أهداف الحرب
- شاهد.. نيران وحطام طائرة متناثر في الشوارع إثر الحادث الجوي ...
- مصر.. اجتماع عربي لرفض تهجير الفلسطينيين
- صحيفة: في الغرب يدركون أن بوتين يعرف نقطة ضعفهم
- اختفاء معلومات وبيانات مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية من ...
- السودان.. الجيش يعلن استعادة السيطرة على عدة مدن في ولاية ال ...
- دانماركي يحرق مصحفا أمام السفارة التركية في كوبنهاغن (فيديو) ...
- واشنطن: يجب إجراء انتخابات في أوكرانيا


المزيد.....

- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سامى لبيب - اللذة والألم والإله .