أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عادل بشير الصاري - كَلِّمنا ... أيها المُحيي المميتُ














المزيد.....

كَلِّمنا ... أيها المُحيي المميتُ


عادل بشير الصاري

الحوار المتمدن-العدد: 2885 - 2010 / 1 / 11 - 08:08
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


كَلِّمنا ... أيها المُحيي المميتُ ، صرخة استغائة من مخلوق إلى خالقه انطلقت مدوية من أعماق شاعر عذبته الحيرة وزلزل الشك إيمانه ، والشاعر هو إلياس عبد الله فرح طعمة (1889م ـ 1941 م ) شاعر من شعراء المهجر الجنويي ، لم ينل حظا وافرا من الشهرة كمعاصريْه إلياس فرحات ( ت 1976 م) والشاعر القروي رشيد سليم الخوري ( ت 1984 م ) ، ولد في قرية ( قرنة الحمراء) بقضاء المتن بلبنان ، وهو سليل أسرة عربية مارونية ، عُرفتْ بثرائها وصلتها بالحكام الأتراك واعتزازها بنسبها العربي ، وقد غرست في نفوس أبنائها حب العرب والتغني بآدابهم وتاريخهم وأمجادهم السالفة ، وقد ورث الشاعر عنها هذا الحب اليعربي ، فنظم عددا كبيرا من القصائد والمطولات التي دعا فيها إلى وحدة العرب تحت راية الدين الإسلامي لدحر أعدائهم ، وفي هذا الشأن يقول ناشر ديوان الشاعر إن (( أبرز ما في شعره اللون الوطني المحتدم حماسة ..... ومفهومه للوطنية هو أنها لا تقوم إلاَّ على العروبة ، ولا عروبة إلاَّ بالإسلام )) .
ومن هنا ذهب ظن بعض من قرأ شعر إلياس طعمة وبخاصة شعره الذي يشيد فيه بعقيدة ونبي الإسلام أن الشاعر هجر المسيحية واعتنق الإسلام ، ولست أميل إلى صحة هذا الرأي ، ذلك لأن الشاعر كان سيء الظن بصحة وفائدة الأديان عامة ، فهو يراها كما رآها من قبله أبو العلاء المعري وابن الرواندي والرازي وأضرابهم خرافات وأساطير اكتتبها الدهاة لأجل السيطرة والمنفعة ، ويمكن القول أن الحمية والتعصب لكل ما يمت للعروبة بصلة هو ما دفع الشاعر إلى التصريح بحبه واحترامه للإسلام ونبيه محمد ، فهو يعلم علم اليقين أن الإسلام هو الدين السائد بين العرب ، لذلك أخذ في عدد من قصائده وبخاصة مطولته التي بلغت ثلاثمائة بيت يثنى ويصلى على النبي محمد ويتمنى أن يكون شفيعه يوم القيامة :
أعاهد ربي أن أُصلِّي مُسْلــما...... على أحمد المختار من خير أمةِ
فمن قومُهُ قومي أدـين بدينـهِ...... لأني أرى الإسلامَ روحَ العروبةِ
توسلتُ إليه بالقربى فلم تَضِـعْ ...... لدى العربي الهاشمي شـفاعتي
لقد بلغ به الوله بالعروبة مبلغا جعله ينفر من اسمه ( إلياس) لكونه يذكَّره باليهودية ، وهو ما دفعه سنة 1916 م لأن يتخذ في مهجره بالبرازيل اسما عربيا بديلا له هو( الوليد ) ، ويُردفهُ بكنية ( أبو الفضل ) ، ويسجلهما رسميا في دائرة الشؤون المدنية في العاصمة ري ودي جانيرو ، فصار يُعرف ويُعامل على أنه أبو الفضل الوليد .
وعلَّق الأديب مارون عبود الذي كان زميل الشاعر في الدراسة الابتدائية على ما فعله الشاعر قائلا : ( إن جنون إلياس بحب العروبة وكرهه اليهودية " أنساه " أن الكتاب المنزل الذي تدين به العروبة التي يقدسها قد جاء فيه : " وزكريا ويحيى وعيسى وإلياس كلٌ من الصالحين " سورة الأنعام ، 85 ) .
يحفل نتاج الشاعر بتيارات واتجاهات متنوعة ، فمنه تضوع نفحات من فلسفة أبي نواس في اللهو والمتعة ، وفيه تتبدى قبسات من عنجهية واعتداد المتنبي بذاته وشعره وعروبته ، كما يتبدى فيه تمرد المعري على السائد والمقدس .
ومن المهم في هذا المقام الوقوف قليلا عند قصيدته ( حيرة المرتاب) التي تشي بتخبطه وحيرته في فهم وإدراك كنه وجوده وحقيقة مصيره بعد الممات ، فما قرأه في الكتب السماوية الثلاثة لم يفده شيئا ولم يقنعه بشيء أبدا ، لذلك شرع يتساءل بينه وبين نفسه : هل حقا كما تؤكد هذه الكتب أنه سيُبعثُ من جديد بعد موته ؟ هل يا تُرى ثمة ثواب وعقاب بعد الموت ؟ . أم لا شيء من هذا فما بعد الموت إلاَّ الموت ؟
أيهما المحق والمصيب المؤمن الزاهد العابد أم الكافر ، ولا دليل ثابت يؤكد صحة معتقد هذا أو ذاك ؟
وحين عجز عقله عن إقناع ذاته تضرع إلى الله أن يكلِّمه كما كلَّم موسى وعيسى من قبل ، ليكشف له عن سر وجوده في هذه الحياة وعن مصيره الذي يجهله ، فإلى متى التستر والسكوت عن السر الذي لو طال فإن الناس سيسقطون في مهاوي الشك ، وسيفقدون أي أمل لهم في الحياة :
أجبني أيـها الكـونُ الصَموتُ
وذكِّـرني فإنـي قد نســيتُ
وعن باريـك... حدثنـي قليلاً
فبالمكـتوبِ عـنه ما هُـدِيتُ
على الـتوراةِ والإنجـيلِ أُغفي
وفي القرآنِ تُضجرني النعوتُ
وفي الكتـبِ الـثلاثةِ فكَّـهتني
حـكاياتٌ تَـلذُّ ولا تـَقــيتُ
وكلٌ يدعي وحــياً وصـدقاً
ونحن لأجـلِ وَهْمٍ نســتميتُ
فموسى كيف شـقَّ البحرَ حتى
أجاز بقـومهِ والـمنُ قُــوتُ
وعيسى كيف مات وقـامَ حـياً
كيـونسَ عندما ألقـاهُ حـوتُ
حديثُ خـرافةٍ في الدينِ يُروى
وقد عَمـِي الأنامُ وما عَمـِيتُ
أيبني المـرءُ في الدنيا ويَقـني
كما نسـجتْ بيوتاً عنـكبوتُ
وبعد الموتِ يدخل في التـلاشي
وليس له مـصـيرُ أو مبـيتُ
أم العــقبى ثـوابٌ أو عـقابٌ
لها بُنـيتْ سجـونٌ أو بيـوتُ
وصـوتُ اللهِ يـوم الدينِ يعـلو
وللأصـواتِ حَـوليْهٍ خفـوتُ
ففي الغـبراءِ ذو ورعٍ وتقـوى
يَـلذُّ له التنــسكُ والقـنوتُ
وذو كـفرٍ مشـى مـرحاً عليها
وآيـتهُ يضـرُّ ولا يــفوتُ
فأيـهـما المصـيبُ ولا دلـيلٌ
علـى هـذا وذاك ولا ثـبوتُ
فكلِّمنا كـما كـلّـَمتَ مـوسى
وعيـسى أيها المحيي المميتُ
وإلاَّ ضـلَّ كلُّ الـناسِ شــكاً
فحتَّـامَ الـتسترُ والســكوتُ
ونحن الحـائرون وليس نـدري
أنحيـا بعد مـوتٍ أو نمـوتُ








#عادل_بشير_الصاري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عفوا نادين البدير ومعذرة
- من لي بمحاسبة بعض علماء وشيوخ السعودية ؟
- المرأة ...... هذا المخلوق السيء السمعة
- كفاكم اعتداء على الأديان
- لن تبقى طول المدى سيدي
- طلال مداح آخر فحول الأغنية الطربية
- مصر التي لم تعد في خاطري
- المرايا المقعرة الإلحاد والإيمان وجها لوجه
- إسلام بلا فقهاء ولا دعاة


المزيد.....




- ضابط إسرائيلي سابق يقترح استراتيجية لمواجهة الإسلام السني
- المتطرف الصهيوني بن غفير يقتحم المسجد الأقصى
- اكتشافات مثيرة في موقع دفن المسيح تعيد كتابة الفهم التاريخي ...
- سياسات الترحيل في الولايات المتحدة تهدد المجتمعات المسيحية
- مفتي البراميل والإعدامات.. قصة أحمد حسون من الإفتاء إلى السج ...
- إسرائيل تكثف غاراتها على غزة وتقصف المسجد الإندونيسي
- استقبلها الآن بأعلى جودة .. تردد قناة طيور الجنة TOYOUR EL-J ...
- منظمة: 4 من كل 5 مهاجرين مهددين بالترحيل من أميركا مسيحيون
- جدل حول اعتقال تونسي يهودي في جربة: هل شارك في حرب غزة؟
- عيد الفطر في مدن عربية وإسلامية


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عادل بشير الصاري - كَلِّمنا ... أيها المُحيي المميتُ