عباس منصور
الحوار المتمدن-العدد: 2886 - 2010 / 1 / 12 - 22:20
المحور:
الادب والفن
1- الحقل
الذين ركبوا ظهر الحمار المصري
آن لهم أن ينزلوا
وآن لهذا الحمار أن يسترد ميراثه
وينظف داره من لصوص القبائل ..
من قرصة الصحراء ..
وغبار البادية .
أيها الحمار انظر في قرارة الوادي
في مجاري النيل
عبر الحقول الكسيحة
انظر أصابع الغدر تنقض على بهجة الينابيع
تنبش حرمة الأجداد في جبانات منف
ومحاريب طيبة
وفاءً لآلهة الصحاري
التي فتحت في عروق الكادحين
أنفاقا للجباية والخراج ..
لمهانة الجزية
وخموس الغنيمة
من كدح المدائن والحقول الغارقة في لهيب الطمي.
ذات صباح
نزل الحمار يرعى حقله
فلم يجدْ سوى سيقان يابسة
تلطمها الحوافر
لم يجد سوى بضع من عجاف البقر
ترعى المرار
وامرأة الحمار المصري
قد يئست تماماً بعدما
حفيت قدماها للاحتفاظ به
فتركت الخبيز والماعون
وتطويب الثياب في غطاس طوبة
وانصرفت وراء زينتها
تلاحق فتنتها في المرايا ..
في عيون الشعوب الغريبة
تركت الخبيز والأولاد
ما حصَّنت بيتها
فتكاثر الغرباء كالهالوك والعليق
في باحة الدار وساحات الحقول
وحده الكلب ظل رابضاً يطوف بالأركان
ويطلق في الصمت نباحه
ويهز ذيله
في المجيء وفي الذهاب
والغراب ناظراً من بعيد
يقول له :
ماذا تفعل هنا ؟
وقد هج الحمار وامرأته !
فقال الكلب :
إني هنا أحرس للحمار البذار
أستبقي للحقول نباتها
فربما يعود يوما من أسفاره الغامضة
فيجد بذرة للحياة
وخميرة للبدء الجديد
عباس منصور
#عباس_منصور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟