أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - صباح كنجي - شجاعة مجهول














المزيد.....

شجاعة مجهول


صباح كنجي

الحوار المتمدن-العدد: 2882 - 2010 / 1 / 8 - 13:51
المحور: كتابات ساخرة
    



انطلقنا نتوجه إلى قرية (بانيا تعل) الصغيرة التي يسكنها عدد قليل العوائل بينهم عائلة المدعو (محو* قشولي) وهو من الشخصيات الظريفة في المنطقة وعرف عنه رغم إصابته بمرض جلدي مزمن في وجهه حبه الشديد للحديث المتواصل بلا انقطاع، إذ كانت لديه الإمكانية للانتقال من حديث لآخر لساعاتٍ طويلة دون فسح المجال لأحدٍ بالمشاركة في الحوار.. لم يكن باستطاعة احد انتزاع الفرصة منه للحديث إلاّ بيبو الخورزاني الذي كان يضغط على يد محو بين الحين والآخر ويقول له بحزم:
ـ قف انتهت فترة حديثك.. الآن عليكَ أن تسمعني.. فقط بهذه الطريقة كان يمكن للمرء أن يتحدث في حضرة محو القشولي الذي ذاع صيته بين القرى الممتدة بين اتروش و مصيف سواره توكة..
الآن نقتربُ من الدخول إلى القرية المبعثرة بيوتها حول المدرسة.. كنا نسير على شكل رتل يفصل بين الواحد والآخر أكثر من ثلاثين متراً تحسباً لأية حالة طارئة قد نواجهها بحكم وقوع البيوت في أطراف الشارع العسكري الذي كان ذات يوم موقعاً للواءٍ يُعسكر في قرية بلمباص القريبة.. كنتُ قد سمعتُ الكثير من القصص والحكايات عن محو قشولي لكنني لم التقي به.. شاهدته ذات مرة يراجع طبيبنا إذ مَرَّ بنا وتجاوزنا دون توقف كأنه واحد من الأنصار..
بالقرب من المدرسة شاهدنا مجموعة من الرجال على شكل حلقة يتوسطها محو قشولي.. تقدمنا نحوهم.. حييناهم.. كان الجميع منهمكين في سماع ما يرويهِ محو لهم بانتباهٍ وعلامات الجدية والحزن بادية عليهم... استنتجتُ من خلال ردهم السريع على تحيتنا وهم يواصلون الإصغاء غير مكترثين بوجودنا إنهم يواجهون موقفاً خاصاً قد يكون في الأمر ما لا نعرفهُ لذلكَ طلبتُ من الأنصار الانتشار والانتظار لحين استكمال محو لحديثه المهم مع المجموعة التي تحيط به... وانضممت إليهم استمعُ بجدية لما كان يروى..
قال محو مواصلا ً حديثه:
ـ شجاعته لا تقارن.. دائماً كان يسير في المقدمةِ.. في الليل لا نطمأن إلا إذا كان معنا.. أما في النهار فتراهُ ينتقلُ من زاوية لأخرى، لا يتعبُ ولا يكلُ من الحراسة.. كان بإمكاننا أن نطمأن لحراسته وننام بهدوءٍ.. وعند حدوث أي طارئ يوقظنا بأسرع ما يكون.. هكذا كان دائماً، في أصعب الظروف لا يبارحنا، لا يهتمُ لقصف المدفعية أو صوت الرصاص..
استمر محو في حديثة يعددُ مناقبهُ وصفاتهُ وهو يرددُ بألمٍ وحزنٍ لقد فارقنا للأسف من ذلك الوقت للأبد.. كان يوما ًحزينا ً بل في غاية الحزن حينما افتقدناهُ وخسرناهُ.. لقد ودعته كابن من أبنائي.. حزني عليه لا يوصف.. وهم يثنون على ما يقوله ويزيدون في القول والوصف بالتأكيد على جرأته وشجاعته وإقدامه على مهاجمة الأعداء والخصوم بلا ترددٍ كأنه لا يعرف الخوف.. لا بل أن الخوف مشطوب من قاموسه..
تيقنتُ أن محو قشولي ومن معه، يتحدثون بهذه الأوصاف، عن احد الأنصار من البيشمركة، واستنتجتُ، لربما يكون قد أستشهد حديثاً، ونحن لا ندري، مما حفزني للاستفسار، بعد أن طال الحديث، دون أن أدرك عمَن يتحدثون.
كنت انوي أن استفسر منهم عن الفقيد واسمه واتهيأ لتقديم التعازي لهم.. لكنّ احدهم حدسَ ما ينتابني من حيرةٍ .. هَمَسَ لي بهدوء ليكشف لي عن المصاب الجلل.. محو يتحدثُ عن كلبه الأسود الذي مات قبل يومين!!..
صباح كنجي
___________
مقتطف من كتاب يعده الكاتب بعنوان حكايا الأنصار والجبل


* محو هو اسم التصغير في اللغة الكردية لمحمد



#صباح_كنجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لغزُ الهدف..!
- أم جمعة
- رمزي
- أيّها الشيوعيون لهذه الأسباب -لنْ انتخب قائمتكم-.!!
- في منتصف الطريق..
- الصورة وذاكرة الحدث قيس شاكر
- صومُ رمضان يكشفُ زيفَ ونفاق -المؤمنين-
- بالمختصر..3 مشهد.. كنتمْ خيرُ امةٍ اخرجتْ للناس ِ!!
- حوار عن البيئة مع الدكتور الشذر
- بالمختصر..2
- بالمختصر
- الموصل أم شعب الموصل؟.. نقاش في السياسة مع البروفيسور سيار ا ...
- من ذاكرة الشيوعيين العراقيين في بحزاني..2
- من ذاكرة الشيوعيين في بحزاني ...
- طين النار - مهداة إلى ذكرى جمعة حاجي كنجي
- الحزب الشيوعي العراقي يساهم في غزو الكويت..!
- افتحوا الأبواب لعبير الناصرية المتجهِ للبرلمان الأوربي..
- البعدُ الميثولوجي في ..
- عراقيون من زمن ِ أهل ِ الكهفِ سينتخبونْ..!!
- الفرحُ الحزين في زمن إرهاب الدين ..!


المزيد.....




- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...
- بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
- تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - صباح كنجي - شجاعة مجهول