خالد عبد الحميد العاني
الحوار المتمدن-العدد: 2885 - 2010 / 1 / 11 - 12:35
المحور:
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق
لقد دأبت أحزاب الإسلام السياسي على السعي لإفساد العملية السياسية من البداية فكلنا يعلم كيف جرت الانتخابات في عام 2005 وما رافقها من أعمال الغش والتزوير وشراء الذمم وشراء أصوات الناخبين والترهيب والترغيب وغيرها من الممارسات التي مارستها أحزاب الإسلام السياسي الطائفي فكلنا يعرف الصوبات والبطانيات التي تم توزيعها على الناخبين من قبل كتلة الائتلاف العراقي الموحد لضمان حصولهم على أصوات الناخبين كما أن الكل يعرف قصة القسم بالعباس والتي أجبر الناخبون الذين استلموا الرشاوى على الإدلاء به مستغلين إيمان المواطن وحبه للعباس( رض) كما وإن الكل يعرف كيف أستغل الائتلاف اسم المرجعية للترويج لقائمتهم على أساس أنها تحضا بتأييد المرجعية الدينية واستغلوا إيمان الناس فأشاعوا أن من لا ينتخب قائمتهم سوف يدخل النار فبهذه الأساليب المخادعة والخبيثة استطاعوا إيهام الناخبين وحصلوا على أصوات لا يستحقونها مستغلين حالة الاستقطاب الطائفي التي حصلت بعد الاحتلال ساعدهم في ذلك سياسة الاحتلال التي شجعت حالة الحقن الطائفي والقومي إضافة لتواجد المليشيات أمام صناديق الاقتراع والتي سيطرت عليها تلك المليشيات التابعة لجيش المهدي و قوات بدر مستغلين عدم حياد المفوضية العليا للانتخابات وضعف أداءها فكانت النتيجة قيام برلمان مشوه وحكومة توافق سياسي بأغلبية طائفية وقومية لم تستطع تلبية الحد الأدنى من مطالب الفئات الشعبية التي أوصلتهم إلى البرلمان. لقد اكتوى شعبنا خلال السنوات الخمسة المنصرمة بنار الأحزاب الطائفية وجشعها في الاستحواذ على الثروات بشكل غي قانوني فانتشر الفساد المالي والإداري بشكل لا مثيل له في تأريخ العراق فقفز العراق الى المرتبة الرابعة في الفساد المالي والإداري على مستوى العالم حسب تقرير منظمة الشفافية العالمية وأصبح العراق يتذيل قائمة الدول العربية الأكثر ثراء وهو البلد الذي يملك كنوزا من الخيرات التي تم نهبها وتحويلها دولارات بالمليارات تقبع في البنوك العالمية والعربية في حين عجزت الحكومة عن تقديم أبسط الخدمات الضرورية للمواطن فبغداد تعوم على تلال من النفايات تعجز أمانة بغداد عن نقلها وطمرها ولا تختلف البصرة والموصل والعمارة والناصرية وغيرها من المدن عن بغداد في انتشار النفايات بشكل مخيف يهدد بانتشار الأمراض والأوبئة كما وإن الحكومة عجزت ولمدة سبعة أعوام عن حل مشكلة الكهرباء على الرغم من الوعود الكاذبة التي يطلقها باستمرار وزير الكهرباء بجعل العراق مصدرا للطاقة الكهربائية, هذا الوزير نفسه قد ساهم في إعادة تأهيل المحطات الكهربائية التي دمرت في الهجوم الأمريكي أثناء تحرير الكويت عام 91 في فترة لا تتجاوز 8 أشهر حسبما قاله لي صديقي مهندس الكهرباء الذي ساهم في إعادة بناء المحطات الكهربائية عام 91 ويعرف وزير الكهرباء الحالي حق المعرفة فما هو يا ترى السبب في عجز حكوماتنا لما بعد الاحتلال في إعادة تأهيل الطاقة الكهربائية الى أقل من نصف الطاقة التي كانت متوفرة في عهد صدام؟. السبب في ذلك هو الفساد المستشري في جسد الحكومة والبرلمان اللذان أفرزتهما الانتخابات السابقة. ولا يختلف الأمر بالنسبة لبقية الخدمات فلا ماء صالح للشرب ولا شبكات طرق صالحة للسير قد أنجزته الحكومات المتعاقبة ولا خدمات زراعية ولا شيء يذكر فبما ذا توعد الشعب الكتل الكبيرة الحاكمة؟ نتيجة الإفلاس السياسي والأخلاقي لهذه الكتل فهي تبدو خائفة من أن الشعب العراقي قد فهم اللعبة جيدا وإنه بالأمكان معاقبتهم في الانتخابات القادمة بعد أقل من شهرين لذلك تتصاعد هستريا التلويح بعودة البعث من خلال بعض الكيانات السياسية متناسين ألآلاف البعثين الذي تم احتضانهم من قبل الأحزاب الإسلامية الشيعية تحت مسمى التوابين وهم الآن يشغلون مناصب حساسة سواء في القوات المسلحة أو في مراكز الدولة المدنية وقد أشار الكاتب داوود البصري قبل أيام إلى بعض الأسماء من حثالات البعثيين في جامعة البصرة في فترة السبعينات والتي تشغل الآن مراكز مهمة في كلية الآداب بجامعة البصرة. إن التلويح بعودة البعثيين والقصد منه البعثيون السنة إلى الواجهة السياسية هي أداة ابتزاز الغرض منه إعادة الاصطفاف الطائفي البغيض بعد أن تيقنت الكتل الطائفية أنها لا تستطيع الفوز بالانتخابات على أساس برامج سياسية واقتصادية لا ن تلك الكتل ليس لديها برامج سياسية واقتصادية فهذه الكتل لا تجيد سوى لعبة الشحن الطائفي من خلال استغلال مناسبة عاشوراء واستشهاد الإمام الحسين عليه السلام في معركة الطف لتقوم بترتيب الشعائر الحسينية وإخراج التشابيه وتنظيم حفلات اللطم والتطبير وضرب الزناجيل وطبخ القيمة والهريسة وقد شاهدنا كل ذ لك من خلال قناة الفرات الفضائية أما معالجة الأزمات الاقتصادية والالتفاف إلى مطالب الجماهير الشعبية فإن ذلك أخر ما يشغل الكتل الطائفية الحاكمة لأن ذلك وببساطة يعني نهايتها السياسية لذلك تلجأ تلك الكيانات إلى افتعال التصعيدات الإعلامية حول عودة البعثين لإلهاء الجماهير بموضوعات خارج سياقات الاستحقاقات الانتخابية فالبعثيون هم من مكنهم من احتلال المناصب المهمة وكما أشرنا إليها . اليوم يعود علينا السيد عمار الحكيم وبعد شعوره بأن الأرض تتزلزل من تحت أقدامه وأقدام حلفاءه نتيجة السياسات الطائفية البغيضة والتي تركت العراق جثة لا حراك فيها بلعبة محببة لدى المجلس الإسلامي الأعلى ألا وهي لعبة الرشاوى التي يجيدها باقتدار المجلس الأعلى الإسلامي حيث تراكمت لديه خبرة الانتخابات السابقة من خلال تقديم رشاوى الصوبات والبطانيات معززة بأموال دولة الولي الفقيه التي يتم ضخها بسخاء من أجل حسم الانتخابات لصالح عملاء إيران. لقد أذاعت قناة الفرات الفضائية خبرا معززا بالصوت والصورة عن قيام السيد عمار الحكيم بالتبرع لطلبة الأقسام الداخلية بما يحتاجونه من مستلزمات ضرورية وقد بثت القناة صور الثلاجات والطباخات وغيرها من المستلزمات الضرورية التي تفتقدها الأقسام الداخلية وقد جاءت هذه الألتفاتة الكريمة من سماحة السيد الحكيم بعد قيامه بزيارة الأقسام الداخلية وإطلاعه على معاناة الطلبة. إن السؤال الذي يتبادر إلى الذهن هو ما هو علاقة الحكيم بالأقسام الداخلية؟ ولماذا الآن يقوم بزيارتها؟ أليست هذه الحركة رشوة واضحة وصريحة ويجب أن تتوقف عندها المفوضية العليا للانتخابات؟ من أين جاءت الأموال المستخدمة في الرشوة؟ فهل هكذا يكون السلوك الانتخابي لحزب يدعي الإسلام في حين أن الرشوة تحرمها كل الأديان؟ إذا كان الحكيم وحزبه المجلس الإسلامي الأعلى حريص على الأقسام الداخلية فلماذا لا يتم طرح الموضوع على وزارة التعليم العالي ورئاسة جامعة بغداد أو من خلال الأتحادات الطلابية لوضع حلول دائمية لمشاكل الأقسام الداخلية بدلا من الممارسات المشينة والمكشوفة ولا يمكن وصفها سوى رشوة علنية في وضح النهار. إنني وكمواطن عراقي أطالب رئاسة البرلمان بإقرار قانون الأحزاب وقانون السلوك الانتخابي لردع كل المتجاوزين على العملية الديمقراطية وأطالب المجلس الإسلامي الأعلى إن كان يملك موارد مالية فعليه تقديمها للأرامل واليتامى فهم أحق بها من طلبة الأقسام الداخلية الذين يجب أن تلتفت إلى معاناتهم وزارة التعليم العالي وجامعة بغداد كما وأطالبه أيضا بالطلب لممثليه في البرلمان والوزارات ورئاسة الجمهورية بالتبرع برواتبهم إلى المحتاجين من خلال إيداعها في صندوق خاص تشرف عليه شبكة الرعاية الاجتماعية وإذا ما فعلها المجلس فنستطيع أن نقول حقا إنهم يشعرون بمعاناة الفقراء والمحتاجين ويستحقون أصواتهم أما غير ذلك فإنها أفعال تستحق الشجب والأدانة.
#خالد_عبد_الحميد_العاني (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟