|
هل من المعقول ان نحتفل بعيد الجيش في هذا اليوم
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2879 - 2010 / 1 / 5 - 22:17
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
المناسبات الوطنية لها اهمية كبرى و طعم خاص لدى المواطن الذي يتنعم بوطن و ما فيه من معنى الكلمة الى جانب تمتعه بحقوق المواطنة و هو يشعر بان يؤدي واجباته من تلقاء نفسه، و بدافع قوي نابع من ايمانه يالوطن و استجابة منه لمشاعره الخاصة تجاه الموقع الذي يعيش فيه و ينتمي اليه بكل ما في كينونته من عقلية و شعور و احساس، و هذا ما نتلمسه بنسبة كبيرة في البلدان المتقدمة التي تتوفر فيها ما يحق للمواطن توفيره من كافة النواحي و بالاخص فيما يخص به و يجب ان يتوفر و هو من الاولويات ، من الحرية و الديموقراطية و توفير الخدمات العامة الضرورية. اما الدول النامية او المتاخرة و المتخلفة التي تتميز بما موجود فيها من العوائق التي تمنع ان تتميز بالعوامل التي تفرض و تزرع الحس الوطني و الشعور بالانتماء للوطن، فان المناسبات تكون مجرد عطل رسمية مفروضة من قبل السلطة و لن يتم فيها اية عملية تهم المواطن التي يمكن ان تربطه بالمناسبة اية شعور او احساس ذاتي ، و يتفرغ الفرد لاداء واجباته الخاصة دون اي تامل او شعور بخصوص المناسبة و التفكير في التعبير عما يجب ا يعمله او من المفروض ان يبدي من المواقف و العمل فيما يشعربه ويعبر عنه في كل مناسبة. تاسس الجيش العراقي في 6/1/1921 بامر و تنفيذ الحاكم البريطاني برسي كوكس و بفوج واحد سمي موسى الكاظم و حل و تفتت هذا الجيش بعد سقوط الدكتاتور و بشكل رسمي على يد الحاكم الامريكي بول بريمر في 24/5/2003 و كان جيشا جرارا قبل السقوط . و في ظل السلطة التي ادارها نفس الحاكم الامريكي قُرر تاسيس جيش العراقي الجديد في 7/8/2003 و تم ذلك بشروط متعددة و بما يتناسب مع العصر الجديد و التركيبة و الشكل الذي يميز العراق الجديد و ما يتميز به نظريا فقط، و هذا ما يوضحه الدستور في المادة التاسعة منه . من المفروض و كما هو في اكثرية بلدان العالم ، يجب ا يكون الجيش مؤسسة مهنية مستقلة تابعة للدولة و ليس له اي دخل في الصراعات السياسية الداخلية و بعيد عن الايديولوجية و التحزب و التكتل، اما ما نراه في بلداننا غير ذلك بالتمام و الكمال فتتصف هذه المؤسسة العسكرية الحساسة بما هو عكس المفروض ان تكون عليه من الصفات و المزايا الضرورية. و التاريخ يدلنا على ما اقدم عليه الجيش من التدخلات التي لم تكن من المصلحة العليا ان يتدخل فيها ، و اصبح اخيرا وفي زمن الدكتاتورية بالذات تابع مخذول لحزب و ايديولوجيا و دكتاتور و فقد كل صفة تخص الجيش من المهنية و الاخلاص للوطن و الشعب و القيم العليا للدولة ، و تحول الى الة بيد الدكتاتور لتنفيذ مرامه الشخصي و نزواته و مغامراته، الى ان الت الاوضاع الى ما نحن فيه اليوم. و على العكس من جيوش العالم، فلم يكن الجيش العراقي يتصف بالمقدار المطلوب من الاخلاقية المهنية و العسكرية و العهود و المواثيق المهة الخاصة بالشرف العسكري ، و لم يكن لديه اي موقف طيل ثمان عقود يمكن ان يفتخر به على المهامات التي اوكلت اليه و نفذها ، و كان دوما الة مطيعة و مخذولة بيد القائد الاول و الامر الناهي، و اخيرا و في زمن الدكتاتور اتسم بصفة شاذة عن حياة المؤسسات العسكرية و هي فرض الايديولوجيا الحزبية للحزب القائد الاوحد و فرضها على المنتمين بقوة السلاح و عمل و اصرً على عكس ما مطلوب منه ادبيا و اخلاقيا و فرض النظام الشمولي بالقوة المتاحة المتوفرة لديه و اصبح جيشا بعثيا و استحق الاجتثاث والحل . و تاريخ الجيش العراقي مليء بالنقاط السوداء لما اقدم عليه من قمع المعارضة و حتى الشعب البريء متى ما احس النظام بحركة و ان كانت سلمية، و اكثرالعمليات العسكرية المخيبة المشينة المذلة لوجه هذا الجيش العتيد اجريت في جنوب العراق و كوردستانه، و استخدامه للسلاح الكيميائي ضد شعبه اسود وجهه و غطاه بما لا يمكن ان يوصف بجيش مدافع عن مصالح الشعب. و لهذا لم يعد الشعب العراقي و بالاخص الفئات و الطوائف و الاعراق التي عانت على يد هذا الجيش ان يثق به الا اذا ثبت عمليا على ارض الواقع عكس ذلك، و للاسف و على ما يبدو لم يتعض هذا الجيش و القائمين على تاسيسه و تثبيته من جديد من العبرات و الدروس الماضية نظرا لما فيه من الية العمل و كيفية اداء الواجبات و التشكيلة و العلاقات عند مقارنته ببدايات تاسيس الجيش السابق، و هذا ما يفرض على المتتبع ان يضع امامه الشروط العديدة المختلفة و بنظام داخلي و سياسة عسكرية حاسمة لمنع تكرار ما حدث طيل العقود، و تجسيد استقلاليته من كافة النواحي، و الاهم منع تدخل الايديولوجيا في تسيير و ادارة الجيش و ما يقع تحت امرته. و بعد استحداث الجيش او تاسيسه من جديد لم تترسخ ارضية سليمة في جو طبيعي و وضع سياسي امن بل عاش العراق في تلك المرحلة المتنقلة و في ظل سيطرة الاحزاب و التيارات المتنوعة على السلطة و الحياة السياسية و الاجتماعية، فلم يكن الوضع مساعدا لبناء جيش مهني مستقل متكامل المواصفات و عصري و بما يتوافق مع المستجدات العالمية و العراقية ، بل انبثق الجيش الجديد في حال فرضت عليه شروط متعددة مما يدعنا ان نعتقد بانه مخترق كما هو حال الاجهزة الامنية و المؤسسات الاستخباراتية المدنية الحكومية الاخرى. ان العقلية المتجسدة على فكر و سلوك من يدير دفة السلطة و الحكم في العراق و ما يجب ان يكون فيه الجيش و المؤسسات الاخرى و الاعتقاد السائد بانه الوسيلة لقمع ما يحدث مما ليس لصالح من يعتلي السلطة داخليا ، و هو ما يسبب خللا كبيرا في ظروف و كيفية بناء الجيش بالذات، و جمع السلطات و الصلاحيات الكبيرة في مركز و موقع واحد يوفر ارضية لانفراد جهة و يسهل انبثاق نظام شمولي قمعي مهما كانت عقلية المدبر و الاداري و الجهة التي تدير الحكم . و عليه يجب ان يعاد النظر في كيفية تنظيم الجيش و ظروف اداء الواجبات و الاوامر الصادرة له و فيه داخليا. و ما هو عليه الجيش اليوم من حيث التركيب و التنظيم و الية العمل و النظام و المنهج المتبع لم يدعنا ان نتفائل كثيرا في ضمان مهنيته و استقلاليته و ابتعاده عن الاديولوجيا و الفكر و العقيدة الخاصة بالاتجاه او التيار او الحزب المسيطر على زمام الامور. و بما مر الشعب العراقي من المآسي و الويلات على يد الجيش العراقي السابق و الذي تاسس على يد دولة اجنبية و اليوم يتاسس بنفس الطريقة و الشكل، فهل من المعقول ان نطمئن و نحتفي به و نحتفل في نفس اليوم .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كيف يختار الناخب افضل مرشح في الانتخابات
-
ايران تغلي و ستكتمل الطبخة
-
المرحلة القادمة تقربنا خطوات من عملية قطع دابر الارهاب
-
استراتيجية عمل القوى السياسية في مجلس النواب القادم
-
تكمن المشكلة في استقلالية العمل او عدمها
-
لمن يصوت الكادح في الانتخابات البرلمانية المقبلة؟
-
هل المهرجانات تستنهض الثقافة العامة للمجتمع ؟
-
هل التصويت في الانتخابات القادمة يكون عقلانيا ؟
-
المحطة الحاسمة لتخطي الصعاب في العراق الجديد
-
لم يخسر الكورد في كوردستان تركيا شيئا
-
ما يحمله المتطرفون يزيحه العراق الجديد
-
الديموقراطية التركية امام مفترق الطرق
-
الحوار منبر لليسار الواقعي ايضا
-
استئصال البعث بمحو فلسفته ومضمونه و اثاره و ليس باشخاصه
-
الجهات السياسية بين الواقع و التغيير المطلوب
-
المعارضة البديلة للحكومة الاصيلة
-
من يستهدف الصحفيين في العراق ؟
-
النظر الى قضية الحوثيين بعيون انسانية بحتة
-
اعيد السؤال، لماذا أُرجيء التعداد العام لسكان العراق ؟!
-
ماطبقت في اليابان و المانيا لا يمكن تكرارها في العراق
المزيد.....
-
خبراء عسكريون يدرسون حطام صاروخ -أوريشنيك- في أوكرانيا
-
النيجر تطالب الاتحاد الأوروبي بسحب سفيره الحالي وتغييره في أ
...
-
أكبر عدد في يوم واحد.. -حزب الله- ينشر -الحصاد اليومي- لعملي
...
-
-هروب مستوطنين وآثار دمار واندلاع حرائق-.. -حزب الله- يعرض م
...
-
عالم سياسة نرويجي: الدعاية الغربية المعادية لروسيا قد تقود ا
...
-
إعلام: الجنود الأوكرانيون مستعدون لتقديم تنازلات إقليمية لوق
...
-
مصر.. حبس الداعية محمد أبو بكر وغرامة للإعلامية ميار الببلاو
...
-
وسائل إعلام: هوكشتاين هدد إسرائيل بانهاء جهود الوساطة
-
شهيدان بجنين والاحتلال يقتحم عدة بلدات بالضفة
-
فيديو اشتعال النيران في طائرة ركاب روسية بمطار تركي
المزيد.....
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
-
مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا
...
/ أبو الحسن سلام
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
المزيد.....
|