|
ألفنّانة الغنائيّة كاميليا جبران، المرأة الحالة، اختلاف في تاريخ المشهد الفلسطيني
رجاء بكريّة
الحوار المتمدن-العدد: 2882 - 2010 / 1 / 8 - 20:12
المحور:
الادب والفن
ألفنّانة الغنائيّة كاميليا جبران، ألمرأة الحالة اختلاف في تاريخ المشهد الغنائي الفلسطيني كتابة: رجاء بكريّة
هل تذكرون دوخان الرّوح؟ هو الّذي يأخذكم حين تستمعون إليها. إمرأة تلعب بأصابع روحها على وتر العود كما يلعب الثّلج أيّام البرد بأبيضه على غصن الشّجر وينثره ألقا. كاميليا جبران ألصّوت الحالة. قبل أيّام عرض على منصّة الأودوتوريوم في حبفا أمسية خاصّة بالفنّانة الغنائيّة المغتربة كاميليا جبران. غصّت القاعة بالحضور، وكان يجب أن ننتظر لنتأكّد أنّها هي صاحبة آلصّوت المختلف المغتربة المقيمة كاميليا جبران. ورغم أنّ الفنّ آلغنائي آلفلسطيني يشهد نهضة نسبية إلا أنّنا للآن لا نستطيع أن ندّعي أنّ التّجربة الغنائيّة النّسائيّة خصوصا، والفلسطينيّة عموما قد فرضت حيّزها التّاريخي والجغرافي بشكل واضح. لكن من المهم أن نؤكّد في هذه العجالة أنّنا أمام تجربة نوعيّة مختلفة. ولعلّنا حين نذكر الغناء النِّسائي في الدّاخل آلفلسطيني نستذكر تجربتين ملفتتين هما، أمل مرقس وريم بنّا، لكنّ الحقيقة أنّ استذكارهما أمام صوت يشتغل على الكلمة بمثل ما يشتغل على جدائل غيمة يخبرنا كم تبدو المغامرة في إيقاعات الرّوح مشروع جماعي له نكهته وتفرّده. فمرقس وبنّا خصوصا تناوران المألوف وجبران تناور المختلف كي تفتن وترها أوّلا. ومرقس تحديدا تقليديّة الصّوت والأداء، وغالبا تخشى المغامرة في مشاريعها الغنائيّة وتحرص على انتشاء الحضور من خامة صوتها أكثر ممّا تحرض على قلب معادلة الإنتشاء، ولديها من فيض الرّوح أثناء توزيع اللّحن بما لا يترك مجالا لجرأة المغايرة. إنّها مغنيّة تعشق التراث ومرجعيّاته ويمسك بها أكثر ممّا تمسك هي به ولذلك من الصّعب أن نراها بعيدة عن أصوله، في حين يحافظ صوت ريم بنّا على أحاديّة النبرة ، والإيقاع الواحد، ومهما بدّلت في مناحي صوتها يظلّ يمشي بخط مستقيم نحو المحاولة. وأعني أنّ ألحانها لا تزال تؤسّس لمشروع تجربة ورغم أنّنا نعثر على مستوى عال من الجماليّة في أدائها إلا أنّ أبعاد صوتها تظلّ محدودة، ولأنّها تدرك هذه الحقيقة جيّدا تلجأ إلى الألحان الوتريّة الخفيفة وتصبو إلى المحافظة على نقاء الأداء، فالإيقاع العالي يودي بلحنها ويضيّعه. أحيانا تحاول الوصول إلى طوق المختلف لكن محدوديّة الحنجرة لا توفّر لها مساحة تكفي لذلك، ومغامراتها إذا شئنا أن نطرحها هنا تظلّ في حدود الممكن. وقد نأخذ عليها مسألة واحدة تكمن بعدم حرصها على تبديل مصادر نصوصها الشّعريّة فهي غالبا للشّاعرة زهيرة صبّاغ، وألحانها غالبا تستقيها من مصدر واحد هو العازف الرّوسي ليونيد. وأن يأخذ الفنّان مسارا واحدا في ألحانه ونصوصه أمر يستحقّ أن نطرحه للتّساؤل، وإذا كنّا نقيس تميّز الفنّ بقدر تجاوزه للّحن الواحد والكلمة المتشابهة فأين يمكن أن نضع التّجارب الغنائيّة الفلسطينيّة النّسائيّة في الدّاخل أمام هذه الحقائق؟ يضع الفنّانون الغنائيّون مشاريعهم الغنائيّة في مأزق حقيقي حين يتركون ألحانهم معتقلة داخل النّبرة آلواحدة، وآلكلمة آلواحدة وآللّحن آلواحد، ويتجنّون على مجمل تجربتهم الصّوتيّة، فنحن لا نكاد نعرف أين نضع مساحة آلإرتطام آلحقيقيّة بين آلأصل وآلمبتكر، ذلك لأنّنا على أمل دائم بأن تحقّق ألحانهم الجديدة منسوبا عاليا من الإثارة والدوّخان لأرواحنا قبل مكاننا. بين منسوب التّقليدي العالي ومحدوديّة الصّوت نعثر على كاميليا جبران كي نؤمن بأنّ تجربة الصّوت لا تزال على قيد المرونة. والجميل فيما تقدّمه جبران صناعتها الذّاتيّة للّحن، والقدرة على آلمغامرة. والمغامرة، هي أقلّ وسام يمكن أن نرعفه على صوتها، صوتها مغامر بكلّ ما تعنيه الكلمة من معنى، وينعف اللّحن بسهولة وشفافيّة بالغة مصدرها آلرّأس والقلب معاً، أبعاده منافذ الرّوح، كأنّ النّغم يصير قطع ضوء تتبعثر مع الوتر فوق رؤوس الحضور وبين أكتافهم. لقد عشنا تجربة غنيّة، وغامرنا بأرواحنا مثلها كي نجرّب أن نكون بعض لحنها. لعلّها فكرة الإغتراب تهيّىء لها هذه المساحة العالية من الحنين للمدن الّتي تطأها مجدّدا كأنّها المرّة الأولى، تفرش لها زهرا من أرصفة الحنين وشوقا لمعانقة الغيم. نعم حين يعانق الصّوت همس الغيم يصبح شفافا ومعبّأ بالرّغبة، كلّ رغبة. هكذا قرأنا درويش وسمعنا أصوات قوافيه وهو بعيد. صحيح أنّها خصوصيّة رأينا فيما حدث ولكنّنا نعتبر الغربة وسادة الخلق. هكذا يصبح الفنّ تميّزا وتجاوزا. وعليه أرجو أن تتذكّروا هذا الصّوت، كاميليا جبران، إنّه فكرة تجاوز للمألوف الفلسطيني في صناعة الوطن. وطن بآتّساع قصيدة. وجبران تؤسّس فكرة بناء لوطن من ذهب الحلم. لعلّه قدر الفلسطيني أن يظلّ ذهب واقعه في حلم مسافر خلف غيم. لكن يجوز لنا في عجالة هذه المداخلة أن نتمنّى عليها التنويع في مصادر الكلمة المُغنّاة، إنّها تسوّر روحها حين تلتزم بمصدر شعريٍّ واحد أو اثنين، وتغلق على منافذ طيرانها إلى بلاد الوطن حين تكتفي بأناملها لتوزيع اللّحن. نحن نعتقد أنّ مغامرة هذه التّجربة تصبح أكثر تفرّدا حين تعتدي على تجارب ملحّنين سواها. هكذا سيصبح التفرّد أكثر خصوصيّة وحضورا.
روائيّة وتشكيليّة فلسطينيّة، حيفا
#رجاء_بكريّة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التيوليب
-
قصّة قصيرة ... باهرة
-
قصّة مداريّة
المزيد.....
-
مهرجان الأفلام الوثائقية لـRT -زمن أبطالنا- ينطلق في صربيا ب
...
-
فوز الشاعر اللبناني شربل داغر بجائزة أبو القاسم الشابي في تو
...
-
الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية
-
متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟
-
فنان أمريكي شهير يكشف عن مثليته الجنسية
-
موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
-
مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
-
إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
-
الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
-
يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|