عبدالله الداخل
الحوار المتمدن-العدد: 2882 - 2010 / 1 / 8 - 22:28
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
صوغ العبارات السياسية الخادعة
Deceptive Political Phrase Coining*
من الممتع ملاحظة الحكام والسياسيين من الطبقات العليا في المجتمعات البورجوازية في اختيارهم لعبارات يكررونها من وقت لآخر، حيث يحاولون ما يمكن أن يكون مستحيلاًً في اختصار سياساتهم إلى عبارة من بضع كلمات، وفي أحيان كثيرة تتكون العبارة المصاغة من كلمتين فقط.
مثلاً، رئيسة وزراء بريطانيا في الثمانينات، ماركَريت ثاتشر، ممثلة أقصى اليمين، الرجعية المتطرفة، سمّت نظامَها "الرأسمالية الحريصة" Caring Capitalism وهي تسمية بعثت باليسار البريطاني على القهقهة بأعلى صوت، ليس فقط لأن في العبارة إعترافاً واضحاً بأن الأنظمة الرأسمالية عموماً غير حريصة (حريصة على ماذا؟) ولكن أيضاً بسبب الكذب الواضح، فكيف تسمى سرقة القطاع العام التي تمت على يدي ثاجر حرصاً؟
لكن الغريب والذي يبعث على الإبتسام والتفكير هو أن جورج بُش الإبن جاء بعبارة مشابهة في حملته الانتخابية عام 2000، لوصف سياسته الجديدة، وقد كانت
Compassionate Conservatism
أي المحافظية الرحيمة، وهي عبارة لم يكررها كثيراً كما هي عادته في تكرار عبارات ينتقيها له مستشاروه أو كتـّاب الخطابات speech writers ليلقيها عدة مرات في اليوم الواحد هنا وهناك، فخوراً بها، وعيناه تقولان للجمهور: أنظروا، أنا أعرف هذه الكلمات!
لكن بُش سحب هذه العبارة، ويبدو أن بعض مستشاريه كانوا أذكى من مستشاري ثاتشر فأشاروا بضرورة سحب العبارة التي تدين المحافظين قبله، بضمنهم السيد الرئيس الوالد، بنعتهم بالقساة!
عبد الكريم قاسم إتهم اليسار العراقي بالفوضوية، لكن كانت له مساهمات لا مثيل لها في فوضى العراق تلك الأيام! فقد أطلق الكلاب السائبة والذئاب وأيتام نوري السعيد والاقطاع والبعثيين لينفذوا أكبر حملة إضطهاد واغتيالات حتى ذلك الحين، دامت ثلاث سنوات ونصف، و"انتهت" بفاشية دموية عاتية دامت تسعة أشهر وتسعة أيام، كان هو من أولى ضحاياها.
كان يردد عبارته المفضلة التي صاغها بنفسه وهي "الديمقراطية النبيلة"، التي أدانت كل الديمقراطيات الأخرى، غير النبيلة، ومهدت السبيل لانقلاب البعث الفاشي في شباط 1963.
عبد الرحمن البزاز، بعد ذلك بأقل من أربع سنوات، صاغ عبارته الشهيرة "الإشتراكية الرشيدة"، طبقها لبضعة أشهر وبزَّ بها كل الاشتراكيات التي تفتقد الرشد لكونها "مبادئ مستوردة"!
إنهم يصوغون العبارات في كل بلد في العالم، وحسب ظروف البلد والعالم، وإذا قرأنا التاريخ بتفصيل ٍكافٍ سنجد أن هذه العبارات تتكرر هنا وهناك، بشكل أو بآخر، وهي كثيرة يصعب إحصاؤها، منها ما يكون تافه المعنى، ومنها ما يبعث على السخرية، ومنها ما يكون مبالغاً به فيأتي على شكل نكتة "بايخة"، لا تبعث حتى على الابتسام، كعبارة جون مَيْجَرْ John Major خليفة ثاتشر،
"المجتمع اللاطبقي" Classless Society الذي أراد بناءه لبريطانيا! لكن مجتمعه اللاطبقي لم يلبث أن إنهارَ أمام التساؤلات التي وجهها دَنِسْ سْكِنـَرْ، النائب العمالي، وتعليقاته اللاذعة، كان أحدها ما يلي:
It is one of the daftest things that the Prime Minister has said.
. (*بعض التفاصيل أدناه)!
العبارات الجاهزة الصوغ موضوع مهم ينبغي أن يحظى بعناية أكبر لأسباب، منها:
1- العبارات مؤشرات سياسية مركزة، وما يصدر منها من القادة البورجوازيين وكبار الرأسماليين تعني نقائضها تماماً! فما عليك إلا إعتبار عكس مفاهيمها لتقترب من بعض الحقائق!
2- من الممكن تطبيق هذا المبدأ ليشمل صلب السياسة كالأحزاب السياسية والدول: تشكيلها، سياساتها، أسماؤها، شعاراتها؛ مثلاًً، أولاً، حزب العمل القومي "الاشتراكي" الألماني (النازي) وأمثاله – في مواجهة الأحزاب الشيوعية في ألمانيا وأوربا. ثانياً، حزب البعث العربي "الاشتراكي" في مواجهة الأحزاب الشيوعية العربية في بعض الدول المهمة كالعراق؛ ثالثاً، "الاشتراكية" الدولية في مواجهة الأممية..وهكذا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
• في الإنجليزية، قد تكون العبارة المصاغة مقفـّاة ً، كما في العربية، ووبخلاف ذلك قد تبدأ بنفس الصوت. لاحظ عناوين بعض الأخبار على السي أن أن، أو البي بي سي وستجد أنها مصاغة بحيث يكون لها وقع موسيقي على الأذن.
*Mr. Skinner : My hon. Friend used to be a teacher, so he knows about that.
Examples of exploitation are to be found in every walk of life and it is the job of Labour Members to represent the exploited. Conservative Members represent the bosses. That is why the new Prime Minister s talk of a classless society is such nonsense. What a joke. Whoever heard of a Tory Member wanting a classless society? If the right hon. Gentleman is to achieve a classless society, he must get rid of the royal family. If he wants a classless society, he must get rid of the House of Lords, yet the Conservatives prop it up ; there are four Tory members to every Labour member. I believe in abolishing the House of Lords and I shall be happy to support the Prime Minister if he wants to abolish it. But he ain t going to do it. He is trotting out generalisations which mean nothing.
If the Prime Minister wants a classless society, he must get rid of all the private beds in the national health service. In a classless society, we cannot have tax breaks for the wealthy, or an honours list. In a classless society, we cannot give people the privilege of sending their kids to public schools and have the ordinary taxpayer foot the bill.
Mrs. Gorman : In a really classless society, people would keep their money and be able to buy private education instead of putting up with the rotten lousy state stuff in socialist-controlled inner cities. People would be able to buy health care in place of some of the stuff doled out in the state-controlled health service and they would all be properly housed because we would have an effective and healthy private housing sector-- something that the Labour party has been opposing for as long as I can remember.
Mr. Skinner : The hon. Lady has spelt out her idea of a classless society. It is about jumping the queue and about privilege. It is about people lining their pockets and leaving people down there in the gutter to fend for themselves. The hon. Lady has made it clear where she stands. In a classless society, she would have trouble looking after the Wimbledon ticket touts because there would not be any. Everyone would have a ticket to Wimbledon. When the revolution starts under the new Prime Minister s regime, everybody will have a ticket to the Henley regatta. It is a joke. It is one of the daftest things that the Prime Minister has said. Mind you, Mr. Deputy Speaker, he has been in
#عبدالله_الداخل (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟