أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - نضال نعيسة - سوريا وأمريكا والمعاملة بالمثل















المزيد.....

سوريا وأمريكا والمعاملة بالمثل


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 2887 - 2010 / 1 / 13 - 01:24
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


استدعت وزارة الخارجية السورية، يوم أمس القائم بالأعمال الأمريكي بدمشق، وأبلغته احتجاج واعتراض سوريا على إدراج اسمها ضمن قائمة مجموعة الدول الأربعة عشر التي أصدرتها الولايات المتحدة، وهي السعودية، السودان، اليمن، كوبا، سوريا، إيران، العراق، ليبيا، الجزائر، أفغانستان، باكستان، لبنان، الصومال، نيجيريا، وسيخضع مواطنو هذه الدول، من خلالها، لإجراءات تفتيش تمييزية، خاصة قد تبدو غير لائقة، وتنتهك الخصوصية الفردية، وحقوق الإنسان، وتميـّز بالمعاملة على اعتبارات غير مفهومة ولا مبررة أو دقيقة، تـُذهب الصالح بالطالح، وتساوي بين من هو إرهابي، ومن هو بريء ومسالم.

وتذكيراً بالعورائية الأمريكية التاريخية الفاقعة، فحين قام تسعة عشر انتحارياً، ومن جنسية بعينها، تقريباً، باختطاف طائرات تجارية صدموا بها برجي التجارة العالمي، ومقر البنتاعون، قامت الولايات المتحدة بغزو بلد لم تثبت، لاحقاً، أية صلة له بالإرهاب، وهو العراق، في إجراء انتقامي غير مبرر ولا مفهوم، وما زال العالم حتى اليوم يعيش تداعيات كارثية مرة لذاك التصرف الأمريكي الأرعن على صعد عدة سياسية، واقتصادية واجتماعية.

وبقراءة سريعة لأسماء الدول الواردة في هذه القائمة، فقد نتفهم هذه الخطوة الأمريكية فيما يتعلق بجنسيات ودول كانت، فعلاً، هي الداعم الأول والمصدّر للإرهاب العالمي، ولها باع طولى فيه، ورغم أنها لم تتضمن دولاً أخرى تعد مداجن ومفارخ للإرهاب العالمي، إن عبر التمويل أو عبر احتضانها ورعايتها لرموز القتل والتكفير، أو الترويج لثقافة الموت ورعاية التيارات المتشددة وتنميتها، لكننا لا نتفهم البتة "حشر" أسماء لدول بعينها، ومنها سوريا على وجه التحديد. كما يدرك المرء على الفور خضوع القائمة للكيدية والانتقائية والتسييس، وخلط الحابل بالنابل، وأن بعضاً من هذه الدول لم تكن دائماً في حال من الود والانسجام مع السياسة الخارجية للولايات المتحدة، وكانت في حال من التصادم، والشد والجذب المستمر مع الولايات المتحدة، وعلى غير صعيد ومحفل وملف وقضية. وسوريا، أيضاً، وعلى نحو مغاير لمعظم أنظمة المنطقة، هي النظام شبه الوحيد، تقريباً، الذي يتبع نهجاً مجتمعياً، وفكرياً وثقافياً منفتحاً غير متشدد ولا تكفيري في سياسته وخطابه العام.

وناهيكم عن البعد العنصري والتمييزي في الموضوع، ورغم تميـّز هذه القائمة بالكثير من التهور والطيش والاندفاع الأعمى والعشوائية، والفوضوية، والارتجالية والانتقائية والعورائية الأمريكية المعهودة، حيث أنه، وببساطة، لم يعد للإرهاب هوية محددة، فجون رايد، مثلاً، هو رجل إنكليزي الجنسية، ونضال مالك حسن، "بطل" عملية قاعدة فورت هود، أمريكي المولد والجنسية، وخالد شيخ محمد كويتي، والظواهري مصري...إلخ ورغم أنه لا يمكن العثور على اسم سوري واحد بارز في هذا السياق، فالقائمة سياسية الطابع، وكيدية وانتقائية في الغالب، فهذه الخطوة محكومة، على الغالب، بالفشل، وكسابقاتها، كونها لم تتحر الموضوعية أولاً، وثانياً لأن آليات مكافحة الإرهاب الفعلية والفاعلة مختلفة، وبعيدة كلياً عن هذه الآلية القاصرة والهزيلة الاستعراضية والشكلية التي لا تقدم ولا تؤخر، ولن تساهم في القضاء على الإرهاب، ومآلها نفس مآلات الآليات السابقة التي تبنتها الولايات المتحدة، حتى الآن، وكان مصيرها الإخفاق الذريع، لا بل على العكس أدت إلى ارتفاع وتائر الإرهاب وانتشاره أفقياً، وعامودياً، وعلى كافة المستويات.

وإذا كان هناك من قوائم فعلية لدول إرهابية، فإن الولايات المتحدة، وبريطانيا، وإسرائيل، يجب أن تتربع على عرشها، وإلى أجل غير مسمى، ومن دون منازع ومنافس على الإطلاق، فهذه الدول الثلاث هي أس البلاء، ومصدر الإرهاب في العالم.

في العلاقات الدولية هناك مبدأ معروف، وهو مبدأ المعاملة المثل، الـ Reciprocity Principle والقاضي باعتماد نفس الآليات والمعايير والإجراءات في التعامل الثنائي بين الدول. فـلـِمَ تكتف سوريا باستدعاء القائم بالأعمال الأمريكي، وتبلغه الاعتراض والاحتجاج، ولا تقوم، وعلى نحو مواز وعملي، وعلى الفور، بإصدار قائمة مماثلة يتربع على رأسها مواطنو أمريكا، وبريطانيا، وتقوم بإخضاعهم لنفس الإجراءات التي تعتزم الولايات المتحدة إجراءها ضد المواطنين السوريين الذين يعنينا أمرهم أكثر من غيرهم؟ وإن كنا ندرك ونعي، في قرارة أنفسنا، أن السياسة الخارجية السورية اتسمت على الدوام بالعقلانية والتسامح والهدوء وعدم التهور والاندفاع، وإن احترامها لأي ضيف يطأ أرض سوريا هو أهم من الكيد ورد الفعل الرمزي. لكن بنفس الوقت ينبغي أن تدرك الولايات المتحدة أن إجراءاتها لن تمر هكذا من دون رد فعل وإن بشكل رمزي. وإن مبدأ المعاملة بالمثل، حتى وإن بقي في إطاره النظري، من الجانب السوري، سيعتبر رداً، على الإجراء الأمريكي الجائر والظالم بحق جميع أبنائنا وإخوتنا من أبناء الوطن السوري العظيم. هذا الوطن المتعدد والثري والذي يضم طيفاً عرقياً وثقافياً وعقائدياً غريباً، كلياً، وبمعظمه، لا بل يقف وبالضد تماماً من آفة وثقافة الموت والإرهاب التكفيري الأسود الذي كان الباعث، على الدوام، على تلك العمليات الإرهابية. ووضع شعب منفتح، ومسالم وعقلاني، ومتعايش في خانة الإرهاب هو الخبل والجنون والعمى بعينه، وضياع للبوصلة وافتقار وجهل بصلب وطبيعة القضية، إذ كان من النادر على الدوام تورط مواطنين سوريين بأي من العمليات الإرهابية المعروفة التي هزت العام، وكان اسم سوريا غائباً كلياً، عن هذه الأحداث.

فلتبحث الولايات المتحدة عن الأسباب الحقيقية للإرهاب، وتعالجها بعلمية وموضوعية ومنهجية صحيحة، ولتعرف من هم الداعمين الحقيقيين للإرهاب الدولي، والذي يبدو، أن لها، بالذات، البيد الطولى فيه عبر سياساتها اللا أخلاقية والمنحازة للغاصب والمحتل والقتلة وتمكين الغزاة واستخدام حق النقض الفيتو لتحريرهم، في كل مرة، من قبضة العدالة الدولية، بالتوازي مع تحالفها التاريخي والمقدس مع أنظمة المنطقة التي تنتج الإرهاب وتصدره وترعاه، وعندها فقط قد تفلح في الحد من الإرهاب، وإن كنت نشك بقدرتها على فعل ذلك، في أي يوم من الأيام.



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العريفي وتفسيق آيات الله
- همام البلوي: أيهما أجدى للمسلمين؟
- وانكشفت جميع العورات
- يوميات إعرابي بدوي في ديار الإيمان
- تجريم الخطاب الصحوي
- الاستخبارات الأمريكية من فشل لآخر
- المنظومة الفارسية: مدن صناعية ومعسكرات عمل
- هل سقطت دولة الخلافة فعلاً؟
- هل القاعدة تنظيم إيراني؟
- رسالة من جماعة القرضاوي
- آلهة العصر الحديث
- لماذا لا يقاطع القرضاوي، فعلاً، المسيحيين؟
- هل يسقط نظام الملالي في إيران؟
- جورج غالاوي يرد التحية للشيخ القرضاوي
- ثقافةُ الموت أولاً
- بترول العرب للعرب: متى يصبح الخليج عربياً؟
- معطوب يا ولدي معطوب!!!
- ماذا لو طالب اليهود بحقوق تاريخية في السعودية؟
- لماذا لا يحاكم القرضاوي بتهمة التحريض على الكراهية والاعتداء ...
- إستراتيجية الجدران الفولاذية


المزيد.....




- واشنطن -تشعر بقلق عميق- من تشغيل إيران أجهزة طرد مركزي
- انهيار أرضي يودي بحياة 9 أشخاص في الكونغو بينهم 7 أطفال
- العاصفة -بيرت- تتسبب في انقطاع الكهرباء وتعطل السفر في الممل ...
- 300 مليار دولار سنويًا: هل تُنقذ خطة كوب29 العالم من أزمة ال ...
- زاخاروفا ترد على تصريحات بودولياك حول صاروخ -أوريشنيك-
- خلافات داخل فريق ترامب الانتقالي تصل إلى الشتائم والاعتداء ا ...
- الخارجية الإماراتية: نتابع عن كثب قضية اختفاء المواطن المولد ...
- ظهور بحيرة حمم بركانية إثر ثوران بركان جريندافيك في إيسلندا ...
- وزارة الصحة اللبنانية تكشف حصيلة القتلى والجرحى منذ بدء -ا ...
- -فايننشال تايمز-: خطط ترامب للتقارب مع روسيا تهدد بريطانيا و ...


المزيد.....

- افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار ... / حاتم الجوهرى
- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - نضال نعيسة - سوريا وأمريكا والمعاملة بالمثل