أحمد صبحي
الحوار المتمدن-العدد: 2886 - 2010 / 1 / 12 - 04:38
المحور:
الادب والفن
كنت أسير بهمة لألحق بالمترو الذى يحملنى الى بيتى
أهبط سلماً كهربائياً وأصعد آخر،
وأعبر ممرات طويلة لأصل إلى رصيف هذا المترو
وفى الطريق ورغم الضوضاء
كان هناك صوت يعلوكلما إقتربت من صالة المدخل الرئيسى،
يدعو المارين أمامه لشراء باقات الزهور المتواضعة،
والمرصوصه فى علبة من الكرتون على الأرض بجواره
ـ مسيو،مدام،عشرة فرنك البوكيه٠٠
مسيو مدام،عشرة فرنك البوكيه٠٠
عندمامررت بجواره
يبدووكأن صبره قد نفذمن النداء،
فأصبح يكررنداأته بعصبيه وحدة،
وقبل أن أمضى فى الممرالطويل،
بدأ يسرد علي مسمع المارين،وهو يسب الجميع
كيف أنه أنفق مامعه لشراء هذه الزهوروتحضيرها فى باقات جميلة،
لكسب بعض النقود ليستطيع أن يأكل،وأن يدفع إيجارغرفة الفندق،
وكيف أنه لم يبع حتى الآن،أيّ و احدة من هذه الباقات،
رغم وقوفه على قدميه منذ ساعات يستجدى الناس للشراء منه
كان واضحاً أن كل ركاب المتروالمارين لايعنيهم بأي حال وجوده،
ولايهمهم فى قليل أو كثير مايحكيه،
وليس لديهم حتى الرغبة فى إلقاء نظرة على زهوره الذابله
فكانوا يسرعون فى خطواتهم وكأنهم لم يروه،أويسمعوه
قبل أن يختفى تماماً عن ناظرى،يبدو أن الكيّل قد فاض به،
فبدأ صوته يعلو،وهويلعن البشروالدنياوالسماءوالأرض وكل من عليها ،
وبدأ يضرب بشدة كرتونة الزهوربقدميه،فتناثرت من حوله،
وإنطلق بغيظه يهرسها بحذائه الثقيل،
لاعنا الزمن والحياة
التى إضطرته لسؤال هذه الجموع الغبيه من المارين الأنانيين المتسرعين
وإستمرالمتدفقين من ركاب المترو من حوله كسابقيهم وكأنهم لم يروه،أويسمعوه،
وكالعادة لم يكن يعنيهم إلا اللحاق بالمتروالخاص بهم،
فكانوا يتفادون بأدب جسد الرجل الثائر أمامهم،
ثم يمضون فى طريقهم مثلى،ومثل الآخرين
خصوصاً أن صوت الرجل بدأ يبتعد،ويفتقد الوضوح
وأنا أقترب من الرصيف الخاص بى،
ثم إختفى صوته تماماً تحت ضوضاء وضجة عربات المتروالداخلة الى المحطه
#أحمد_صبحي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟