|
و هل يوجد في السودان ذهبا ً ...؟
ايليا ارومي كوكو
الحوار المتمدن-العدد: 2881 - 2010 / 1 / 7 - 21:58
المحور:
الادب والفن
قصة قصيرة
أرض سودانية «تتفجر» ذهباً... وغرائب توجهت جموع غفيرة من السودانيين، من ولايات عدة، إلى ولاية نهر النيل حالمة بقطعة ولو صغيرة من «الذهب» الذي اشيع أخيراً انه شمال السودان)،) اكتشف بكثرة في وديان المنطقة، ليس في باطن الأرض، ولكن على سطحها بمناسبة اكتشاف الذهب في عدة مناطق و في مختلف ولايات السودان اعيد نشر هذه القصة .. فقد كتبت القصة في وقت سابق و في مناسبة مختلفة .. لكنني اجد كثير من أوجهة التشابه و ربما التطابق ما بين القصة الخيالية و الحياة الواقعية في مسرح الاحداث في السودان .. ففي الخيال سبر للحقيقة و بعض الحقيقة أدهي من الخيال ... !! في ايامنا و نحن تلاميذ صغار في المدارس الابتدائيه درسنا في تاريخ السودان عن حملة وغزوة محمد علي باشا علي السودان .. كان في مخيلة محمد علي باشا ، هدفين اساسين دفعته الي قيادة احدي اكبر الحملات التاريخية التي غزت السودان .. فالهدف الاول الذي شغل عقل الرجل و أرق مضجعه هو الحصول علي الرجال السمر او السود الاقويا ان شئت لتجنيدهم في جيش مملكته .. فقد تأكد للباشا خصال و صفات يتمتع بها الجندي او الرجل السوداني و تميزه دون نظيره المصري بصلابة العود وقوة الشكيمة .. كانت طموحات محمد علي باشا التوسعية تتطلع الي بناء امبرطورية عظيمة يحرس حدودها ومداخلها و مخارجها جيوش و جنود اشاوس مخضرمين لا يهابون القتال بل يواجهون الموت و صدور مكشوفة ليحيا السلطان .. اما هدف محمد علي باشا الثاني فهو الاستيلاء علي مناجم الذهب السوداني الغالي النفيس و الخمج السائب .. و الذهب في حياة الملوك والسلاطين هو الثروة و الغني وهو الجاه و القوة .. عند أصحاب القصور و السرايات هو التعبير عن العزة و الدلال وحسن الحال ورغد العيش و نعيم الدنيا و بهجتها .. و اجزم بان امنيات محمد علي باشا احلام يقظته لم تتحقق .. و لم ينل ما اراد ورغب في التجيش و التجنيد ..و للأسف الشديد لم اعثر علي ارقام رسمية توضح كميات اطنان و قراريط من الذهب السوداني الذي شون وشحن الي مصر في عهود أولئك البشوات .. و من يدري بيوم سيجيء يطالب فيه السودانيين بأسترجاع جميع ثرواتهم لدي الغزاة من المحتلين و المستعمرين القدامي و الجدد .. هل يوجد ذهبا في السودان.. ؟ سيظل هذا الاستفهام مطروحاً وبلا جواب للسواد الاعظم من السودانيين .. فقريبي الذي عاد الي السودان في الاشهر القليلة الماضية بعد غربة و غياب امتدت لنحو ربع قرن من الزمان .. فقد اجبرت حرب الخليج الثانية علي مغادرة عراق صدام حسين و الرحيل علي عجل من بغدادها .. و لان السودان لم يكن بالخيار الافضل للسودانيين في دول الاغتراب و اللجوء و المهاجر و المنافي البعدة .. استقر أخي و أبن خالي في عمان عاصمة المملكة الاردنية الهاشميه لاكثر من عقد وقد طابت له الاقامة في المملكة قبلة المرضي السودانيين من عليا القوم الاغنياء الاثرياء .. لكنة اخيراً عاد الي أرض الوطن مضطراً و بقناعات ناقصة .. و في رحلته الاخيرة الي عروس البحر بورتسودان ضمن رحلاته الكثيرة لمدن السودن الكبيرة لمعاودة الاهل بعد طول سنين الفراق و حرارة الاشواق .. حدثني قريبي هذا بأنه و هو في بورتسودان تمكن من زيارة ابنة عمته في بيتها مرتين .. في المرة الاولي لم يحظ بلقاء زوجها لكنه لم يسألها عن سر غيابه و تأخره في العمل .. و في المرة الثانية بادرها قائلاً : كنت اتمني أن أري زوجك قبل سفري و الظاهر انني سوف لن اقابله .. أين يعمل زوجك ..؟ ردته قريبته بزهو قائلة : زوجي يعمل خارج مدينة بورتسودان فهو يعمل في مناجم الذهب بأرياب .. و باستغراب و اندهاش و ذهول و حيرةً سألها : هو في السودان في دهب .. ؟ و بدوري سألت قريبي قائلاً : ألم تر في حالة اختك و في ضع بيتها ووجوه اولادها ما يشي او ينم و يشير بأن في السودان ذهباً و مناجم يعمل فيها صهرك .. لم انتظر رداً من قريبي فمواصلت كلامي شارحاً له ارياب و الذهب و الشركة الفرنسية التي تعمل حصرياً في الذهب السوداني... قلت له : في مناجم الذهب بأرياب يعمل الكثيرين اخوانك و بعض اقاربك لاكثر من عشرين عام .. و من يدري غداً سيتركون العمل بالمناجم طوعاً او يستغني عنهم و من اعمالهم.. حتماً سيرثون من جراء عملهم بعض مضاعفات المناجم يعلم بها الله و هم غافلون .. أرجو ان يحظوا من عملهم في الذهب بنعيمها و رغد عيشها و مظاهر ثرائها .. أين تذهب اموال الذهب السوداني ؟ سؤال بديهي يتبادر الي ذهن كل سوداني عندما يعلم بأن في السودان ذهباً بكميات مقدرة تصدر سنويا ً الي فرنسا سعيدة الحظ .. فشقروات باريس تزين صدورهن و يطوقن اعناقهن بسبائك و اقراط من ذهب السودان .. بينما امراض السل اللعين و الكلازار يسري ينتشر فيه دماء اطفال و نساء البجا و الهدندوه و البني عامر و كثيرين غيرهم .. و للعلم فالسل و الكلازار هي امراض الفقر و الجوع .. ذهب ارياب أين يذهب ... ؟ و أهلنا في التخوم و الروابي و الجبال المحيطة بأرياب في حاجة وعوز و فقر مدقع .. الشرق الغني بذهب ارياب و ميناء بورتسودان والبحر الاحمر العظيم ، يقيم فيه فقر و بؤس ، شقاء و سل .. سكان شرقنا الحبيب عيونهم في الشركات الفرنسية تستخرج و تنقل الذهب من اراضهيم .. لكنهم لا يملكون قيمة دواء لداء السل الذ ينهش صدورهم .. سفن فرنسا التي تفرغ شحن الذهب في مرسيليا .. هذه السفن لا ترسو علي مواني البحر الاحمر و هي محملة بخيرات باريس و و هي لا تجلب بأحسانات اثريائها الي بورتسودان لينعم أهل الشرق بالصحة و العافية و الحياة الكريمة .. !!
#ايليا_ارومي_كوكو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اخيراً المشورة الشعبية علي طاولة البرلمان
-
درجة العنف في ممارسات ختان الاناث ..!!
-
احمد ابراهيم الطاهر الوطني السوداني .. !!
-
الهادي حامد :يكتشف بعد ثلاثين عاماً نزع أحدي كليتيه ...!!
-
( حلايب ) نقطة الضعف في العلاقات السودانية المصرية .. ( 3 )
-
( حلايب ) نقطة الضعف في العلاقات السودانية المصرية .. ( 1 )
-
دولتي السودان تلوحان في الافق ..!!
-
الزعيم جون قرنق في الخالدين : ( ذكري تدوم و أمال تخيب و تترا
...
-
اين تذهب عائدات البترول السوداني ... ؟
-
أين تذهب عائدات البترول السوداني ... ؟
-
في يوم الام
المزيد.....
-
أموريم -الشاعر- وقدرته على التواصل مع لاعبي مانشستر يونايتد
...
-
الكتب عنوان معركة جديدة بين شركات الذكاء الاصطناعي والناشرين
...
-
-لي يدان لأكتب-.. باكورة مشروع -غزة تكتب- بأقلام غزية
-
انطلاق النسخة السابعة من معرض الكتاب الفني
-
مهرجان الأفلام الوثائقية لـRT -زمن أبطالنا- ينطلق في صربيا ب
...
-
فوز الشاعر اللبناني شربل داغر بجائزة أبو القاسم الشابي في تو
...
-
الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية
-
متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟
-
فنان أمريكي شهير يكشف عن مثليته الجنسية
-
موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|