حميد غني جعفر
الحوار المتمدن-العدد: 2881 - 2010 / 1 / 7 - 13:39
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
حظى انقلاب (عبدالسلام عارف) – على شركاءه البعثين – في (18) تشرين الثاني 1963 بالترحيب والارتياح من اوساط احتكارات النفط العالميه , بعد ان فشلت تلك الاوساط من تحقيق اهدافها المخططه والمرسومه لانقلابيي شباط الاسود , بفعل انشغال الانقلابين – بعثين وقوميين-بالصراعات والتناقضات والمواجهات العنيفه فيما بينهم على المغانم ..
ولذا وجدت الاوساط الراسماليه الاحتكاريه وعلى راسها امريكا في شخص (عارف ) وشلة الضباط الذين معه من دعاة الوحده الشامله , الامل في تحقيق اهدافها الاستعماريه المرسومه وقد عولت – امريكا – على شخص (عارف) لسببين الاول , هو قرب (عارف ) من (عبد الناصر ) حليفها وشريكها في سلسلة المؤامرات الدنيئه على الثوره العراقيه التحرريه (14 تموز ) بهدف اعادة (الحصان الجامح ) كما اسمته احدى الصحف البرطانيه حينذاك , الى حضيرة الغرب الامبريالي , من خلال تصفية القوى الديمقراطيه اليساريه والحزب الشيوعي العراقي ( الاعداء الالداء ) للغرب ,....فقد كانت امريكا على ادراك تام بمدى تأثر ( عارف ) بشخص (عبد الناصر ) وخضوعه لتوجهاته المعاديه الديقراطيه والشيوعيه , والسبب الثاني ما تتسم به شخصية ( عارف ) من طيش وتهور وليس له من فكر سياسي واضح الا .. عواطف ساذجه ولا عقلانيه تجاه الوحده العربيه , فهو لا يفهم حتى الاسس او المستلزمات التي يفترض ان تقوم عليها الوحده .. ويعبرو شاعر العرب الاكبر الاستاذ ( محمد مهدي الجواهري ) في احدى روائعه عن شخص (عارف ) قائلا
يا عبد حرب وعدو السلام
ياخزي من زكى وصلى وصام
ياسبة الحجيج في ارض الحرام
يا ابن الخنا ....................
بهاتين البيتين من رائعة الجواهري , تتضح لشبيبتنا الصوره الحقيقيه لواقع حال الحكام الذين تولوا الحكم في العراق (من بعثين وقومين ) بعد اغتيال ثورة تموز الاولى , ولتعي شبيبتنا عمق مأساة شعبنا وبلادنا على ايدي مثل هذه النكرات التي جلبت لشعبنا وبلادنا المحن والكوارث والدمار والخراب وضياع مستقبلها , وعلى هذا ابدت امريكا ارتياحها بانقلاب (تشرين الثاني ) اذ كتب السفير الامريكي في بغداد برقية الى وزارة خارجية بلاده في (24 اذار 1964 ) يختتمها بالقول (ان حكومة العراق نظام معتدل , وهي لاتدع للقضيه الفلسطينيه ان تدمر علاقات النفع المتبادل مع الولايات المتحده , وتتونقع العراقيه منافع اقتصاديه وتقنيه مستمرة ومتزايده من الولايات التحدة ) هذا ما كتبه السفير الامريكي ,يكشف بوضوح مدى تهافت حكام العراق , بل وكل حكام العرب على خدمة المصالح الامريكيه , على الضد من مصالح شعوبهم والمصالح القوميه العليا , بجعل قضية فلسطين تجارة رائجه لكسب عواطف السذج من الناس .
لكن الحقيقه وكما هو معروف فأن الذي يجمع بين امريكا وهؤلاء الحكام الصعاليك هو العداء للشيوعيه والديمقراطيه .. وعلى هذا ظل عارف يواصل سياسة القمع وكبت الحريات ومعادة الديقراطيه وتصفية الحزب الشيوعي العراقي ( وفق ما تريده امريكا ) لكن وعلى الرغم من كل اساليب القمع البوليسيه ضد الشيوعيين والديمقراطيين فقد نهض الحزب الشيوعي من جديد واستطاع الوقوف على قدميه (بعد مجزرة شباط ) والتفت حوله جماهير الشعب ليقود النضال العنيد مع سائر القوى الوطنيه والديقراطيه للاطاحه بنظام عارف الامر الذي ارعب النظام العارفي وقد تجلى ذلك الرعب بوضوح في احد خطابات عارف الهستيريه اذ قال وهو في حالة ارباك شديد مخاطبا من حوله من اعوانه ومريديه محذرا اياهم بأن الشيوعيين قد رفعوا رؤسهم من جديد وهم يتحركون وينشطون وعليكم الاحتراس قبل الانتكاس .. هكذا كان عارف مرعوبا من تصاعد نضال الشعب العراقي بقيادة الحزب الشيوعي العراقي والقوى الديمقراطيه وكان عارف على يقين وعلم تام بمدى غضب الشعب وحقده المقدس عليه وعلى نظامه المتهرئ ومدى رفض الشعب له ولنظامه , وهذا ما تجلى ايضا في القصائد والردات الحسينيه في زيارة اربعينية الامام الحسين (ع) في كربلاء . اذ عبر العراقيون الابطال من الوطنيين الشرفاء بهذه الصرخه المدويه ....
مسلم .. مسلم... لا.. لا .. مومسلم
هم سفاح .. وهم مجرم.. خائن.. خائن
عبد السلام الخائن
واخرى
سجل يا امن .. وخبر مشيرك
لوثار الشعب ... شنهو مصيرك
وبالتاكيد فأن ازلامه من الامن والمخابرات الذين غصت بهم كربلاء في تلك الليله قد ابلغوه ببركان الغضب العراقي ...
واستمرعارف بنهجه المعادي للديمقراطيه , حتى لاقى حتفه في حادث احتراق طائرته في البصره , ولا زالت ظروف الحادث ومقتله غامضا الى يومنا هذا ....
ثم ورث الحكم من بعده اخيه (عبد الرحمن ) الذي سار على نهج اخيه في العداء لكل ما هو تقدمي وشريف ,, وكان الاختلاف بين الاخوين هو ان رئيس حكومة عارف الاول طاهر يحيى الذي اطلق عليه العراقيون لقب ( حرامي بغداد –او بنك انترا – اوابو فرهود ) اما حكومة عارف الثاني فهو شخصية مشبوهة بعلاقاتها وارتباطتها بالدوائر الاستعماريه ( عبد الرحمن البزاز ) والحصيله واحده بين الحرامي والمشبوه فما الذي يمكن للشعب العراقي ان ينتظر من هكذا حكومات او زهكذا زعامات ؟؟؟ لابد ان يتحفز للنضال الثوري من اجل التغيير .. وتصاعد نضال الشعب بقيادة قواه الديمقراطيه التقدميه وفي المقدمه الحزب الشيوعي العراقي الذي تصدر نضالات الشعب وقد التضحيات الجسام ,,وبفعل تصاعد هذا النضال الوطني اصبحت السلطه قاب قوسين او ادنى من السقوط .. اذ بلغت الحركه الجماهريه الواعيه ( اوج ذروتها) متحدية سياسة القمع البوليسي , فقد فازت القائمه الديمقراطيه في الانتخابات الطلابيه في جامعة بغداد عام (1967 ) ثم توالت الاضرابات والنضالات العماليه التي شاركت فيها جميع القوى الديقراطيه المعارضه للنظام , الا العفالقه الذين تطوعوا لكسر الاضرابات والنضالات العماليه بالتعاون مع اجهزة النظام القمعيه بقيادة احمد حسن البكر وصدام حسين .مع ان البكر كان قد اعلن براءته من البعث العميل ( بحسب قوله ) بعد انقلاب تشرين وقد نشرت براءته في الصحف المحليه حيذاك , وتجدر الاشارة هنا الى ان فوز القائمه الديمقراطيه الطلابيه قد اثار حفيظة القوى الرجعيه محلية وعربيه , واخذت اجهزة الاعلام المصريه المقرؤه والمسموعه تتباكى بدموع التماسيح على العروبه والاسلام ... ولازلت اتذكر ان رئيس جامع الازهر في القاهرة حيذاك قد ارسل برقية للرئيس عارف الثاني يعزيه فيها ويعزي الامه العربيه والاسلاميه بفوز قائمة الملحدين على حد قوله ......... وجاء عدوان ( الخامس ) من حزيران عام 1967 ليكشف اكثر فاكثر ضعف وهزال النظام العارفي وفشله في مواجهة المعركه القوميه الكبرى .. وتحفز الشعب لتشديد نضاله بقيادة قواه الديمقراطيه اليساريه ...
وشعرت الدوائر الاستعماريه بخطورة الموقف وان نظام عارف اصبح ( طير على سعفه ) كما يقال ,,
وخشية من سقوط النظام بيد القوى الديقراطيه اليساريه والشيوعيين سارعت الدوائر الاستعماريه وبالذات امريكا بالتحرك على الضباط من عملائها ومن داخل اجهزة النظام نفسه امثال ابراهيم الداود قائد الحرس الجمهوري وعبد الرزاق النايف معاون رئيس الاستخبارات العسكريه وسعدون غيدان قائد كتيبة دبابات القصر وعرض هؤلاء مشروعهم الانقلابي على عدد من الضباط من بينهم احمد حسن البكر ,, الذي طلب من النايف اعتقال الضباط البعثيين من الجناح الاخر (جماعة سوريا ) وزوده بقائمة باسماهم وتم اعتقالهم فعلا قبل تنفيذ الانقلاب ,, وفي فجر (17 تموز ) 1968 كان سعدون غيدان المكلف بحراسة القصر ومعه بعض من الضباط البعثيين ومنهم البكر وحردان التكريتي قد اتجهو الى عارف في مهجعه وايقضه وعرض عليه التنحي عن الحكم والاستسلام ولما رفض عارف , دوت اطلاقات الدوشكه في الجو فاستسلم عارف ...
هكذا وبهذه الطريقه كان الانقلاب البعثي الثاني ..صفقه من المساومات مع النصب والاحتيال اذ استطاع البكر وصدام من التخلص من ابراهيم الداود والنايف بعد بضعة ايام من الانقلاب ولذا سميت (ثورة 17 -30 تموز )
يتبع
#حميد_غني_جعفر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟